أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 19th March,2001 العدد:10399الطبعةالاولـي الأثنين 24 ,ذو الحجة 1421

مقـالات

دعوة لذوي الدماء الزرقاء...
لا توقفوا هذه الصحف.. هذه المؤسسات..
د. علي بن شويل القرني
كان احد الاهداف المهمة لاستحداث نظام المؤسسات الصحافية منذ ما يقرب من الاربعين عاما )1383ه، 1963( هو توفر القدرات المالية الكبيرة التي يضخمها اعضاء المؤسسة في سبيل دفع عمليات الانتاج المتقدم لصحافتنا الوطنية.. وفي حينه وضعت اشتراطات فنية وانتاجية لاصدار الصحيفة او المجلة.. وبمقاييس اليوم تمثل هذه الاشتراطات اقل احيانا من الحد الادنى المطلوب توافره في مكتب محلي لاحدى الصحف المتوسطة..
ومع القفزة الكبيرة التي احدثتها التنمية السعودية تطورت الاوضاع الصحافية وباتت الصحف في مجتمعنا تمثل منشآت استثمارية ضخمة.. وتحتاج هذه الصحف والمجلات الى رؤوس اموال تدير العملية الانتاجية الضخمة التي يستلزمها العمل الاعلامي الحديث.. ونعلم ان نظام المؤسسات الصحافية هو قيد الدارسة والنظر من جهات الاختصاص التنظيمية والتنفيذية عله يصدر قريبا بما يمكن ان يحمله من رؤى وافكار مستجدة على ساحة الهيكلة الجديدة لمؤسساتنا الصحافية..
ونعلم ان كل مؤسسة صحافية لها خصوصية بما تحمله من تاريخ عريق في خدمة الرسالة الاجتماعية للصحافة.. ونفس الشيء موت كل مؤسسة بظروف تجاذبتها مراكز قوة وضعف، نجاح واخفاق، انتشار وانحسار.. ودبما بعض المؤسسات لازمها النجاح كثيراً ومؤسسات اخرى صاحبها الاخفاق كثيراًً.. وهكذا دوليك.. الى ان وصلنا اليوم مع مطلع القرن الحادي والعشرين الى مستويات متباينة من النجاح والاخفاق.. مؤسسات ناجحة جداً وتحقق ارباحا هائلة ومؤسسات حققت ادنى مستويات النجاح المتوقع منها.. واحيانا مستويات الاخفاق المستمر..
ونأسف دائما لسماع اخبار اخفاق بعض مؤسساتنا الصحافية لظروف مادية.. فهنا مؤسسة لم تتمكن من دفع رواتب منسوبيها لعدة اشهر، واخرى لم تجد ما تسدد به قيمة الورق.. وربما ثالثة ترزح تحت مديونيات خيالية تعيق استمرارها وبالتالي الغاء خطط التطوير وبرامج التحديث والتوسع.. وهذه مؤسسة تضرب بتاريخها العريق في عقود مضت.. وتلك مؤسسة تقفز في الزمن الجديد والتأسيس الحديث..
وادعو فعلا الى مناقشة هذه الامور بصوت مسموع وكلام معلن.. واعتقد بأن المسألة لا تحتمل المجاملة بالصمت، او التجاهل، او المدارة او التغاضي عن المشكلة.. بل نحتاج الى وقفة شجاعة لمناقشة الموضوع واستقصاء الاوضاع ودراسة الحلول.. نحتاج ان نخرج من قوقعة الظلام، ومن رمال الدفن، الى آفاق النور واشعاعات الشمس.. وقد نشهد خلال الاشهر القادمة موت صحيفة، او غياب مجلة، وربما تلاشي تاريخ مهم في صحافتنا الوطنية.. فهل ننتظر حتى نصل الى حافة الموت، أو لحظة الغياب الأخير؟ ام اننا ينبغي ان نسعى من الان الى ترتيب اوراقنا، ولملمة شتاتنا وتجهيز اوضاعنا حتى نتخطى الصعاب ونتجاوز العقبات.. ونتفادى عمليات الفقد والخسارة والنسيان.. والسؤال البداية.. والبداية الصعبة تكمن في طرح الموضوع ومناقشته وكشف خفاياه امام الجمهور العام وامام المسؤولين الذين لاشك ان هذا الامر لا يخفى عليهم..
ومن خلال قراءة الوضع الراهن للمؤسسات الصحافية التي تمر بظروف مادية صعبة تحول دون الايفاء بالتزاماتها التشغيلية ناهيك عن خطط تطويرية وبرامج نوعية تحويلية تواكب المؤسسات المنافسة في الداخل والخارج العربي والدولي.. ومن ناحيتي بحكم التخصص والتجربة اساهم في تحديد بعض ملامح الخيارات التي يجب دفعها امام هذه المؤسسات الصحافية..
وامام هذه المؤسسات عدة خيارات تبدو احيانا سهلة ومريحة واحيانا صعبة ومؤلمة وبعض هذه الخيارات يتم من داخل المؤسسة وبعضها من الخارج.. ومن هذه الخيارات:
اولا: ضخ اموال جديدة من اعضاء المؤسسة وذلك في محاولة منهم لتعزيز قدرات المؤسسة للانتقال بها من حالة ضعيفة الى وضعيات متطورة في التحرير والانتاج والادارة.. ولكن يجب اذا تمت هذه الخطوة ان تكون الاضافة في رأس المال وفق خطة تطويرية واضحة الملامح مضمونة النتائج.. ولا تكون هذه الاضافة مجرد اموال اخرى مهدرة وبدون عوائد تسويقية تعود بالنفع والفائدة على الصحيفة والمؤسسة.. وقد حدث هذا الضخ في مؤسسات تمت الاستفادة منه وفي مؤسسات لم يتم استثماره اطلاقا..
