أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 5th January,2001 العدد:10326الطبعةالاولـي الجمعة 10 ,شوال 1421

الاخيــرة

دوافع النوازع
د, محمد بن عبدالرحمن البشر
شابة ووالدها
قرأت في جريدة ذا صن دي تايم THE SUNDAY TIMES الصادرة في يوم 31 ديسمبر عام 2000م أي آخر عدد لعام 2000م مقالاً يخبر فيه كاتبه القراء عن حادثة فريدة تعتبر سابقة في القضاء البريطاني خلاصتها ان شابة تبلغ من العمر ستة عشر ربيعاً قد ربحت من خلال المحكمة حكماً يجبر والدها البالغ من العمر ستة وأربعين عاماً على دفع تكاليف دراستها في مدرسة خاصة وقد ادعى الوالد في دعواه انه لا يستطيع دفع تكاليف المدرسة السنوية البالغة نحو خمسين ألف ريال سعودي رغم أن دخله السنوي يفوق ثمانمائة وتسعين ألف ريال حيث يعمل في شركة كمبيوتر، وعلل عدم دفعه تلك المصروفات على فلذة كبده أن مدير البنك الذي يتعامل معه قد نصحه بالحد من مصروفاته، رغم أنه يعيش وحيداً، وقد شرحت الابنة الشابة للمحكمة ظروفها الاجتماعية ذاكرة أن والدها ووالدتها قد انفصلا عن بعضهما قبل أربعة أعوام، وقررت الأخت الصغرى ان تبقى مع والدتها بينما رأت هذه الشابة ان تبقى مع والدها حتى لا تتركه وحيداً على حسب ادعائها ودفع الوالد تكاليف دراسة ابنته في مدرسة خاصة قريبة من منزلهما لكنها كانت تحس بالوحدة في معظم الأوقات نظراً للسفريات التجارية المتواصلة لوالدها خارج بريطانيا، وقد أدت بها هذه الظروف إلى ان تقرر العيش مع والدتها، ولهذا فقد اختارت مدرسة قريبة من منزل والدتها، فقد أغضب هذا الصنيع والدها المطلق لأمها, وفي أحد الأيام جاء الوالد إلى المدرسة وأخذ ابنته الشابة إلى أحد الفنادق القريبة وقال لها ان امك قد أثرت على دراستك بتغيير المدرسة وأنت مخيرة بين أمرين، إما العودة لي لتعيشي في كنفي، وإما أن تبقي مع أمك ولن تريني بعد اليوم, وقد اختارت الابنة الشابة أن تنضم إلى شقيقتها الصغرى وتبقى في منزل والدتها حيث حنان الأمومة، بعد هذا القرار قرر الوالد عدم دفع تكاليف دراستها فقررت الابنة الشابة الذهاب إلى المحكمة لمقاضاة والدها فحكم لها القاضي وأجبر الوالد على مواصلة دفع تكاليف دراستها.
هذه القضية ليس فيها من الغرابة شيء يستحق التنويه عنه عند النظر إليها بمنظورنا الاجتماعي، فمثل هذه الحوادث قد تحدث في أي مجتمع ولا سيما عندما يكون الصراع على أشده بين الزوجين المنفصلين, وقد يلجأ أي من الزوجين المنفصلين إلى البحث عن ما من شأنه إلحاق الأذى بالآخر، أو انتزاع ما يمكن انتزاعه من معين هذا الطرف أو ذاك، ونحمد الله على أن مثل هذه الحوادث قليلة الحدوث في مجتمعنا بسبب الوازع الديني أولاً ثم التربية والأخلاق والذي كان وما زال وسيظل بعون الله أسلوباً للتعامل بين أفراد مجتمعنا.
ولكن ما يستحق التنويه هنا، هو أن تكون هذه الحالة هي الأولى في المحاكم البريطانية، وأن تكون حدثاً غريباً وحكماً يعتبر سابقة سيترتب عليه مقاضاة متتالية في حالات أخرى مشابهة لأن القانون البريطاني ليس مكتوباً وإنما يصدر الحكم طبقاً للسوابق.
إن الإسلام قد حدد حقوق الزوجة المطلقة والأبناء، وأوجب على الأب رعاية أبنائه المالية والأدبية في حدود استطاعته وجعل للأمة حق الحضانة طالما أنها لم تتجاوز ما نهى الله عنه.
هذا التشريع الرباني العظيم الذي لم يترك شاردة ولا واردة في حياة البشر إلا ووضع لها حدوداً بميزان العدل قد نظم للبشرية أمورها، ورسم لها واجباتها وحقوقها ولو أن أبناء الإسلام قد طبقوا الإسلام تطبيقاً خالياً من الأهواء لكانت الأمة الإسلامية قائدة العالم أجمع في جميع الميادين.
إن الاسلام يحتاج منا معشر المسلمين إلى العبادة، والعبادة تعتمد على عنصرين رئيسيين هما العلاقة بين العبد وربه من صلاة وصيام وحج وخلافه، وتلك العبادة المنظمة للعلاقات الانسانية بل والبيئية، هذه العلاقة التي تحتاج منا إلى مزيد من النظر والتقيد، لأنها تتعلق بأمور الحياة كلها صغيرها وكبيرها فهل منا من حاسب نفسه في هذا المجال، ولو حاسبنا أنفسنا في صبيحة كل يوم لرأبنا كثيراً من الأخطاء، ومجموع هذه الأخطاء من مجموع أفراد المجتمع الإسلامي هي التي جعلت هذا المجتمع يفقد الكثير من حقوقه.
نسأل الله حسن النية والصدق في المعاملة.

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved