| مقـالات
تعتمد المدرسة في تزويد طلابها بالمعرفة والمعلومات عن طريق استخدام الكتاب المطبوع وذلك من منطلق أن المدرسة في بنائها التكويني عبارة عن مبنى وكتاب ومعلم وطالب، ولكل من هذه المكونات وهي بمثابة مدخلات العملية التعليمية أطره وفنياته، فالمبنى مثلا يتوجب فينا ان يكون مناسبا لانتظام الطلاب وتواجدهم به، وأن تتوافر بقاعاته شروط الإضاءة والتهوية والنأي عن الضوضاء والأثاث المريح، وأن تتوافر به المرافق، والمختبرات والمكتبات والأفنية والملاعب وإمدادها بالأجهزة الرياضية اللازمة، وتوفير تكنولوجيا التعليم.
وبالنسبة للمعلم فهو شخص مبدع ذو كفاءة عالية يدير العملية التعليمية باقتدار، ويعمل على تحقيق طموحات التقدم والتنمية وهذا هو دور المعلم المبدع الفعّال الجامع بين التخصص والخبرة، حيث أحسن تأهيله وإكسابه الخبرة لصقل التجربة في ضوء دقة التوجيه الفني.
وبالنسبة للطالب فهو يتسم بقدرات واستعدادات وإمكانات وميول واتجاهات ورغبات تتناسب مع خصائص المرحلة السنية التي يعيشها والتي توثر في نمطه السلوكي وتوقعاته، وفي مدى اكتسابه للمعرفة القائمة على الفهم والإتقان.
وبالنسبة للكتاب أن يكون سهلا ميسورا واضحا في إبرازه للمعلومة بسيطا في عرضه للقضايا مزودا بوسائل الإيضاح المناسبة للموضوع المطروح، مدعوما بطريقة للتدريس جيدة تحسن استخدام التقنية التعليمية، وواعية بخصائص المرحلة السنية ومدركة للأهداف التعليمية المناسبة للمحتوى التعليمي المراد تدريسه وسواء كانت أهدافا معرفية أو وجدانية أو سلوكية.
وظلت أهمية الكتاب في نقل المعلومات تتعاظم منذ اختراع )جوتنبرج( لفن الطباعة في منتصف القرن الخامس عشر حيث افتتحت أول مطبعة عام 1450م فأحدث بها ثورة ثقافية وحضارية ولكن ماذا الآن بعد الأقمار الصناعية وحساب الفيمتو ثانية؟
لقد حدث أمران: أحدهما: اختزال الزمان والتداخل في المكان لحد تلاشي الحدود، وحدوث الانسيابية ولم يبق سوى أسماء لعواصم لتعبر عن هوية مدمجة في ساحة العولمة، ثانيهما: انتشار المعلومات وتناقلها في حدود الفيمتو ثانية التي تم اكتشافها حديثا بمعرفة عالم عربي )أحمد زويل( حاملة البيانات والإحصاءات ونمذجة للمعارف بشتى ألوانها وأصعدتها.
وفي إثر ذلك بماذا يفيد الكتاب كوسيلة لنقل البيانات والمعلومات؟
بماذا يفيد الكتاب أمام القرص المدمج )CD( الذي تتخطى سعته ثلاثين مجلدا تحمل أكثر من 264 مليون كلمة، 350 ألف صفحة، والقارئ لها يستغرق ما يقرب من تسعة أشهر إذا ما اعتبرنا ان الشخص العادي يمكنه ان يقرأ كل دقيقة صفحة واحدة ويستطيع ان يمضي 12 ساعة قراءة في اليوم الواحد.
وأمام هذا التطور التقني هل يمكن للمدرسة ان تستغني عن الكتاب كلية؟
والإجابة: لا، نظرا لأن الكتاب وسيلة اتصال فاعلة في المجتمع الإنساني ذات أثر نفسي في تكوين العلاقة بين الطالب والمعلم، وتناقل التأثير، وتبادل الإرسال والتلقي، والتأثير في وعي الإنسان و إدراكه. والكتاب الإلكتروني الذي يحتاج لدرجة وافية من الذكاء الفني لا يحل محل الكتاب المطبوع أيا ما كان ما يتسم به الكتاب الإلكتروني من مميزات، ونواتج معرفية.
إن الكتاب الإلكتروني يمكن بلوغه عن طريق شبكة الإنترنت التي يمكن توافرها في أجهزة الكمبيوتر المدرسية والتي يصعب اقتناؤها لكل من فئات الطلاب ذوي المستويات الاقتصادية المتباينة على صعيد البلد الواحد. ومن هنا فإنه كان من الأنفع والأجدى ان نزود المدارس بها لتواكب حركة التقدم التقني الالكتروني المعلوماتي، فليس ميسورا التعامل الشخصي الخاص بها إلا بتوفر إمكانات الحصول عليها حتى ولو كان الكتاب الإلكتروني أقل تكلفة من الكتاب المطبوع، حتى وإن كان توفيرا للجهد والمال والوقت. ولا يعني هذا أننا نلغي القيمة العلمية للكتاب الإلكتروني وموقعه على الإنترنت وإمكانية تصفحه وإضافة كتب أخرى إليه وتناقله مع الآخرين، أو الاحتفاظ به واستعادته في حالة الحاجة إليه تبعا لاستعمال بعض من المفاتيح البسيطة المثبتة في الجهاز والتي عن طريق الضغط عليها يتم تلقائيا الوفاء بما نريد دون جهد أو عناء حتى القيام بالشروحات والتفسير والتخزين فيقوم بها كلها الجهاز.
وعلى الرغم من كل ذلك فأبداً لا يمكن الاستغناء عن الكتاب المطبوع فهو ذاته الذي يتم نقله ووضعه على رف الكتب، أمور يمكن خضوعها للتطبيق العملي.
وعسانا في نهاية المقال ندعو المؤسسات التعليمية لدينا أن تتحول مكتباتها إلى مراكز للإنترنت وأن تضم أسطوانات مدمجة يحفظ عليها كافة الكتب وأن ييسر للقارئ استخدامها وأن نشجع الطلاب على استخدام الكمبيوتر مع ضرورة توفير جهاز شخصي لكل منهم للاستفادة به في عملية التحصيل والتجريب والتدريب على الاختبارات والتزوّد بالمعارف اللازمة. وهذا النداء يؤكد على ضرورة ملحة لمواكبة العصر والأخذ بالمستحدث في الإبداع التقني والابتكار العلمي بما يؤدي إلى التجديد التربوي والتحديث الأكاديمي حتى لا نتخلف عن متطلبات العصر، عصر المعرفة غير المتناهية ونحن في مستهل القرن الحادي والعشرين، قرن التحدي، قرن تطبيق نواتج الاكتشافات العلمية، التي ازدحم بها القرن الفائت، ولا ننسى أننا في عالم متغيّر.
|
|
|
|
|