| عيد الجزيرة
* الدمام حسين بالحارث ظافر الدوسري - أبها سعيد آل جندب عبدالعزيز الشهراني سعيد الأحمري:
ارتبط العيد لدى المسلمين منذ القدم بالجديد، والثابت بأن ثوب العيد له طقوس خاصة وفرحة كبرى خاصة في الماضي, ولكن اختلفت تلك الطقوس واختلفت رحلة الرجل بحثاً عن ثوب العيد واعداده كما اختلفت الأذواق وتنوعت وتعددت, ونحن هنا نحاول من هذا التحقيق الذي أجريناه في كل من المنطقة الشرقية وأبها ان نجيب على السؤال الذي يقول: هل تغيرت فرحة الثوب الجديد أم ما زالت هي نفسها؟ كذلك نتطرق لأبرز المشاكل التي تواجه الخياط والزبون لحظة تفصيل الثوب.
وفي البداية لابد من القول بأن أجمل ما في هذا الموضوع هو ذكريات زمان وما حواها من تفاصيل وطرائف,نبدأ جولتنا من الشرقية حيث يقول المواطن حمدان بن زيد الشمري: قبل النفط كان الناس يعيشون على الكفاف ويجمعون قوتهم مما يكدون فيه عبر الرعي وتربية الحيوانات وكذلك الزراعة والحرف اليدوية وغيرها وكان دخل الناس بالكاد يكفيهم مؤونة الغذاء وبالتالي فان شراء الملابس أكثر من ثوب في العام مسألة ترفيه لدى الميسورين فما بالنا بالفقراء ومن هنا تنشأ تلك الفرحة الكبرى بثوب العيد بل العيد نفسه وهو الذي يجلب الثوب ولولاه لما أتى.
ويستطرد الشمري قائلاً: وعلى ذكر الطقوس فقد ذكر لي صديق من إحدى مناطق المملكة الجنوبية انهم قديماً كان الواحد منهم اذا حصل على ثوب فانه يدعسه برجله قبل ان يرتديه لأول مرة ويقول دعستك بالقدم وابليتك بالدسم وهكذا تبرز لك أهمية الثوب الذي يأتي الا وسابقه مرقع ومبقع من كل زاوية سيما وان الفقر كان شديداً خاصة في المناطق الصحراوية وتلك التي تعاني من شح الموارد الطبيعية وبالأخص الزراعة والبحر.
السواحلي مطلب ملح
أما المواطن محمد حسن ابراهيم الخضراوي وهو من منطقة القطيف فيقول: كان للعيد ثوب نسميه سواحلي يكون لونه عادة أبيض وتكتمل أناقته مع الغترة النيشو والطاقية ولكن الفقراء لا يعرفونه الا على سبيل الاقتراض حيث ان قيمة الثوب تبلغ قبل حوالي 50 سنة أي قبل اكتشاف النفط في المملكة ربية أو ربيتين وهي تساوي 4 آلاف ريال حالياً ولهذا فقد كانت قيمة الثوب تعادل يومية 6 أو 7 عمال.
وحول صورة الفرحة زمان بثوب العيد قال الخضراوي: ماذا أصف لك اذا كان الانسان قد لا يعرف النوم من شدة الفرح بالثوب لو تيسر له وحصل عليه وترى صاحبه يسير وهو يشعر انه ملك لأنه يرتدي ثوباً جديداً لأن القادرين وحدهم يحصلون عليه وبالتالي فهو ميزة تكشف عن امكانيات, بل انه كان يوجد من يفرح بثوبه العتيق بعدما أجرى له الترقيعات والرتق التي تحسن منه قليلاً!وعن ثوب العيد الآن قال الخضراوي: تستطيع ان تجعل من كلامنا هذا عبرة للشباب فقد كان ذلك حالنا مع قطعة خلق أما اليوم فان الثوب ممكن أن يأتي في أي لحظة مما يكشف عن نعمة نسأل الله ان يبقيها ويحفظها من الزوال وان يحفظ أبناء المملكة ولا يعيدهم الى تلك الأيام القاسية على الروح والبدن.
اللبس الجديد دليل فرحتنا بالعيد
كما التقينا علي القحطاني 22 سنة وهو طالب في كلية المعلمين فقال: منذ ان عرفت نفسي وأنا أحرص على ثوب العيد وله فرحة كبيرة رغم توفر الثياب,, ولكنه أضاف: حالياً لا نستطيع ان نعبر عن ابتهاجنا بالعيد الا بالملابس وذلك فاني أفصل ثوباً للعيد واشتري شماغاً وطاقية وملابس داخلية وأحياناً عقالاً أيضاً حيث يفترض ان نلبس يوم العيد ثياباً جديدة بالكامل للتعبير عن الفرحة,وعن العيد قديماً حسب ما سمع يقول: اسمع من كبار السن عن الفقر الذي كان يعيشه الأجداد ولذلك فقد كانت الأشياء الحلوة قليلة في حياتهم فيما عدا الجوانب الانسانية حيث كان التواصل بين الناس والعلاقات الاجتماعية أقوى من الآن حسب ما أتصور.
