| العالم اليوم
يحدثنا التاريخ المعاصر عن وزير للدفاع في الولايات المتحدة الأمريكية، انه القى بنفسه من نافذة المشفى الذي كان يعالج فيه، وفارق الحياة قبل وصول الاسعاف إلى مكان سقوطه، ويحدثنا التاريخ، في الوقت ذاته، ان سبب لجوئه الى هذا الاسلوب للخلاص من حياته، هو تعرضه لهجمات شرسة ومتواصلة من قبل وسائل الاعلام المرئي والمسموع والمقروء، لأنه نصح رئيس الولايات المتحدة الأمريكية قائلاً له: بألا ينساق كثيراً وراء مطامع الصهيونية لأن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية تقضي بإرضاء العرب لان أراضيهم تختزن النفط الذي نحن بحاجة إليه، كما الآن، كذلك في المستقبل.
وأما وزير الدفاع الذي تتحدث عنه أوراق التاريخ الذي يعود إلى العام 1949، فهو جيمس فورستال وأما الرئيس الأمريكي في تلك الفترة فهو الرئيس هاري ترومان.
ولاندري اذا كان دافع وزير الدفاع المذكور هو الحرص على العلاقات العربية الأمريكية بالدرجة الأولى أم حرصه على تحقيق مصالح بلاده من خلال الحاجة إلى النفط وماشابه ذلك، بيد ان اللافت للانتباه هو امكانية الكلمة أو الصورة على الفعل ولأن وسائل الاعلام العالمية تخضع بشكل أو بآخر لنفوذ المعلنين الذين يملكون الشركات الكبرى إضافة إلى الجانب المتعلق بالعواطف تجاه الحركة الصهيونية، فقد كان الوزير فروستال ضحية هذا الضغط الذي يمكن ان تلعبه وسائل اعلام العدو، أيضاً في وقتنا الحاضر، ضد من يخالف أهداف الحركة الصهيونية من دول أو أشخاص، وعلينا، نحن أمة العرب، ان ندرس مثل هذه الظاهرة، مادامت مروية.
وبطبيعة الحال فان وقوع الحدث، والدور الذي لعبته وسائل اعلام الصهيونية ضد الوزير المذكور، بعد قيام الدولة العبرية فوق أرضنا المحتلة، يبرران، بنسبة القناعة لدى اسرائيل في ذلك الزمن، اتخاذ مثل هذا الموقف المعادي من وزير ينتمي إلى الدولة التي سارع رئيسها، هاري ترومان، إلى اعلان اعترافها باسرائيل بعد مرور احدى عشرة دقيقة فقط.
أقول ذلك لأن المسألة، كما يمكننا الاستنتاج، لم تكن تحتمل الانتظار أو المغفرة، حتى لايؤخذ بوجهة نظر، هي من حيث المبدأ، لصالح العرب، عندما لا تنساق دولة كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وراء ادعاءات أو أوهام يحاول آخرون ان يتسللوا من خلالها إلى مراكز القرار لديها.
ترانا نحلم برئيس جديد، من المفترض ان يتسلم صلاحياته الدستورية في العشرين من شهر كانون الثاني (يناير) 2001 يعيد النظر في نصيحة الوزير المنتحر جيمس فورستال أم ان وزير الدفاع الجديد، لديه نصيحة يقدمها له حين تسنح لرئيسه فرصة اتخاذ موقف ما من مسألة الصراع بين العرب واسرائيل، في ضوء الحق والعدل؟
|
|
|
|
|