| الثقافية
يمر الشعر العربي الفصيح بمرحلة صعبة جدا وازمة معقدة وهو غير قادر ومن بداخله على تجاوز هذه العقبة التي احدثت ظلماً كبيراً لهذا الجزء من ثقافتنا العريقة وان لهذه الازمة اسباباً متعددة، السبب الاول والرئيسي له هو انتشار وسيطرة الشعر الشعبي، وكذلك المتلقي المعاصر يلعب دوره الكبير في استهلاكه للشعبي وابتعاده عن الفصيح كما لا نتجاهل ان لثورة المعلومات وتطور العصر سبباً في ابتعاد الناس عن كثير من مجالات الثقافة والشعر جزء منها, الابداع الحقيقي والتعمق الطويل في صناعة القصيدة بكل تمكن قد تلاشى الآن خلاف عصر من العصور الماضية وهذا سبب أيضا، فهل يمكن الآن ان تعيد ساحة الشعر توازنها وتستطيع ان توازي الشعبي أم أنها سوف تسير على هذا المنوال حتى تتلاشى قيمتها وتموت انتحاراً، وهل غموض القصيدة وقلة استيعابها من قبل المتلقي جعله يتهرب من الفصحى، حقيقة يقف الانسان متأملا لحال الشعر الفصيح وما هو فيه الآن من تفككات وتناقضات متناهية في ظل التوسع الشديد والانفتاح الكبير للشعر النبطي ويتمثل ذلك بتعدد الشعراء أو من خلال التسليط الاعلامي الضخم عبر المطبوعات والملاحق والبرامج المكثفة ضد الفصحى بجيشه وقواته الكبيرة، لا نريد ان نقف موقف المتفرج,, لما يحدث الآن نحاول ان نتلمس الاسباب وما هي الطرق المهيأة للوصول الى نتائج مرضية وناجحة بإذن الله حتى تتضح الرؤية الحقة ونعلن الانتصار, يقول الشاعر الكبير محمد الهندي رحمه الله والذي قدم نصه الشهير (موطني الصقر):
لو كنت,,,, اعرف ان الشعر العربي سوف يصل الى هذه المرحلة من عمره لم أكتب بيتاً من الشعر ولكن كان له صولاته وجولاته الى حد قريب جدا وان القضية انعكست سلبا، ويقول الشاعر والاذاعي المخضرم علي فرحات ان الشعر العربي في خريطة العرب الآن لم يندثر ولم يتشتت، فهو باقٍ وله رموزه وعشاقه سوى في منطقة الخليج فقط لكونها ذات ثروة باهظة بالشعر النبطي، نعم الشعر الفصيح له عشاقه ومحبوه في وطننا العربي ومثال على ذلك دولة لبنان الشقيقة التي تزخر بالعديد من الاسماء الكبيرة والنجوم المتألقة ولها روادها، أيضا عاصمة سوريا دمشق تعرف بالعديد من الشعراء الفطاحلة والذين أسهموا بشكل كبير في إثراء المكتبة الشعرية, والملاحظ ان هناك فارقا كبيرا بين النبطي والفصيح، هذا الفارق يكمن او يتمثل في تأصيل وحب الجمهور العربي بشكل عام للنبطي كلٌّ حسب بيئته واقليميته التي تتحكم في ابراز أحد الوانه وانواعه وانماطه المختلفة بسهولة استيعابه ودخوله لقلب المتلقي بطريقة سهلة جداً خلاف الفصيح الذي دائما ما يشكو القارئ والمتلقي من غموضه ودخول جمله وكلماته بشكل منبثق وعمق لغته ومعانيه، فإنه في هذه الحالة يحتار في امره ويبحث عن السهل الممتع وفي تصوري ان الثقافتين واقصد الشعبي والفصيح يسيران كل واحد منهما في طريق,, ومن الصعوبة التمامهما معاً أياً كانت الظروف، كان ذلك من خلال المتلقي او من خلال الشاعر او عبر القناة أو المطبوعة, هذان الطريقان اللذان يسلكهما شعراء كبار لاحظ ابداعهما كلٌّ في نمطه وسلوكه.
هذا الابداع لماذا لا يتوفر في شاعر ما ليبرز للمتلقي العزيز انه من الممكن مزجهما معاً وتقديمهما.
|
|
|
|
|