| الاقتصادية
يبدو ان الخدمة المدنية تتجه الى التشدد بالترقية حيث يلوح في الافق جو من الفئوية الوظيفية من خلال فرض قيود جديدة واذا ما حدث ذلك فان الضغوط على الموظف تكون قد اكتملت متوجة بسلب أبسط حقوقه المعنوية لان الترقية في الغالب لا تمنح الموظف دخلا اضافيا قدرما تمنحه روحا عالية فاذا توجهوا لحرمانه من الحوافز المعنوية بعد ان قضوا على كل الحوافز المادية ما يبقى له؟
يبقى له الراتب الذي لم يشهد زيادة منذ عشرين سنة والبدلات التي منعت الواحد تلو الآخر بما فيها بدل مواجهة الجمهور والعمل الاضافي والانتدابات يبقى له التعليمات التي لا تتوقف: لا تأكل لا تشرب لا تروح لا تجي.. لا تتورط!
يبقى له المدير الذي نفسه على رأس خشمه إذا جاءه الموظف يريد اجازة عادية كأنه يسأله صدقة او مكرمة اما اذا كانت الاجازة طارئة فيا ويله ويا سواد ليله لدرجة ان موظفا رفض مديره ان يمنحه اجازة طارئة فذهب الى بيته واخذ معه والده ليقنع سعادة المدير بوجود ظروف طارئة تستوجب الاجازة.
يبقى له مواد استهلاكية ضرورية تضاعفت أسعارها عشرات المرات خلال العشرين سنة الماضية وتكاليف خدمات عامة تضاعفت هي الاخرى.
وفوق هذا كله يرسخ تحت قيود مشددة لا تسمح له بالبحث عن مصدر آخر للدخل الشريف المشروع هذا هو الموظف اليوم فاذا اجتمع عليه مع كل ذلك جمود وظيفي بوقف علاوته السنوية من خلال تأجيل ترقيته سنوات فانه سيواجه ضغوطا شديدة واغراءات متعددة قد تقوده لا قدر الله الى ما لا تحمد عقباه وهو ما لم يحسب المنظمون حسابه لانهم لا يشعرون به فهم ينعمون بمناصبهم وترقياتهم ولا يعنيهم الموظف المرهق الذي يعاني من التعسف والاستبداد.
ان الترقية في موعدها أقل مكافأة تقدر للموظف المجتهد المخلص بل انها قد اصبحت الان المكافأة الوحيدة في ظل ايقاف المزايا الاخرى التي كان الموظف يحصل عليها وفي ظل ما يقدمه في الوظيفة والحياة فاذا حرمته من هذه المكافأة فان انتاجه سيتراجع والتزامه قد يتأثر.
صحيح ان الخدمة المدنية واجب وطني واجتماعي يجب ان يؤديه الموظف دون النظر للمقابل ولكننا لا نستطيع ان نتعامل مع ذا المبدأ على اطلاقه فالموظف انسان له مشاعره وظروفه وهو مسؤول عن نفسه واهله واطفاله ويعيش وسط بيئة تؤثر عليه ويتأثر بها.
|
|
|
|
|