| العالم اليوم
ما الذي يدفع انسانا يشغل منصباً مرموقاً ويعيش وضعاً عائلياً مستقراً، وحالته المالية أكثر من ممتازة، في بلد يكفل له الرعاية الصحية والاجتماعية ويتمتع بكل الحقوق السياسية والانسانية.. ما الذي يدفع انسانا يتمتع بكل هذه المزايا الى خيانة بلده ويبيع نفسه لدولة أجنبية ويحمل صفة ذميمة ومسمى )جاسوس(.
لقد ادى اكتشاف آخر الجواسيس في الولايات المتحدة الامريكية الموظف في ادارة مكافحة التجسس بمكتب التحقيقات الاتحادي )إف.بي.آي( روبرت هانسن.. أدى الى اصابة اصدقائه وزملائه بالعمل بصدمة ودهشة لم يخرجوا منها بعد، فالموظف هانسن كما تقول وكالة رويترز بقلم سويليمنج، يعيش حياة عادية يرعى اولاده الستة متدين يعطي كل وقته لعمله ولرعاية اسرته ويهتم بحديقة المنزل في فيرجينيا.
من هذا الوصف يظهر الجاسوس هانسن بأنه متوازن، مستقر عائلياً، دخله المادي جيد كونه يمتلك منزلاً في احدى اهم ضواحي العاصمة واشنطن، ومركزه الوظيفي متقدم في ادارة هامة عملها الاساسي مكافحة الجواسيس..!!
شخصية الجاسوس هانسن، وظروفه الاجتماعية والعائلية، ومركزه الوظيفي جعلت خبراء المخابرات والجاسوسية يهتمون بأسباب انحرافه ودراسة الدوافع التي جعلته يتحول من مواطن شريف الى خائن.. ويعمل لصالح بلد أجنبي..؟
وكالعادة فقد تبارى الخبراء في اظهار واستعراض الدوافع اذ يعتقد أبرام شولسكي المؤلف واستشاري المخابرات ان هانسن يعاني من نوع من )تمرد المراهقة( اكثر من شهوة الحصول على المال. وأن هذا التمرد يعوضه هانسن بالاثارة وأثبات تفوقه على الجميع من العاملين من حوله.. ولهذا فإنه كان يتجسس في عقر دار مكافحة التجسس، ويكشف الخبير شولسكي معلومة خطيرة بقوله إن عددا كبيرا من عملاء وموظفي مكافحة التجسس وادارات المخابرات يبدون كذلك..!!
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد ان يقرأ المرء آراء مؤلف كتاب )الحرب الصامتة( الخبير شولسكي، هل التفوق والذكاء الزائد عن الحد يدفع صاحبه الى الغرور ومحاولة اثبات تفوقه على أقرانه حتى لو أدى به الى سلوك طريق الشيطان وخيانة الوطن.
يذكر شولسكي امثلة عديدة، ويذكر بفيليبي الذي خدع المخابرات البريطانية طوال نصف قرن حيث كان يعد واحدا من اكبر واهم عملائها وموظفيها، ومع هذا هرب الى الاتحاد السوفيتي عام 1963م قبل ان يكتشف من المخابرات البريطانية التي كانت تعد في ذلك الوقت من أفضل المخابرات في العالم.
هل اراد فيليبي أن يثبت تفوقه على كل جواسيس بريطانيا.. وهل فعل هانسن مثله ليؤكد التفوق عن طريق الانحراف وارتكاب احقر عمل؟!.
لمراسلة الكاتب
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|