| العالم اليوم
اذا ما نجح أريل شارون في تشكيل حكومة ائتلاف مع حزب العمل، او لنقل مع ايهودا باراك وشيمون بيريس ، يكون قد حقق النجاح الثاني على ما يسمى باليسار الاسرائيلي. ويكون ايضاً قد ضمن البقاء لحكومته عمراً اطول مما كان يتوقعه كثير من متابعي الاوضاع السياسية في الكيان الاسرائيلي، الذين قد تنبئوا بعمر قصير لشارون كرئيس للوزراء وبقرب انتخابات جديدة.
ونجاح شارون في ضم باراك وبيريس لحكومته ومنحهما حقيبتي الحرب والخارجية يحقق لشارون اهدافا عدة منها ما يخدم توجهاته المتشددة وما جاء في برنامجه الانتخابي، ومنها ما يخدم سياسة اسرائيل.
كيف..؟!!
اولاً ضم باراك للحكومة الاسرائيلية وتسليمه حقيبة وزارة الحرب، والذي سيكون مأمورا يتلقى الاوامر من شارون، سيدفع باراك الى مواصلة تنفيذه سياسته التعسفية واجراءات القمع العسكرية ضد الفلسطينيين التي وصلت الى حد تنفيذ عمليات اغتيالات مرسومة واعمال حربية ضد المدن الفلسطينية وهذا ما يجعل باراك شريكاً بل اكثر من ذلك المسؤول الأول عن التدمير الكبير الذي سيصيب العملية السلمية، لأنه لايمكن ان يقبل الفلسطينيون العودة للمفاوضات مع الاسرائيليين وباراك يطبق سياسة القبضة الحديدية وبأفكار شارونية.
ثم ان هناك تخوفا في اسرائيل نفسها من ان يدفع شارون باراك الى جنوب لبنان مرة اخرى، وربما اكثر من ذلك صوب سوريا خاصة بعد تزايد العمليات الجهادية للمقاومة الاسلامية اللبنانية.
وقد تدفع التطورات على الحدود مع لبنان باراك الى اتخاذ قرارات شبيهة بتلك القرارات التي اتخذها شارون في بداية الثمانينات.. ليتساوى الاثنان في الجرم التاريخي.
على الجانب الآخر يأمل شارون أن يؤدي وجود شمعون بيريس على رأس وزارة الخارجية الاسرائيلية الى تحسين صورتها خارجياً، وبما ان شارون متأكد بأن الفلسطينيين لن يقبلوا التفاوض في ظل تزايد اعمال القمع التي سيتكفل بها باراك.. ووفق الشروط التي وضعها شارون بالعودة الى نقطة الصفر ووقف العنف فإن وجود بيريس وزيراً للخارجية لا خوف منه وانه لن يكون له دور في التفاوض مع الفلسطينيين باعتبار ان المفاوضات مؤجلة حتى يتحقق الأمن... وحتى ان حصلت مفاوضات فستكون مسئولية التفاوض محصورة بين رئيس الحكومة وطاقمه ووزير الحرب باراك وكلا الاثنين خطهما متقارب، وهكذا يستثمر وجود بيريس لتحسين صورة اسرائيل دولياً وربما لاعادة قنوات الاتصال مع بعض الدول العربية التي لاتزال بعض أنظمتها تستقبل وتجتمع مع شيمون بيريس.. وتتحاشى لقاء شارون.
لمراسلة الكاتب
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|