| شرفات
أدب المهجر مصطلح قديم متجدد في السودان حيث يوجد العديد من المبدعين السودانيين يكتبون ويصيغون آدابهم وابداعهم في المهجر، كما أن الهجرة أصبحت الهاجس الملح على غالبية المبدعين داخل السودان ويكمن وراء ذلك أسباب كثيرة في مقدمتها توفير حياة اقتصادية أفضل والبحث عن سبل وقنوات لنشر ابداعه.
حول هجرة المبدع السوداني وأسبابها ودوافعها وانعكاس ذلك على عملية الابداع تدور وقائع السطور التالية:
الأديب يحيى فضل الله الكاتب والممثل المسرحي يؤكد في البداية أن الحياة السودانية تعاني أزمة حقيقية وخاصة في المجال الثقافي الذي هجره الكثير من المبدعين نتيجة الركود الثقافي واقفال عدد من المجلات والدوريات الثقافية مثل مجلة «الخرطوم» ومجلة «الثقافة» وما بقي هو نشاط هامشي ، وهولا ينقل على مستوى وسائل الإعلام السودانية، وهذه الحياة الطاردة في السودان تجعل المبدع يهاجر ،وإذا تحدثنا عن المعاناة أقول إني ككاتب يكون جدلي مع مكوناتي ومحاولة شحذ الذاكرة لأن الفن والابداع كائن خارج الظروف فقد يزدهر في عصور ديكتاتورية أو ينحط في عصر ديمقراطي فالابداع ليس بالضروة أن يرتبط بالمعاناة وهذه المقولة ليس بها تأمل دقيق.أما بالنسبة للرأي المؤيد للهجرة لأنها تعمل علي شهرة وانتشار أعمال المبدعين السودانيين على مستوى العالم فهذا يحدث نتيجة للتراكم فكاتبنا الكبير الطيب صالح تعارف عليه السودان من الخارج وقد ظهر جيل جديد من الشباب السوداني في الخارج يكتب بلغات أجنبية منهم جمال محجوب وطارق الطيب وليلى أبو العلا وحصدوا جوائز عالمية ولم تقف اللغة حاجزاً لتفوقهم واللغة لا تمثل عقبة في أي عمل ابداعي وإذا كان معظم كتاب السودان يكتبون بالعربية فهناك كثير من السودانيين ليست العربية لغتهم الأولى فاللغة لا تمثل اشكالية وأنما هي أداة تعبير المهم أن تظهر سودانية الكاتب فهل حجاج أدول أوإدريس علي عندما يكتب يستعمل اللغة النوبية في الكتابة؟ بل يكتب بالعربية وحتى الكتاب الأفارقة عندما كتبوا باللغة الإنجليزية اضافوا إليها الكثير منهم سونيكا.
إشكالية النشر
أما الشاعرة والكاتبة الصحفية نادية عثمان مختار فتقول إن هجرة المبدع أساسها هو ضيق الأحوال الاقتصادية والسياسية للوطن فلم تزل للآن الأسباب التي أدت إلى الهجرة ولذا فلن تتوقف الهجرة والمبدع السوداني لم يجد مجال التعبير الحر عن رأيه وفكره ويهاجر للبحث عن سبل المعيشة وأثناء انشغاله بعمله في الخارج فبالتأكيد ستتاح له فرصة التعبير والابداع بحرية وبشكل ديمقراطي عكس ما يحدث داخل السودان حيث كل الضغوط حوله بالإضافة إلى المعاناة المعيشية فهو لا يجد مساحة حرية لإخراج كتاباته وليس مطلوباً من المبدع أن يعاني كي يبدع لأن هذا يقتل الإبداع وإذا كانت المعاناة مطلوبة للإبداع فهي في حدود المعقول والحياة بوجه عام لا تخلو من المعاناة وحتى الرفاهية فيها ملل ومعاناة .
وبالنسبة لحل اشكالية النشر والتوزيع فإن المبدع السوداني يقوم بالانغماس ومحاولة ايجاد بوتقة تجمعه وسودانيين آخرين مثله لخلق كيان سوداني يجمعهم وهذا يتم في القاهرة عن طريق انشاء مراكز ثقافية مثل مركز الدراسات السودانية ومركز الثقافة والإعلام السوداني ومركز الدراسات النوبية والتوثيق، ولدي تجربة في هذا المجال فانتاج أول مجموعة شعرية لي تمت هنا في القاهرة من خلال دار سودانية جديدة هي دار الكاتب السوداني وكان كتابي بعنوان «عودة للزمن الجميل» وسواء كنت داخل السودان أو خارجه كنت سأحاول نشر اشعاري ولكن الفرق هنا في الخارج كتبته بحرية وتعبير أرحب لذاتي ولكن أواجه مشكلة في التوزيع فهذه الدار ناشئة وإذا تم توزيع كتابي هذا داخل السودان كان سيحقق أرقاماً أفضل خاصة أن قصائدي بالعامية السودانية، ولذا نجد أن الهجرة سلاح ذو حدين فهي تعتبر حلا لاشكالية حرية التعبير والنشر ولكن تبقى اشكالية التوزيع وكل مبدع سوداني اعتقد أنه يسعى لتوزيع أعماله داخل وطنه لأن كتاباته حول الهموم السودانية.
وقف الهجرة
الكاتبة السودانية نفيسة الشرقاوي «أم أحمد» تؤكد على أن الهجرة تتم لعدة أسباب ولكن أهمها الطموح الكبير وتطلع الشباب لآفاق أرحب وأوسع من أجل توفير حياة معيشية أفضل لنفسه ولأسرته ومن أجل الزواج خاصة أن تكاليف الزواج السوداني باهظة وأما المبدع فهو يهاجر من أجل نشر أعماله وطباعتها حيث لا تتاح له فرصته داخل السودان ففي الخارج يجد توزيعا أوسع واضرب مثلاً بكاتبنا الطيب صالح فهو لم يتعرف عليه العالم إلا بعد الهجرة للخارج وإذا مكث بالسودان للآن ما قرأ العالم أعماله ولا تمت ترجمتها إلى عدة لغات والجانب الاقتصادي هو أساس الهجرة وبعد الاستقرار فيها سيقوم المبدع بتجنيد امكاناته التي توفرت له من أجل نشر وتوزيع انتاجه ومن خلاله سيعرف اسم السودان في المجالات الابداعية في الخارج.
|
|
|
|
|