أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 14th February,2001 العدد:10366الطبعةالاولـي الاربعاء 20 ,ذو القعدة 1421

عزيزتـي الجزيرة

التلاقح الحضاري بوابة الخير لمصلحة البشر
لما ان الله جل وعلا خلق هذا الخلق وأوجد هذا الكون ومد ملكه وأوسعه وجعل الانسان خليفته في ارضه أنعم عليه بنعمة كبيرة هي نعمة الاسلام قال تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا لأن الإنسان بهذا العقل الذي اعطاه الله اياه وأنعم به عليه لا يستطيع ان يكشف طريقه ولا ان يخط مسارا صحيحا مريحا لحياته فهناك امور وخفايا واسرار كونية وحياتية لا يدركها هذا العقل الضعيف القاصر ولو ترك الله سبحانه وتعالى هذا العقل وجعله يشرع وينظر ويرسم الخطط ويمهد الطرق ويضع القوانين ويكون الدساتير لفسدت الارض وعمت الفوضى وساءت الاخلاق وانتشر الفساد وآلت المجتمعات إلى التمزق والتفكك والانحلال قال تعالى: ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ورأينا كيف ان الامم التي تعيش بلا خطة ولا منهج تسير عليه انكفأت وانزوت على دساتيرها الوضعية وانظمتها وقوانينها الضعيفة الواهية رأينا كيف عصفت بهم رياح الفوضى وساد الانحلال وعم الفساد ولو أخذنا أوروبا كنموذج وقلبنا في اوراق هذا المجتمع لرأينا كيف يعيش هذا المجتمع حياة التمزق والتشرذم لا قيم ولا مبادئ ولا اخلاقيات ولا مفاهيم تنير طريقه وتمسك بيده إلى طريق الضياء والصلاح, الرجل في مساحة كبيرة من الحرية والمرأة كذلك والطفل الصغير كذلك لا آمر ولا ناهي حتى اصبح الناس يتخبطون في حياتهم خبط عشواء فكثر القتل وقل الامن فذهبت الراحة واختفت الطمأنينة وسيطر القلق والتوتر على غالبية المجتمع ناهيك عن الفيروسات المرضية التي اخذت تنطلق وتبعث من التفسخ والانحلال الذي يعيشه هذا المجتمع,, ولا أظن هذا الكلام يرضي البعض لان امريكا في نظره بلد التفتح والتقدم والرقي,, بلد البريق واللمعان الحضاري وهذا صحيح لكن في الشكل والظاهر في الاكتشافات والاختراعات,, في الامور المادية,, أما في الامور النفسية في الحياتية في الروحانية والمعنوية في الهدوء والاستقرار للمجتمع فهذا ما تفتقده تلك الدولة المتحضرة وهي في الحقيقة بأمس الحاجة إليه,وهذا الفكر وهذا التشريع والمنهج الرباني الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لنا والذي اهتم بالنفس وارتقى بها إلى أعلى مستويات الطهر والراحة والطمأنينة وجعلها تعيش حياة هادئة سعيدة هذا النظام وهذا المنهج الذي اهتم بأدق الجزئيات وأصغرها,, هو الذي قاد الامم واستولى وسيطر على معظم الاراضي والشعوب فالفتوحات الاسلامية وصلت إلى كل مكان والنور الاسلامي انتشر في كل البقاع فما هناك منطقة ولا قارة ولا ولاية إلا ودخلها الاسلام وهذه نعمة كبيرة من الله والذي ساعد على ذلك هو تمسك المسلمين بكتابهم والتزامهم بأمور دينهم ولكن لما ضعفوا واستكانوا وضعف الايمان في نفوسهم تآكلت دولهم واصبحوا غنيمة وعرضا مستهدفا للاعداء,, والمسلمون ليسوا قادة فكر وتشريع فقط بل انتجوا وأبدعوا وصنعوا الحضارات المتطورة والمتقدمة وأصبحوا اصحاب تقنية وصناعة وحضارة فهم بذرة الحضارة الغربية التي نقف مشدوهين امامها الآن وهذا الفكر وهذا التشريع الالهي الذي هو لب حضارتنا الاسلامية لا يمانع ولا يعارض التقدم والرقي والتطور والاخذ من شتى العلوم الاخرى إلا في حالة التعارض مع المرجعية الكتاب والسنة,, وهذه الحضارة الاسلامية المتوازنة ماديا ومعنويا هي التي اخرجت الحضارة الغربية من الظلام وأخذت بيدها الى النور بعد ان كانت تقبع تحت سلطوية الكنيسة فتعيش تحت كبتها وقمعها فالحوار الذي دار بين ابن رشد وبين رجال الكنيسة وعبّادها أقنع رجال الكنيسة بأن الوحي لاينافي العقل ولا يصادره فتنبهوا لذلك واستناروا بهذا الحوار المتفتح ثم بعد ذلك نهلوا من الحضارة الاسلامية وعلومها وفلسفتها الموجودة قريبة منهم في الاندلس وتحرر العقل الغربي من دموية وسلطوية الكنيسة وانطلق لا يلوي على شيء كالابل الشاردة، يقدس العقل وينبذ الدين الكنسي وهذه العقدة من الكنيسة وهذ المفهوم الدموي عنها سحبه على بقية الاديان وتصور ان كل دين سماوي يحارب وينبذ العقل ولكن لو كان هناك حوار بين هذا العقل الغربي وهذا التقدم والتطور التقني الذي وصل إليه وبين التشريع والفكر الاسلامي المضيء لكان هناك تلاقح حضاري وفكري بينهما وأصبح هناك توازن في هذه الحضارة الغربية التي بشهادة معظم مفكريها وفلاسفتها انها وصلت إلى طريق مسدود لانها تنطلق من فكر رأسمالي بحت قلب الكون وحول الحياة الى قطعة مادية ناشفة همّها البيع والشراء والربح والخسارة فتحول الانسان فيها إلى إنسان آلي كل المشاعر الداخلية فيه بحاجة إلى من يبثها فيه بوسائل مصطنعة مثل الحبوب وهذه الحبوب تقوده إلى ما يسمى بالانتحار الصامت على حد قول المفكر الاسلامي رشدي فكار رحمه الله فلم يعد ذلك الانسان الرقيق المشاعر الرطب العواطف الذي يحب ويكره فإغفال الحضارة الغربية للجانب الانساني النفسي العاطفي هو المنعطف الخطير في طريقها وهو الصدع والتشقق الخطير في بنايتها فلو كان هناك تحاور بيننا وبينهم وحاول معظم المفكرين الاسلاميين فتح ابواب الحوار والنقاش معهم والبحث في الوسائل والطرق لاقناعهم وجذبهم للاسلام عن طريق ازاحة العتمة والظلمة المحاصرة والمحيطة بهم والتي تقف عائقا بينهم وبين فهم الاسلام وذلك من الصورة السيئة التي ارتسمت في مخيلتهم عن الكنيسة ودمويتها فلو كان هناك تقريب بيننا وبينهم وتبادل حضاري بيننا وبينهم من عندنا الفكر والتشريع ومن عندهم التقنية والحضارة والصناعة والتقدم والتطور لساد الكون الراحة والطمأنينة وكذلك الرفاهية ولأصبح هناك توازن حضاري تتدفق منه الخيرات وتنطلق منه المصالح لعامة البشر.
خالد عبدالعزيز الحماد
بريدة

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved