|
| أفاق اسلامية
مما لا شك فيه انه ليس كل مسلم عالما بكل دقائق وتفاصيل الشريعة الاسلامية، فتلك الشريعة منهاج شامل وكامل يحتوي على ما يلزم لمواجهة متطلبات الحياة، كما ان الحياة وتشعبها وتطورها يخلق على الدوام قضايا واشكاليات جديدة تحتاج لحلول تتناسب مع الشريعة، وتنسجم معها وترتكز عليها، وهذا الامر يستعصي على الانسان العادي، ولكل هذا كان هناك مختصون بهذه الشؤون ضليعون بالقضايا الفقهية، والحالات الفتوية المختلفة، وقادرون على الاجتهاد عندما تقتضي الضرورة، فالفتوى امر ليس من السهولة على الاطلاق، انها قضية حساسة وهامة بحياة الفرد والأمة، وكل منا يحتاجها بلحظة ما أو بيوم.
انها ضرورية لنتعرف على ما يتعسر علينا التصرف ازاءه، كما انها ضرورية لتعطينا الرأي الصواب والقول الفصل في كل معضلة او قضية نواجهها، ورجل الفتوى انسان له من الصفات الكثير واللازم، فهو ضليع عالم بأمور الدين والفقه، وكذلك هو واسع المعرفة سريع البديهة، كثير الاطلاع، معايش للمجتمع والواقع والحضارة متفهم للمستجدات والتطورات، وقادر على الربط الذكي والامين بين ما يعلم وما يرى، وبلادنا والحمد لله بما تحويه من مدارس وجامعات تخدم دين الله وشرع الله قد احتوت الكثير من امثال اولئك العلماء الاجلاء وطلبة العلم القادرين على القيام بهذا الدور الأساسي والضروري.
ان الناس متعطشون للفتوى، فهي كالماء، والهواء، والغذاء لهم، وما أجملها وأروعها ان تكون هناك نافذة هاتفية على مدار 24 ساعة توصل الفتوى لطالبها، ويشرف عليها، ويتفرغ لها عدد من طلبة العلم بحيث لا يتجاوز عمل احدهم الساعات الثلاث او الأربع لا بل يمكن وضع عدة منافذ، فبلادنا قادرة على ذلك، ولها مصداقيتها في كل أرجاء المعمورة، فهي بلد الاسلام الاول وهي الحضن الدافىء لكل المسلمين، وهي الظهر القوي لكل قضايا الاسلام والمسلمين، كما ان العلم والمعرفة في المملكة قد وصلا لدرجة عالية من الرقي والحمد لله، وأصبح الدعاة من هذه البلاد المباركة ينطلقون لينشروا الخير في كل أرجاء المعمورة.
انه من الضروري على من يتصدى لهذه الامور ولهذه الفتاوى، ان يكون على دراية بفنون الانترنت، والكمبيوتر، وبذلك يستطيع استخراج الأحاديث الشريفة او الآيات القرآنية بسرعة، وهذا امر مطلوب في عديد من الأمور الفقهية، ان مستجدات الحياة تفرض علينا السرعة بسد هذه الثغرة في بنياننا، لأن الفتوى تقوي البنيان، وليس أي فتوى، وانما الفتوى التي تصدر من شخص قادر عليها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجرأكم على الفتوى أجرأكم على النار , فالأمر خطير، ولكنه ضروري ومصيري.
انني اقترح تشكيل لجنة من الادارة العامة للبحوث العلمية والافتاء، ووزارة العدل، ووزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد وجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية، والجامعة الاسلامية، وجامعة أم القرى وغيرها، وتتولى هذه اللجنة مهمة ترشيح طلبة العلم لهذا الدور البناء والكبير، وحتى يمكن من خلال ذلك الاجابات على تساؤلات الناس ووسائل الاعلام، وكذلك نشر فتاوى يومية تتناول القضايا الحساسة التي تواجه المسلمين والبلاد الاسلامية.
ان أعضاء هيئة كبار العلماء الأفاضل عدد قليل منهم يساهم بالفتوى، وهذا لا يكفي في واقعنا وحياتنا اليومية، كما ان العديد منهم كبير السن وواسع المعرفة، ولكن لا يتاح لأي انسان ان يتصل بهم، ولهذا يجب توسيع الدائرة كي تصل الفتوى لطالبها.
واذا كانت الادارة العامة للبحوث العلمية والافتاء غير قادرة على تنظيم ما نذكر، فيمكن اقتراح تكليف وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد للقيام بهذا الدور الكبير لأهميته والمطلوب بشكل يومي ومن قبل أي انسان.
ان هذا الأمر لا يمكن ان يقوم بشكل ارتجالي، لابد له من تنظيم ومتابعة، ولجنة واقعية وعملية، وعلمية، واشراف، ونقاش، ومشاورة، بحيث يخرج كأحسن ما يكون، وهو بالتأكيد يدخل ضمن نطاق الثواب الكبير من الله تعالى ان شاء الله كما انه يظهر وجها مشرقا ايجابيا لاهتمامات المملكة الحبيبة وأبنائها الطيبين، وبهذا نؤدي الأمانة كما يجب.
والله ولي التوفيق.
alomari1420@yahoo.com
|
|
|
|
|
