| العالم اليوم
بدأت آثار النعمة تصيب البشر بالأمراض، وبمشاكل لم تكن تخطر ببال, وإذا كان احد اهم اسباب انهيار الامبراطورية الرومانية انغماس مواطنيها بالرفاهية حتى أصبحوا اشباه رجال، مما جعل الرجال الحقيقيين ينتصرون عليهم ويزيلون امبراطوريتهم فإن البشرية الآن مهددة جمعاء بعد أن ازدادت وسائل الراحة، واستعاض الانسان بالحركة التي كانت تميزه وتملؤه نشاطاً طوال اليوم بالجلوس ساعات طوالاً امام أو خلف المكاتب، أو امام التلفزيون لمشاهدة البرامج الترفيهية أو لمصاحبة جهاز الكمبيوتر ومداعبة الحاسب الآلي والغياب مع عالم الإنترنت، وأثناء انهماكه مع هذه الحالة يلتهم ما تقع عليه يداه من غذاء معد سلفاً ولا يراعى في إعداده المتغير الجديد في حياة الانسان من حيث قلة الحركة وغيرها من التفاعلات البيلوجية، فترهلت الأجسام، وضعفت أعضاء الجسم البشري، فأخذت القلوب تشكو، والمعدة تصاب بالتقرح، وتعطب الأكباد والكلى.
ولم تعد مشاكل العصر المرضية والسلوكية والتي تشير إليها معدلات البدانة التي استشرت في صفوف شعوب الدول المتقدمة، لم تعد قاصرة على البالغين والشباب إذ تعدت ذلك إلى الأطفال، فقد أظهرت دراسة نشرت امس في لندن ان عدد الاطفال البريطانيين دون الرابعة من العمر الذين يعانون من مشاكل في الوزن قد تضاعفت تقريبا خلال عشر سنوات.
وأوضحت الدراسة التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية ان واحداً من بين اربعة اطفال من تلك الفئة من العمر يعانون من الوزن الزائد بينما يعاني واحد من بين كل عشرة اطفال من البدانة.
وأنحت الدراسة باللائمة في الاصابة بهذه المشكلة الصحية الى جلوس الاطفال المستمر لمتابعة برامج التلفزيون والفيديو بينما امهاتهم مشغولات بالمهام المنزلية مشيرة الى ان بعض الخبراء يعتقدون ان سبب تلك المشاكل الصحية بين الاطفال يعود الى عدم القيام بتمارين رياضية حيث ان بعض الآباء والامهات يمنعون اطفالهم من اللعب مع الاطفال خارج المنزل خوفا عليهم من الحوادث والاختطاف.
وأضافت المجلة ان الخبراء ينصحون بحث الاطفال على ممارسة الرياضة البدنية وتناول القليل من الأطعمة الغنية بالدهون والسعرات الحرارية.
اما في امريكا فقد رصد الأطباء هناك ظاهرة البلوغ للبنات.
وكشفت دراسة اجريت في العام 1997م باشراف الطبيبة مارسيا هرمان غيدنز وشملت 17 الف فتاة امريكية بين الثالثة والثانية عشرة، ان أكثر من ربع الفتيات السود و7% من الفتيات البيض في الولايات المتحدة تظهر لديهن اعراض سن البلوغ منذ السابعة من عمرهن.
وأفادت الدراسة بأن ثلث الفتيات البيضاوات (32%) و62% من السوداوات تبرز نهودهن وينبت لديهن الشعر الزائد لدى بلوغ التاسعة، أي قبل سنتين من السن الطبيعية.
ويبدو ان هذه الظاهرة تجد جذورها في آفات ومشكلات القرن العشرين.
فالعدو رقم واحد هو السمنة المفرطة في رأي الاخصائيين, وقد تضاعف عدد المصابين بها منذ الستينات مع بروز هذه الظاهرة: 11% من الفتيات ممن تتراوح اعمارهن بين 6 و11 سنة في الولايات المتحدة.
وفي الواقع تؤدي السمنة المفرطة الى تشجيع انتاج هرمون الليبتين الضروري لسن البلوغ.
كذلك يشار في هذا المجال الى نقص النشاطات الرياضية وأنظمة التغذية وخصوصا الإفراط في استهلاك اللحوم والمنتجات المشتقة من الحليب وزيادة استهلاك الهرمونات.
وهناك اسباب اخرى ممكنة لافتة للنظر منها نشر صور ذات طابع جنسي على التلفزيون مما قد يحفز النمو المبكر لدى الفتيات كما تؤكد الطبيبة هيرمان غيدنز.
وأخيراً ينكب العلماء على دراسة دور بعض حوافز الاستروجين التي تحتويها منتجات كيميائية أو بلاستيكية ولاسيما مستحضرات الماكياج أو حتى طلاء الاظافر.
ويحذر الطبيب جون بيترسون مايرز الذي وضع دراسة حول التأثير الممكن للمنتجات الكيميائية ان الوضع معقد,, لا يوجد سبب واحد متحدثا عن وباء عالمي .
وإزاء هذه التفسيرات المتعددة وفي انتظار دراسات أوفى يوصي الاخصائيون الاهل ببذل اقصى الجهود لمكافحة السمنة لدى الاطفال.
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|