|
| شرفات
عن المدار المصرية اللبنانية صدر الجزء الأول من موسوعة: «حصاد القرن العشرين» وتضم الموسوعة ثمانية عشر جزءاً، صدر أولها تحت عنوان «مطلع القرن العشرين».
وفيه يحاول المؤلف فؤاد شاكر أن يرسم الخطوط الأولية والملامح العامة للقرن العشرين.
الملمح الأول أنه كان قرناً للحروب والثورات. ومن الحروب التي مهدت لهذا القرن حرب البوير الأولى والثانية، الحرب الأمريكية الإسبانية، الحرب اليابانية الروسية.
كما اجتاحت الثورات كلاً من المكسيك والصين وروسيا على التوالي.
وإذا كانت استقالة بسمارك موحد ألمانيا ومستشارها العظيم عام 1890م علامة فاصلة على رحيل القرن التاسع عشر بساسته العظام، فإن سقوط سور برلين الذي يفصل بين ألمانيا الاشتراكية وألمانيا الرأسمالية عام 1989م كان أبرز العلامات على أفول قرن بأكمله، بكل حروبه ومآسيه.
مع سنوات القرن العشرين الأولى اشتعلت نيران الحرب العالمية الأولى تفتك بالامبراطوريات القديمة مثل الامبراطورية العثمانية والامبراطورية المجرية، وتؤسس نظاماً عالمياً جديداً تتنافس فيه الدول الاستعمارية الكبرى على البلدان في آسيا وافريقيا توزعها فيما بينها.
تستمر حالة من المد والجزر بين الاستعمار الذي ينشب مخالبه في الأوطان وبين ثورات الاستقلال وكفاح الرجال، وبعد عشرات السنين وآلاف الضحايا، وبعد حرب عالمية أخرى )1939 - 1945م( تنجح دول كثيرة في نيل استقلالها مثل مصر والهند والجزائر.
كما ينجح كثير من الزعماء في تأسيس أوطان مستقلة، مثل الزعيم المسلم محمد علي جناح مؤسس دولة باكستان، وجلالة المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية.
كذلك شهد القرن العشرون صعود قوتين جديدتين لقيادة العالم بدلا من إنجلترا وفرنسا، هما الاتحاد السوفيتي الذي تأسس عقب الثورة البلشفية عام 1917م وخضعت لفكرة الاشتراكي العديد من دول العالم، وفي المقابل صعد نجم الولايات المتحدة في السياسة الدولية مع بداية عهد الرئيس تيودور روزفلت )1901 - 1909م( وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية أكثر بلدان العالم تطوراً وصعوداً خلال القرن العشرين، ففي تغير اجتماعي سريع انتقلت من مجتمع ريفي إلى مجتمع مدني صناعي .
كما توالت الهجرات الكبرى إليها مع بدايات القرن العشرين، إذ يقدر عدد المهاجرين إليها وإلى استراليا بحوالي 25 مليون مهاجر مثلوا اليد الضاربة في مسيرة النهضة والتطور حتى صارت الولايات المتحدة أقوى وأغنى دول العالم، خاصة بعد أفول نجم الاتحاد السوفيتي وانهياره مع نهاية القرن العشرين.
سقط الاتحاد السوفيتي أو امبراطورية الشر كما يسميها الرئيس الأمريكي رونالد ريجان وبقيت إسرائيل التي ولدت في منتصف القرن العشرين نبتة خبيثة في قلب الوطن العربي وامبراطورية شر جديدة ترعاها الولايات المتحدة نفسها.
وبعيداً عن لعبة الحروب والثورات والدماء التي غطت كل شبر من الكرة الأرضية تواصلت جهود العلماء منذ بداية القرن العشرين في البحث والكشف والاختراعات المتوالية، فكان اختراع السيارة والطائرة والمنطاد والراديو والتليفون والفاكس واكتشاف الراديوم والذرة والأشعة السينية، كما شهد العالم ميلاد السينما عام 1895م واكتشاف البترول في الخليج العربي عام 1908م.
ثم تمتد جهود العلماء طيلة القرن تختزل الزمن وتوفر الجهد والمتعة وتقود ثورة الجينات والهندسة الوراثية والاستنساخ والكمبيوتر والانترنت والفيمتو ثانية. وكأن العلماء أرادوا أن يقولوا لنا بأن ما قدموه من اكتشافات خلال القرن أهم بكثير مما أقدم عليه الساسة من حروب وثورات ومؤامرات.
فهل سيكون القرن الجديد قرناً للعلم.. والحرية؟!
|
|
|
|
|
