| مقـالات
قبس:
ليحفظني الله من أصدقائي فأعدائي انا أتكفل بهم .
حكمة يونانية
تقول العرب ما أقصر الليل على الراقد ذلك لأنه لا يحس به، ولو كان مستيقظا لأنشد ما قاله الشاعر العاشق حتى ينجلي الليل.
المعنى أن الذي لا يهتم للشيء ربما لا يشعر به أو كما يقول حكيم يوناني قديم ما نبحث عنه نجده، ما نهمله يفوتنا فالليل الطويل يقصر على الراقد والجرح العميق يشفى اذا ما تجاهل صاحبه نزفه، بينما يكبر الألم حين تنتظر العطاء فلا يأتيك، وأكثر ما يؤلم جرح ذوي القربى وأكاد أجزم بأن القربى ليسوا بالضرورة الأهل والرحم فهناك في رأيي قربى أخرى تتمثل في الملتصقين بك أو معك من خلال مهنة واحدة.
إن التصاق الإنسان بآخرين بحكم عمله او مهنته تربة خصبة لدراسة حيثيات العلاقات الانسانية وما يعتريها من شوائب.
صديقك في العمل يؤذيك جرحه لانه أعمق، ولا يمكن ان يحيا الانسان دون صداقات العمل اذ انها جزء من دافعية الانتاج والاحساس بطعم النجاح.
في عالم الكتابة والصحافة يوجد نوع من الزمالة أجزم بأنه فريد من نوعه في العالم كله إذ إنه من النادر ان تنظم اجتماعات نسائية تضم الممتهنات للقلم والكتابة لتناقش هموم العمل مثلا، أو حتى للتعارف وتبادل وجهات النظر, ان أي فكرة في العالم يكتب لها النجاح حين يهتم بها أكثر من شخص واحد بقلب واحد، ولهذا كنت وما زلت من اشد المتحمسين لصالون سلطانة السديري وفكرتها في تنشيط التواصل المقطوع بين زميلات مهنة واحدة.
ولست أحب ان أخوض تحديدا في هذه الفكرة ولكنني ارنو في ظل المقاطعة المهنية ان نترفع على الأقل عن انتقاد بعضنا على الملأ أقول هذا لما أقرأ من انتقادات تنشر.
فأنا مع فكرة ان أشد على يد زميلي وزميلتي على الملأ واذا أردت التوجيه كان ذلك دون اشهار، قضية تسخير موهبة الكتابة للتجريح بالآخر أو تهميش نجاحه مؤلمة جدا وهذه تختلف عن المعارك الادبية ان صح التعبير.
وبالرغم من أن حزب أعداء النجاح موجود في كل مجالات العمل الا انني اجده أشد إيلاما في مهنة القلم، فاذا لم يهتم الطبيب الا بالمرضى ولم ينشغل المهندس الا بسلامة المباني ولم يهتم المحامي الا بإعادة الحقوق المغتصبة كفاهم اهتمامهم بالانسان، ولكن الكاتب والصحفي عليه أن ينشغل قبل كل شيء بتهذيب ذاته، لأنه بقلمه يمارس كل المهن ويحمل أقوى رسالة مؤثرة في المجتمع إذ يملك سحر الكلمة وقوتها.
http://nahed.cjb.net
|
|
|
|
|