| مقـالات
على غير عادتها كمعقل ورمز للسرية في العالم، نشرت منذ أيام وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تقريرا تمحورت فحواه حول ما توصل اليه خبراء الاستشراف والتنبؤ في الوكالة المذكورة من حقائق لا تسر حيال مستقبل العالم العربي.
هذا، وكما تعلمون، فالاستشراف علم قائم بذاته وذو منهجية استقرائية مقننة مما يجعله علما فاعلا في تسخير معطيات وظروف الحاضر في سبيل سبر غور ما يستجد في المستقبل، وسبَق لهذه الزاوية ان استعرضت منذ عدة شهور أحدث ثلاث دراسات غربية تمحورت حول استشراف مستقبل العرب إحداها، كما أوضحتُ آنذاك، قد تمت بدعم سخي وإشراف مباشر من قبل البنتاجون: وزارة الدفاع الأمريكية , هذا وقد أصبت بدهشة بالغة لما لحظته من تشابه أو فلنقل تكامل بين نتائج هذه الدراسة وموضوع مقالة اليوم الذي هو تقرير الاستخبارات الأمريكية: فعلى الرغم من اختلاف الأبعاد والأطر الزمنية المعينة في هاتين الدراستين دراسة المخابرات حتى عام 2015 الميلادية، بينما دراسة وزارة الدفاع حتى عام 2025 الميلادية ، فان المتمعن فيهما سيشم كما قلت آنفا رائحة تكامل أو تنسيق ، من حيث ان الدراسة التي بين أيدينا دراسة الاستخبارات قد بحثت استشرافيا في كنه العوامل والأسباب بينما استشرفت دراسة وزارة الدفاع ما نجم عن هذه الأسباب من نتائج , بعبارة أخرى، بينما ركَّزَت دراسة المخابرات على استكناه العوامل الداخلية للدول المستشرفة كتزايد أعداد السكان وخصوصا الشباب والبطالة، وحقوق الانسان، وشح الموارد، وسوء التنظيمات الادارية الداخلية,, الخ فان دراسة وزارة الدفاع قد توقعت زوال دول وأقاليم، ونشوء تحالفات,, وبسبب العوامل المذكورة هذه.
هنا وعلى ضوء ما سبق بيان ظلامه! دعونا نستعرض باختصار عددا من التساؤلات المحيرة، بل المحزنة بحق وحقيق:
** كم يملك العرب من المراكز العلمية الاستشرافية؟,, بل على افتراض اننا أنشأنا ما نحتاجه من هذه المراكز، فهل تعتقدون انها سوف تؤدي المأمول منها في ظل ظاهرة الحساسية البالغة تجاه وضد المعلومة المقننة الصريحة المباشرة من قبل بعض صانعي القرار في العالم العربي؟,, بعبارة أخرى، كم من المساحة الفكرية، فالزمنية التي سوف يحتاجهما العالم العربي للتعامل الموضوعي مع حقائق الواقع عندما تكون عكس المأمول ، خصوصا في حال كانت حقائق مقدمة من مراكز استشرافية خاصة تتمتع باستقلال ذاتي من هيمنة الجهات الرسمية,,؟!
** من الملحوظ ان جل الصحف والمجلات في العالم العربي لا تتردد في تلقف أي خبر مصدره الغربيين وفحواه العرب ، فالمبادرة بنشره على علاته بغض النظر عن مراميه وآثاره الفكرية والنفسية والسياسية والثقافية,, أرجو ألا يُفهم هنا انني ضد نشر مثل هذه الدراسات، حيث إن شخصي المتواضع يؤمن كل الايمان بمقولة معرفتك للشر حري ألا تقع به ، ولكن علمية هذه الدراسات مع ما فيها من التجريد والدس عوامل تفرض علينا المبادرة بمحاصرة الخبر وتنظيفه من شوائبه الثقافية/ النفسية، أو على الأقل تفنيده وتشريحه من وجهة نظر الثقافة الوطنية، فتبيان أهدافه الحقيقية بطريقة انتقائية,, من منكم والكلام هنا موجه الى قراء الصحف الأجنبية قرأ في الصحف الغربية أخبارا مصدرها العرب ولم يلحظ تدخلا تحريريا/ تفنيديا فيها فضلا عن تأكيد الاشارة الى مصدرها؟
** هلا أعرتم أسماعكم الى دقات ساعة! قضايا الساعة في العالم العربي، ثم قارنتموها بما يدور في دقيقة العالم الغربي من اهتمامات؟,, ما رأيكم في سطحية وعبثية محاور قضايانا الثقافية والفكرية والاجتماعية,,؟ لماذا نحن سادرون جدالا على البيضة والدجاجة، بينما حظيرة الدجاج تحترق وتحترق,, مما يضطرنا في النهاية الى استيراد البيض الغربي؟! .
** ما الأمر في أن فضول العرب موجه إلى العرب,,؟ ومتى نرتفع الى مستوى الوعي بالخطر المحدق! فنصرف سلاح دس الخشوم العربية في الشؤون العربية ، ومن ثم نوجهه نحو مستقبل مستشرف مستقبلنا غير المشرف: الغرب ومن يعول؟! .
|
|
|
|
|