| مقـالات
** في مناسبة ثقافية في إحدى الدول العربية كان بجانبي في الحافلة التي أقلتنا من الفندق الى قاعة إحدى المحاضرات كاتب عربي معروف.
وعندما عرفني وعلم أني سعودي كان جل الحوار معه حول - تجربة الشورى- بالمملكة، وكان أول سؤال لهذا الكاتب وجهه إلي عن مدى نجاح تجربة الشورى في المملكة التي وصفها بالجديدة، حيث يتم فيها اختيار أعضائها وليس انتخابهم فقلت له: أولا هذه التجربة ليست جديدة لا في تاريخنا الإسلامي ولا في تاريخنا السعودي المعاصر، ففي تاريخنا الإسلامي كان الصحابة هم مستشارو الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر صريح من الله سبحانه - فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر- سورة آل عمران آية 159 وكان أهل الحل والعقد على مدى التاريخ الإسلامي المجيد هم مستشارو الخلفاء والولاة.
أما في تجربتنا السعودية المعاصرة فقد وجد مجلس الشورى مع بداية عهد موحد المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز.
ثم سألني هذا الأديب بعد أن أصغى لإجابتي على سؤاله الأول: ولكن الانتخاب يعني ان أعضاء المجلس هم ممثلو الشعب وخياره، قلت له: قد يكون هذا صحيحا نظريا، ونحن ننظر الى كثير من أعضاء البرلمانات في عالمنا الثالث لكن مع الأسف انتخاب أعضاء هذه المجالس إنما يجيء عبر الهوى والدعاية الإعلامية الاجتماعية والقبلية، وأكثر مما يأتي وفق كفاءة ورأي وقدرات وتأهيل الأعضاء والواقع يشهد بذلك وهناك ناحية أخرى، فالاختيار يجعل الأعضاء مكملين لبعضهم وقادرين على المناقشة والحوار في كل القضايا التي تهم أبناء البلد، وقد أكد هذه الحقيقة معالي رئيس مجلس الشورى السعودي في أكثر من حوار خلال تجربته العملية في رئاسة مجلس الشورى في المملكة.
ثم أعقب هذا الأديب هذه الاجابة بسؤال ثالث قائلا: هل لمستم أنتم السعوديون جدوى مجلس الشورى؟
قلت له نعم، فلقد ناقش أعضاء مجلس الشورى عشرات القضايا والموضوعات وتحاوروا حولها حوارا مفيدا ونافعا، وخرجوا بقرارات وتوصيات كثيرة كان لها مردودها على بلادنا وأبنائها، وقد حضرت بعض هذه الجلسات، ورأيت كيف يتم الحوار المتزن المفيد البعيد عن الجدل الذي تراه في كثير من المجالس العربية المماثلة والتي بسببه لا يصلون إلى نتيجة.. بل كثيرا ما تتعطل القرارات النافعة للناس.
ولعلك تذكر تلك الحكمة الصادقة - مافشا الجدل في أمة إلا أورثهم الفشل- .
وعند هذه المقولة اقتربت الحافلة من الوصول ووجدته هذا الكاتب العربي يتفق معي على نجاح تجربة الشورى بالمملكة التي اختارها الله لنا. وارتضيناها كسعوديين حيث وجدناها هي التي تحقق أهدافنا في تنمية بلادنا وخدمة أبناء وطننا على كافة المستويات الحضارية والاقتصادية والثقافية.
** د. الخويطر
والأحاديث المفيدة الممتعة
** عندما تتحدث أو تجلس إلى معالي الدكتور عبدالعزيز الخويطر أدام الله عليه لباس الصحة لابد أن تخرج بفائدة بل بفوائد سواء من وحي تجاربه الحياتية أو من خلال قراءاته الواسعة والمتعمقة وبخاصة في تراثنا الثري، أو تاريخنا ولغتنا الجميلة.
إنني واحد من أولئك التلاميذ الذين يأتون إلى معاليه خفافا ثقالهم، ولكننا نخرج من مجالسه وأحاديثه بجر الحقائب.. حقائب التجربة والعلم.
من آخر الفوائد اللغوية التي استفدتها منه خطأ استخدام كلمة «العادة» حيث ان الصواب والأصح منها كلمة «المعتاد» فتقول هذا الأمر جرى المعتاد به وليس العادة، وهناك تعبير اشتهر لدى المثقفين العرب على أنه تعبير غربي.. ولكن د. الخويطر من خلال اطلاعه على كتب التراث العربي وجد أن أحد الحكماء العرب سبق هذا الأديب الغربي «شكسبير» في هذا التعبير الشهير.
وهذا التعبير أو هذه المقولة الشهيرة هي:
«هذا هو السؤال».
حيث إن هذا التعبير كما وجد ذلك د. الخويطر في أحد كتب التراث سبق فيه عبدالملك بن مروان الأديب الغربي شكسبير.
ومع كل تلك الفوائد التي تجنيها من حديث ومجلس د. الخويطر فأنت تشعر بالأنس والارتياح، فمعاليه لمن لا يعرفه لا تفوته الطرفة والحكاية المسلية، إنه يمزج أحاديثه وقصصه الجادة بطرفة خفيفة أو نكتة محببة «يحمض» بها على حد تعبيره الحديث ويريح بها الخاطر، ويكسر جمود الحوار، بل يحفّز بها شفتيك على الابتسام.
متعه الله بالصحة والمزيد من العطاء.
|
|
|
|
|