| الاخيــرة
ترددتُ كثيراً قبل استئناف الخوض في هذا الموضوع، ومبعث ترددي أنني لم ولن أسلِّم من حيث المبدأ، بفكرة «الصحافة النسائية»، انطلاقاً من عدة اعتبارات ألمحتُ إليها تفصيلاً ضمن زاويتي في صحيفة «الجزيرة» الغراء بتاريخ 4/11/1421ه بعنوان «أروني صحافة بلا عيوب».
üü
وقد بنيت رفضي للفكرة من منطلق ان الابداع الصحفي، او الصحافة المبدعة، أمر ليس حكراً على الرجال أو النساء.. كي ننسبَه إلى هذا الجنس أو ذاك، ولأن العمل الصحفي في خاتمة المطاف مشهد ثقافي وإنساني لا يحكمه جنس ولا لون ولا فصيلة دم! بل تحكمه الموهبة والتأهيل، ويتحكم فيه الجهد المتواصل، والنمو المتصل، والإنجاز المشهود!.
üü إذاً، فالمرأة مثل شقيقها الرجل، متى ما قررت خوض غمار الصحافة، بشقائها ونعيمها، وزُبْدها وزَبَدها، فإن لها ما للرجل من حقوق، وعليها ما عليه من واجبات، طالما تحقق مبدأ التماثل بينهما في المبدأ، أخذاً وعطاءً وتأهيلاً.
üü
من جهة أخرى، أحسب ان عزوف المرأة عن خوض التجربة الصحفية يمكن ان يُعزى لعدة أسباب من بينها انشغالها بأولويات أخرى، شخصية واجتماعية، وقد يكون بسبب ظن خاطئ ترسب في أعماقها عبر ممرات الزمان والمكان والتربية الأسرية أن الصحافة مملكة الرجل وحده، وأن وجودها هي داخل جدران ذلك الكيان كوجود الزائر الطارئ على عجل، وإذا كانت هناك حالات تغاير هذا التوجه، فهي استثناء لا قاعدة!.
üü
وفي تقديري المتواضع أن مثل هذا الظن لدى المرأة، متى وُجد، يجسد أحد أبرز مظاهر الهيمنة الذكورية في مجتمعنا، وإلا، فلا نظام المطبوعات، ولا نظام المؤسسات الصحفية ولا النواميس والأعراف المكتوبة وغير المكتوبة، مما له صلة بالعمل الصحفي، ينكر على المرأة حق الدخول المؤهل إلى دنيا الصحافة، والانتماء إليها انتماءً تتساوى من خلاله مع الرجل، حقوقاً وواجبات!.
üü
إذاً، فالحديث عمَّا للصحفية وما عليها من حقوق وواجبات، امر تشترك فيه مع الرجل، بل وتتنافس في سبيله ومن اجله، وهي قادرة على ذلك متى توفرت لها مقومات الأداء: رغبة وتأهيلاً.
üü
نعم.. قد يتوقع البعض من الصحفية الاهتمام بمسائل أكثر التصاقاً بشقيقتها المرأة، ولكن هذا توقع غير دقيق ولا عادل في كل الأحوال إذا كان توقعاً يلزمها بهذا النهج ولا يتعداه إلى ما سواه من دروب الفكر والمعرفة، لأنه يعني عملياً حصر عطاء الصحفية وإبداعها في نطاق ضيق لا يتجاوز الاهتمام بشؤون الأسرة وفنون الأزياء واكتشافات الطبخ، ونحو ذلك! .
هذا في تقديري ابتسار لدور المرأة في المجتمع وهضم لحقها، وتنكر لقدراتها، فهي مطالبة بأن تكتب عن شؤون مجتمعها وشجونه وأفراده، رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً، تماماً مثل الرجل! وهي تستطيع إذا أُوتيت الموهبة والرغبة والتأهيل المناسب، ان تكتب في الأدب والسياسة والتاريخ والاقتصاد والفن وحتى في بعض العلوم التطبيقية، ولم يقل أحدٌ يوماً إن الكتابة في هذه المجالات ملك للرجل أو حكر عليه!.
üü
أخيراً، أتمنى أن نردَّ الاعتبار للمرأة المؤهلة صحفياً، كي تمارس دورها في هذا المجال بلا خوف ولا ريب ولا قيود هي في النتيجة من صنع «بنات أذهان» بعضنا، رجالاً ونساءً!.
|
|
|
|
|