|
| مدارات شعبية
جميل أن يتصاعد بخار الواقع لكي تتشكل ديمومة المشاعر ومن ثم تنهمر القصائد وبداخلها احساس الانتماء لواقع الشاعر الذي يعايشه بين ساعة وأخرى.
وجميل أيضا أن يصبح هذا الواقع مهنة تقتطع نصف الحياة، وتحتل جزءا كبيرا من مساحة التفكير,, فلقد جمعتني الصدفة بأحد الأشقاء العرب والذي يعمل كهربائياً بإحدى الورش الكبيرة بمدينة الرياض وكان شاعرا يكتب بلهجته العامية: فأسمعني بعضا من قصائده، وقد لاحظت أن معظمها كانت تدور في فلك الحب وبفضول غريب سألته: ماذا يعني لك الحب أيها الكهربائي ؟!.
كنت انتظر اجابة روتينية دائما ما نسمعها في المشاهد الرومانسية!!,.
ولكنه,, ابتسم فقال:
الحب,, يا صديقي أسلاك شائكة نحن بحاجة لها في حياتنا اليومية ولكن يجب التعامل معها بواسطة عازل قوي,, ولا أقوى من العقل كذلك نبتعد عن مولداتها الأساسية ولانفرط باللهث خلفها,, والاقتراب منها خطر,, وموت !!.
عندها ذُهلت من اجابته، وكيف وظّف معنى الحب في تعبيره أمامي,,!! ولاسيما أنه يعايش واقعه من خلال مهنته التي يعشقها,, خرجت من الورشة وأنا أملي على ذاكرتي سيلاً من الاستفهامات:
يا ترى,, لو أصبح الجميع شعراء بما فيهم خبراء الطب، العلم، المحاماة، الهندسة، الأدب,,إلخ فكيف سيترجمون الحب في قصائدهم بصفته غرضاً سائداً,, وتتوق له الأنفس,,؟!!
الطبيب سيقول: انه مرض عام ونتائجه خطيرة ولابد من صرف الدواء اللازم,.
المعلم سيقول: هو عملية رياضية كثيرة التعقيد ولابد فيه من الرجوع للقاعدة,.
المهندس سيقول: هو دعامة أساسية في بناء الهيئة الأسرية لارساء النظم الاجتماعية ولابد من التخطيط المدروس.
الأديب سيقول أيضا: انه نبع يرتوي منه أصحاب الروايات موردهم ليستنشقوا منه!!,, وبلا شك فالمزارع يعتبره نبتة بحاجة للسقيا بماء الوصل والحنان,,!!,.
وبالرغم من ازدواجية هذه التعابير التي تأخذ شكلا مغايرا لما صوَّره الشعراء عن الحب حيث الطرح السائد والصورة المستهلكة، أقول بالرغم من ذلك إلا أنها لم تجانب الصدق والحقيقة,, وهذا ما ينبغي أن يكون عليه شعر خبراء المهن الذين أتصور أنهم سيحققون سمو الشعر لكي يصبح عالما واسعا من الاطلاع,, وواحة ومنهلا من الفائدة، عندما تنعكس علوم الطبيب أو المهندس أو غيرهما على القارىء المتواضع المعرفة في هذه المهن,.
وكلنا أمل بأن يصبح الشعر العامي موسوعة علمية ذات ثقافة عالية يستدل ويهتدى بها,.
طالما كثر الشعراء,, وكثر الشعر,, واختلط الحابل بالنابل,, والمجنون بالعاقل,, فلابد أن يتضح الشعراء من المستشعرين,.
يقول الشاعر غالب الحربي:
|
ليت القصائد دائما تكتب بحرف من الرصاص
من شان ياصل صوتها للي قصر من دونها
مدام في هذا الزمن يحكم عليها بالقصاص
الله يجيبك يالزمان اللي تكون بعونها
آمين,, آمين,, الله يسمع منك !!!,. |
|
|
|