لا توجد مقاييس معينة لثوب العيد
وفي الدمام التقينا بالمواطن عبداللطيف عثمان الملحم في أحد محلات الخياطة قائلاً: ان ثوب العيد له أهمية كبيرة تتجسد فيه فرحة العيد، كما ان عيد اليوم هو عيد الأطفال وفرحتهم وليس لدي مقاييس معينة لثوب العيد سوى انني دائما أفصل لأبنائي ثوبين: واحد ملون والآخر أبيض الذي يمثل الصفاء والنقاء في يوم العيد الذي نبحث فيه عن صفاء القلوب لدى كثير من الناس.
أعد للعيد ثوبين
أما عبدالعزيز الحافظ فقال: ثوب العيد يعد من الضروريات وله ميزة خاصة وفرحته مع الأسرة في العيد تكون جميلة، لذا أعددت للعيد ثوبين، الأول أجعله غالياً والثاني أقل تكلفة، عموماً ثوب يليق بفرحة العيد وكل شيء ألبسه جديد ولا أتخيل انني بدون ملبس جديد في العيد سوى عيد واحد مضى لبست فيه ثوبي القديم عندما عبث الخياط بثوبي، فقد كان طويلاً جداً وواسعاً كأنه ثوب عروس ولم يستطع تقييفه.
تغيرت ملامح الفرحة وتبدلت
أما ظافر مشعي عبيد فيقول: أنا لم أعد أهتم بثوب العيد مثلما كنت صغيراً ولم يعد له نفس القيمة، فرونق العيد وفرحته تتجدد وتتضاعف بصفاء الروح وراحة البال اذ ان الثوب يعد شبه ثانوي في حياتي ولنكن حريصين معك حتى الصغار لم يعد ثوب العيد أساسياً في فرحتهم بالعيد، فالعيد بالنسبة لهم تمثل في السفر والرحلات والتنزه في أماكن الترفيه واللقاء بأقاربه أضف الى ذلك ان أولاد اليوم أولاد نعمة للاسف حرموا من المعاني الجميلة التي كنا نحيا لها، ولا ندري بالضبط ماذا يسعدهم، فنلمح كثيراً في عيونهم عدم الرضا الدائم بالرغم من النعم والوفرة التي تحيط بهم من كل جانب وهذه مشكلة في حد ذاتها.
مظهر من مظاهر العيد
وفي أبها يقول الخياط رياض أحمد يزداد الاقبال في مثل هذه الأيام من كل عام لحرص الجميع على استقبال العيد في حلة جديدة تليق بمكانته وقدر فرحته,كما أوضح الخياط عبدالله أحمد معاناتهم السنوية في مثل هذه الأيام بقوله: نعاني سنوياً من تأخر البعض في طلب التفصيل مما يحرجنا معهم لعدم تمكنا من انجاز مطالبهم قبل العيد,, وعلل ذلك بقوله: لأن الطلبات كثيرة بالاضافة لأن بعض الأقمشة تجبرنا على التأخير لا نجد لون الخيط المناسب للونهم.
العرض يفوق الطلب
وعن استغلال هذه الأوقات لرفع الأسعار نفى الخياط عبدالواسع علي ذلك وأكد انهم يسعون الى جذب الزبون بتخفيض الأسعار وتقديم العروض الجيدة خصوصاً أن العرض يفوق الطلب.
واستغرب الخياط محمد الديلمي ان يكون هذا الوقت موسماً لتصريف الأقمشة الرديئة لأننا أصلاً لا نقدم للزبون سوى الأقمشة الجيدة فنحن قبل البحث عن المال نصنع لنا اسماً ونجذب الزبون,الى ذلك أكد المواطن محمد صديق ان الأسعار معقولة ولكن الجودة في مثل هذه الأيام تكون متدنية لحرص أصحاب المحلات على المادة أكثر من التزامهم بالجودة وقلما يصدقون في مواعيدهم، فاما أن يتأخروا حتى ليلة العيد فلا يستطيع صاحب الثوب تعديل أي خلل به ان وجد وربما يستمر التأخير لما بعد ذلك كما حصل معي في أحد الأعياد الماضية.
ويرى متعب عسيري ان أصحاب المحلات لابد أن يرفعوا الأسعار ولو بشكل غير ملاحظ فهذا موسمهم وأرجع تأخره في التفصيل حتى هذا الوقت لانتظاره الراتب.
|
|
|
|
|