| وَرّاق الجزيرة
الفرعة بالوشم من القرى القديمة فقد ورد ذكرها في وصية العبد الصالح صبيح المكتوبة عام 747ه وهذا يعني نشأتها ابتداء فهي أقدم من ذلك بدلالة وجود قبر وهيب فيها وهو الجد الذي تجتمع فيه بطون الوهبة والذي رجح الشيخ عبدالله البسام أنه عاش في القرن الخامس الهجري. أي بين عامي )400500ه( والمتتبع لتاريخ انشائها يدرك أنها مرت بأربعة أدوار هي:
1 دور الانشاء ابتداء وهذا غير معروف.
2 دور ظهرت فيه عدة قصور متفرقة داخل أشجار النخيل محاطة بأسوار وهذا هو الآخر لم أجد أي مرجع قديم يحدد اقامة قصر أو قصور منها.
3 دور ثالث قامت فيه بلد الفرعة مجتمعة ابتداء من نهاية القرن الحادي عشر وأول القرن الثاني عشر عندما استولى النواصر على قصر المشرف واتخذه ابراهيم بن حسين حصنا له. ثم أقام سوراً على مساحة من الأرض اقترن بأسوار قصر المشرف. ثم بنيت الفرعة مجتمعة في تلك المساحة. والرسم رقم )12( يوضح البلد وأسواقها في ذلك الدور.
هذا الدور قامت فيه صراعات بين النواصر والوهبة من جهة وبين النواصر بينهم من جهة أخرى بناء على صراعات سابقة. وقد أدى هذا الصراع الى انتقال كثير من النواصر الى المذنب البلد المعروف بالقصيم. والداخلة البلد المعروف في سدير وهذا الصراع ليس محصوراً بين الفئتين وانما هو يكاد يكون عاماً في أغلب مدن وقرى وبادية نجد وقد قيض الله للجزيرة وللعالم الاسلامي في ذلك الوقت قيض الله الدولة السعودية برئاسة الامام محمد بن سعود ومساعده المصلح الكبير الشيخ محمد بن عبدالوهاب اللذين تعاهدا على محاربة الشرك ونبذ البدع والخرافات ونشر تعاليم الدين الاسلامي الصحيح. والتصدي للمعتدي فارتفعت الراية خفاقة لجمع الكلمة ومحاربة الظلم والطغيان.
فقد اجتمعت كلمة هذين المصلحين وتوحدت أهدافهما بانقاذ هذه الجزيرة مما هي عليه على الرغم من مجابهة بعض الناس آنذاك لما لهم من أغراض خاصة.
ومع ذلك صمما على مجابهة من يخالفهما، فانتهجا بعث الرسائل الموجهة والموضحة لما هما عليه، والداعية الى ا لتمسك بالدين الاسلامي ونبذ عبادة غير الله أو التوسل به وترك الظلم والاستبداد وعدم التعدي على الغير ومحاولة الاتحاد واجتماع الكلمة التي يأمر بها الدين الاسلامي. وكرسا جهودهما بالدعوة الى الله بالموعظة الحسنة لمن ينصاع لذلك وبالقوة والسنان لمن يحتاج الى قمعه بذلك.
وفي فترة غير طويلة وبعد عون الله ثم توحيد أقطار الجزيرة وخضع كل فرد الى ما تقضي به الشريعة المحمدية قولا وفعلا.
تم في الرسم )1( ايضاح بقايا أسوار الدور الثاني والسور الذي بنى في عهد ابراهيم بن حسين الناصري ومسار كل سور وما شيد من أسوار أخرى على نخيل النواصر وغيرها ويتضح أيضا من هذا الرسم قسم من الأبار الموجودة في بلد الفرعة وداخل أشجار النخيل. وهناك آبار أخرى خارج النخيل وشرق البلد هذه الأبار ومجموعها يزيد على ثلاثين بئراً تمثل مع الأودية والشعاب موارد المياه لها.
4 استمرت بلد الفرعة في دورها الرابع على ما هي عليه في دورها الثالث من حيث موقعها واجتماع بيوتها وتعاهد كل صاحب دار داره فإذا خرب منها شيء أصلحه غير أنه في الوقت الأخير وبعد أن منّ الله على هذه البلاد بالخيرات وتعلم الشباب قلت الأهمية لتلك المساكن وتوزعت الى أعداد كبيرة من الورثة فالبيت الواحد تجد أنه قد آل الى ذرية صاحب البيت ومن ذريته الى أحفاده وأبنائهم ثم أبناء الأبناء.. إلخ وهكذا. ثم أن من يتوفى من ذكر أو أنثى يوصي بالثلث وبهذا بقي البيت الواحد وكل بيت مشتركا بين الورثة من متوفين وأحياء ويضم الوصايا والأوقاف الأمر الذي أدى الى عدم عناية الأحياء بتلك الدور البيوت ومن ناحية أخرى بناؤها بالطين وغير منسقة وصغيرة المساحة وفوق ذلك كله لم تعد تلك المنازل تلبي متطلبات الحياة العصرية. هذه العوامل أدت الى إهمال تلك البيوت وعدم اصلاح ما خرب منها. فتأثرت من جراء العوامل الطبيعية وبالذات الأمطار والسيول تأثراً كثيراً وسقط الكثير من دورها وأصبحت غير صالحة للسكن.
ولكما كانت البلد محصورة داخل السور الذي أقامه ابراهيم بن حسين ومن خلفه أشجار النخيل المشتركة الذي ينطبق عليها ما ينطبق على البيوت أو أشد لا يجرؤ أي مالك على بيع ملكه لأنه لا يملك إلا القليل منه والباقي لأناس أخرين منهم الأموات ومنهم الأحياء ومنها الأوقاف والوصايا. كل هذه العوامل أدت الى تفكير الأهالي الى الخروج الى موضع أخر خارج السور وخلف النخيل. فاتفق على مكان شمالي البلد يسمى الخنقة يقع بين الفرعة وأشيقر يخترقه الطريق المسفلت القادم من أشيقر والمجمعة والكويت والمتجه الى شقراء ثم الديار المقدسة فابتدأ البناء فيه بالحجر والأسمنت.
ولما كانت بلد الفرعة تابعة اداريا لمدينة شقراء كبرى مدن الوشم تدخلت بلدية شقراء وعملت مخططا ضم عددا من قطع الأراضي السكنية وضم فيما ضم المدارس والمساجد والحدائق والمنتزهات والأسواق التجارية ومواقف السيارات وكل ما له علاقة بالتطور العمراني والترفيهي والصحي.
وقد أقيمت في هذا المخطط الجديد المساكن العصرية من دارات )فلل( وعمارات ومساجد وثم سفلتة الشوارع وإنارتها بالكهرباء ومددت شبكة الهاتف وشبكة المياه العذبة الى كل فلة وعمارة وأصبح الحي يضاهي أمثاله من القرى.
عبدالله بن مساعد الفائز
مؤرخ وباحث في التراث
|
|
|
|
|