| محليــات
من الموضوعات العلمية التي تشغل بال العلماء، وتقض مضاجع الحكومات، وتُعقد لها اللجان، ويُخصص لها الميزانيات، تلك المتعلِّقة بالكوارث، ما كان منها بيئياً، أو صناعياً، أو طبيعياً,,، لذلك فإن أفراداً من العالم في حركة لولبية مكوكية دائمة، ودائبة من أجل حصر أنواع الكوارث، ومن أجل حصد عوامل الكوارث، ومن أجل محاربة الكوارث في مهدها، أو بعد بذرها أو رأب أثر ما حدث منها,.
وهو من الموضوعات التي يهتم بها العلماء، من الجغرافيين، والاقتصاديين، والعسكريين، والاجتماعيين، والطبيعيين، وكل من يدخل أنفه في نافذة من نوافذ مجالات الكوارث!!,,.
ولكن,.
من الذي صنع الكوارث,, وفتح لها أرصدة في الحياة، وأقام لها البنوك، ووظَّف لها الإنسان,, والصناعة؟! عدا ما كان مصدرها الطبيعة الإلهية الحكيمة ؟,, أوَليس هو الإنسان هذا الذي صنعها؟!,.
فماذا إذن عن كوارث الأخلاق؟,, وأولى كوارث الأخلاق هي كارثة صنع الكارثة؟!
أفلا تحتاج كوارث الأخلاق إلى تكوين (فُرُق) وليس (فريقاً) واحداً دولياً وعالمياً وإنسانياً كي تعالج كوارث الأخلاق؟!,.
الإنسان في فطرة الحقيقة هو (الأخلاق),.
فالأخلاق هي مصدر إنسانية الإنسان في صورها المهذَّبة، المشذَّبة، المدرَّبة، المنظَّمة، المنضبطة، المقنَّنة، المبرمجة حسب لغة العصر ، الملائمة للزمان، المناسبة للمكان، المتكيِّفة مع الأسباب، والمسببات، والأعمال والأقوال والنتائج,,، كي تخلُص إلى شكل آلية هذا الكائن، في ملكوت كونه الذي يتلاءم ويتألف معه أخذاً وعطاءً,.
والأخلاق هي الإنسان، ذلك لأن الإنسان هو كذلك في كلِّ الأعراف بعيداً عن منظور القيم، ومفهوم المبادىء، وتكوين الكيان بكلِّ قيمه الفعلية القائم على مستوى تنفيذ أداء الفرد لها، وعلى مستوى إرجاء التعبير عنها، بما هو منها كامن باطن ليس في متناول التناول، وبما هو منها معلن على مستوى القول المطابق للفعل لا إرجاء له ولا صمت نحوه.
الإنسان هو أخلاقه,,.
فماذا يكون هذا الراقي علماً,,، المتفوق ابتكاراً، المتقدم عطاءً، الذي يدكُّ الأرض يتباهى بسلطانه على مفتاح بوتقة المعارف والعلوم، إذ يجد نفسه قد أبحر إليها وغذَّ في تفاصيل التفاصيل، وهيمن على الذَّرة,, وتمكَّن من بوصلة يوجِّه بها دفَّة المديِّة، وخلية المورّثة، بمثل ما يوجه ذرة الذرة، ولمحة الخطرة,, فيدكُّ النار، بمثل ما يجري السرور؟!، ويشحن القوة، بمثلما يُفرغ الأمل؟,.
كيف هو هذا الناهض الفاشل، الناجح المخفق؟، النظيف القذر، الراقي الأدنى، العظيم الحقير؟,.
أوَليست هي عملة الوجهين العلم/ الجهل، الحق/ الباطل، النقاء/ الكدر، النور/ الظلام، في الإنسان؟!
أوَليس هو هذه العملة التي تتقاذفها تيارات أقوى منها، ويشدُّها إلى المكاشفة والفضيحة واقع أخلاقها؟!
كيف يضمن الإنسان، الإنسان، بين عامة الناس وخاصَّتهم، إن كان الإنسان في سعة الأرض، يواجه الإنسان وقد ضيّقها عليه بعلمه؟!
أفلا يكون الإنسان في أشدِّ واقعية حقيقته أنه منهك الأخلاق، متأزمها؟ وأنه يعيش كارثة هي فقده للأخلاق,, وأول أدلَّته على ذلك هو سحق الإنسان، بعلم الإنسان؟!,.
ويظل المتسطِّح من البشر يحسب أن الكوارث تعمُّ، ولا تخصُّ، وأنها تخصُّ ولكنها في شمولها لا تعمُّ الأخلاق,.
وتلك معضلة الكوارث,.
ذلك لأن أولى الكوارث وأوضحها هي كارثة الأخلاق هذه الكارثة التي قامت ولم توضع لها البرامج ولا شكِّلت لها اللجان، ولا رُصدت لها الميزانيات، ولا تحقق لها انتباه هو أول ما يرد في خارطة العلاج.
|
|
|
|
|