| العالم اليوم
لم يكن الفلسطينيون من الغباء بحيث يبتلعون طعم كلينتون ولا هم من السذاجة بحيث يقعون في الفخ الذي نصبه لهم، وإذا كان كلينتون يبحث عن مجد يودع به البيت الأبيض، وباراك يسعى لورقة انتخابية، فان عرفات لا يمكن ان يقدم على اغتيال حلم عمل من أجله طوال كل السنين الماضية بيده، ولكن لأن الفلسطينيين قد مهروا النضال السياسي مثلما أجادوا العمل الفدائي يوم كان عملاً فدائياً حقيقياً، فقد أقدموا على خوض عملية فدائية سياسية، لم يرفضوا مبادرة كلينتون منذ البداية، بل انهم وحتى الآن لم يعلنوا رفضهم القاطع للمبادرة، وبذلوا جهوداً حقيقية اولاً لمعرفة كل التفاصيل الدقيقة عن المبادرة، وعن الضمانات التي تحقق لهم الهدف الذي يسعون اليه منذ ان زرع الغرب والشرق اسرائيل في أرضهم واغتصب اليهود وطنهم، فبالأضافة الى المباحثات التي جرت في قاعدة بولنغ القريبة من واشنطن وحاول صائب عريقات وياسر عبد ربه ومحمد دحلان ان يحصلوا على إجابات محددة ويحصلوا على الضمانات المطلوبة إلا أنهم عادوا بخفي حنين، ومرة اخرى حاول الفلسطينيون اقتناص الفرصة وتجاوزوا كل الاحباط وكل الأفخاخ التي نصبها مستشارو كلينتون الذين حملوا ألقاب مستشاري السلام,, وكل حقول الألغام التي تناوب عليها رابين وبيريز ونتنياهو وباراك، وأرسلوا احمد قريع أحد صناع اتفاقيات اوسلو الى نيويورك حيث التقى امنون شاحاك وزير السياحة الاسرائيلي ويوسي غينوسار مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك، وظل احمد قريع يحاول ولثلاثة ايام من يوم الثلاثاء حتى يوم الخميس الاسبوع الماضي الا انه لم يستطع ان يتوصل معهم الى افكار مشتركة بشأن المبادرة، وقد يعود ذلك الى ان قريع لم يحط تماماً بالذي يمكن ان يوقع عليه الاسرائيليون، ومثلما خرج عريقات وعبد ربه ودحلان من قاعدة بولنغ، عاد قريع من نيويورك خالي الوفاض.
والمأزق الذي وصل إليه الفلسطينيون بعد كل ذلك خاصة بعد تعذر عقد قمة شرم الشيخ عبر عنه صائب عريقات، بعد ان رفضت امريكا اعطاء تفاصيل دقيقة عن مبادرة رئيس امريكا، ما لم يعلن الفلسطينيون موافقة مبدئية على المبادرة,,!!
عريقات تساءل والفلسطينيون والعرب جميعاً, وقد ينضم اليهم عدد كبير من اصحاب الضمائر الحية الذين لا تحركهم ضمائرهم لخدمة مصالح وتخفيف ما علق بتاريخهم من فضائح.
تساءل عريقات، كيف يمكن الحديث عن موافقة قبل الحصول على التفاصيل ومعرفة الخرائط، لأنه لا يمكن البحث في مسائل القدس والحدود والمستوطنات واللاجئين استناداً الى عموميات.
ولهذا يضيف عريقات لا هناك غموض في المبادرة لذلك لا يعقل ان تكون هناك اجابة من الطرف الفلسطيني,
وأضاف عريقات ان الموافقة الفلسطينية على المبادرة الامريكية المطروحة تبقى مرهونة بالحصول على ادق التفاصيل حول القضايا التي تضمنتها المبادرة الامريكية .
وأوضح عريقات ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وجه رسالة ثانية الى الرئيس الامريكي تتعلق بالاسئلة الفلسطينية بشأن المبادرة الامريكية المعروضة .
وهي الرسالة الثانية التي يرسلها عرفات الى الرئيس الامريكي لاستيضاحه بشأن المقترحات الامريكية المعروضة بهدف الوصول الى اتفاق فلسطيني اسرائيلي حسب المصادر الفلسطينية.
وإذا كان الفلسطينيون قد ربطوا اجاباتهم بالحصول على تفاصيل مبادرة كلينتون، فان العرب، او بالأصح المنظمة الجامعة للعرب، جامعة الدول العربية ابدت تحفظها ووصفها السفير محمد زكريا اسماعيل الأمين العام المساعد للشئون السياسية والدولية بالجامعة بأنها بمثابة قنابل موقوتة,, بالاضافة الى انها تتضمن غموضاً واضحاً وعموميات واسعة دائماً تفسر للطرف الآخر, مذكراً بتفسيرات القرار الدولي 242، حيث تحولت الأراضي الى ارض محتلة مما اعطى لإسرائيل الفرصة ان تأخذ ما تريد من الارض، ولا تنفذ ما يجب ان ينفذ بالانسحاب التام من جميع الاراضي العربية المحتلة, ومثلما استغرب عريقات اعلان القبول بالمبادرة قبل الاطلاع على تفاصيلها، استغرب مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية بل وحذر من ان المطالبة الامريكية للجانب الفلسطيني بالتوقيع على الاتفاق ثم مناقشة بنوده فيما بعد يعد لغماً لنسف المطالب الشرعية في القدس.
السفير محمد زكريا اسماعيل، اوضح نقطة قانونية قد تكون غابت على الكثيرين فالوثيقة الامريكية تفرق بين السيادة التي لا تقبل التجزئة وبين ما اسمته ب السيطرة الفعلية على المدينة.
ومع ان العرب سيبحثون المبادرة الامريكية يوم الخميس من خلال لجنة المتابعة التي شكلتها القمة العربية الطارئة الأخيرة التي عقدت في القاهرة وستصيغ موقفاً عربياً موحداً تجاه المبادرة إلا ان ما اظهره الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية من مثالب بتلك المبادرة لا يترك مجالاً لمعرفة الموقف العربي من مبادرة كلينتون؟
غداً موقف الاسرائيليين والامريكيين
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|