ثانيا: اضافة مساهمين جدد الى المساهمين الحاليين.. وهذا يستدعي قدرات عالية في اقناع رجال الاعمال وغيرهم للانضمام الى مشروعات تجارية غير منظورة الربح والعائد.. على الاقل في المستقبل القريب.. وفي حالة انضمام مساهمين جدد من المتوقع احداث هزة ادارية معينة على هيكلة المؤسسة يتم بموجبه اعادة بناء وتأسيس وضعيات جديدة في هذه المؤسسة..
ثالثا: من الخيارات المتاحة ان تقرر المؤسسات ان تحول صحفها الى مشروعات صحافية اقل تكلفة وانتاجية، كأن تتحول الصحيفة إلى مجلة أسبوعية والمجلة الأسبوعية الى مجلات شهرية... كما يمكن ان تتحول المجلات العامة الى مجلت متخصصة تغطي مساحات جديدة في اهتمامات القارىء السعودي والعربي.. وتكون هذه التغيرات مؤقتة حتى حين الوقت لاستعادة الوضع السابق من خلال بناء نجاحات وقاعدة توزيع وتسويق لتلك المشروعات..
رابعاً: وتوجد خيارات اكثر صعوبة امام هذه المؤسسات ومن تلك الخيارات فكرة دمج المؤسسات الصحافية بشرط ان لايتم دمج المؤسسات الضعيفة مع بعضها فتزداد المؤسسات الضعيفة ضعفا. وتكبر حصة المؤسسات الأقوى.. والمفترض والذي نقترحه هنا ان تندمج كل مؤسسة ضعيفة في مؤسسة قوية.. فتضفي المؤسسة القوية عناصر النجاح على المؤسسة الاضعف وذلك وفق اعادة هيكلة للادارات وعمليات الانتاج وبرامج التحرير.. وبطبيعة الحال تستمر الصحف والمجلات في كلا المؤسستين.. ويفضل ان تتم عمليات الاندماج لمؤسسات في مناطق مختلفة، حتى تتم عمليات التكامل في التجهيزات الفنية والطباعية والتحريرية، وحتى تكون هناك استفادة قصوى للمؤسسة الأولى...
خامسا: اعادة النظر في اماكن الصدور لهذه الصحف. فلربما يكون احد اسباب اخفاقات بعض الصحف هو ازدحام الصدور في المدينة الواحدة.. وتوجد هناك مدن اخرى ومناطق كاملة بدون الصحف ومجلات تصدر بها..
وارشح الاماكن التالية كأمكنة محتملة للصدور: القصيم، المدينة المنورة، تبوك، حائل.. ولربما مع اعادة صدور هذه الصحف من اماكن جديدة وبوضعيات مختلفة، يكون من السهولة انضمام اعضاء جدد لعضوية المؤسسة بعد عملية الانتقال الى المكان الجديد.. كما ربما تجد هذه الصحف والمجلات مكانا وبيئة اعلانية مناسبة لتعزيز مكانة هذه المؤسسات..
سادسا: ربما يكون هناك خيار آخر غير واضح لكنه قد يكون عمليا وهو تأجير المؤسسة لشركة اعلامية أو مؤسسة ناجحة ماليا.. وحسب ظني ان احدى الشركات الاعلامية الكبرى قد عرضت مثل هذا الخيار على احدى المؤسسات الصحافية، ولم يتم الاتفاق على صيغة معينة في هذا الشأن..
وقد تكون هناك خيارات اخرى او تمازج بين هذه الخيارات المطروحة، ويظل الهدف الاساسي لهذه التغيرات هو انقاذ هذه المؤسسات من مغبة السقوط وهاوية الموت، وربما يقف بعض اعضاء تلك المؤسسات امام عملية التغيير والتحول والتي تستلزم اعادة التأسيس والهيكلة الجديدة، ولكن الحاجة الى الدماء الزرقاء )الضخ المالي الكبير، العملة السعودية الزرقاء( يحتم اهمية الرضوخ لقاعدة التغيير..
ومن المهم كذلك ان يشتمل نظام المؤسسات الصحافية الجديد على آليات محددة وصيغ واضحة لكيفية التعامل مع الاوضاع المتدهورة في تلك المؤسسات.
واذا كان نظام الشركات واضحا في اجراءات التسوية والتصفية في حالات الخسارة المتتالية التي تصل الى نسبة كبيرة من رأس المال،
فلماذا لا تكون هناك اجراءات مشابهة ضمن مواد نظام المؤسسات الصحافية.. او ان تكون هناك اشارة ما داخل النظام للتعامل مع المؤسسات الصحافية بنفس الكيفية التي يتم التعامل بها مع الشركات الموشكة على الافلاس..
وأخيراً.. اخوك من صَدَقك لا من صَدَّقك.. ونحن نصدق تلك المؤسسات ولا نصدقها.. واثارة هذا الموضوع يصب في اطار الحرص على بقائها واستمرارها ودعمها ومساندتها..
فالوضع الراهن يحتاج الى وضعية تتعاون فيه كل الاطراف لمساعدة المؤسسات التي تريد من اشخاص او جهات ان تسارع على انتشالها من الوضع المتردي والواقع المؤلم الذي تعيشه..

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved