| عزيزتـي الجزيرة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
لقد ودعنا ضيوف خادم الحرمين الشريفين من آسيا وأمريكا والذين تستضيفهم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وتم اختيارهم وانتقاؤهم من تلك الدول المتعددة وفق ضوابط وشروط معينة تركز على مكانتهم العلمية وقوة أثرهم وتأثيرهم في بلدانهم وبين أبناء مجتمعهم حيث ان جلهم اساتذة وأكاديميون في مختلف التخصصات، إضافة إلى ذوي المناصب العالية والقضاء والدعاة والاستشاريين، بعد ان ادوا مناسكهم وزاروا مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم واطلعوا على كثير من صروح الحضارة الإسلامية التي قامت عليها المملكة العربية السعودية وبذلت من اجلها الاموال الطائلة والمقدرات الهائلة والجهود الجبارة لخدمة الإسلام والمسلمين حيث اطلعوا على المسجد الحرام والمشاعر المقدسة وما عمل فيها من مشاريع متنوعة جعلها مهيأة تمام التهيئة لاستقبال ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين والزوار وفق أساليب ووسائل متطورة وعلى أرقى المستويات ومن خلالها يؤدي الحجاج حجهم بأمن وأمان وطمأنينة واستقرار وراحة مستشعرين عظم المكان والزمان وحرمتهما متفرغين لأداء مناسكهم وعبادة ربهم ودعائه.
إضافة إلى ما قاموا به من زيارة لمعالم المسجد النبوي الشريف وما فيه من خدمات وتقنيات وأجهزة تفوق الوصف الأمر الذي معه اصابهم الذهول والدهشة حتى ان بعضهم لم يستطع وصف مشاعره وقال إن اللسان ليعجز والقلم ليقف عن تسطير ما رأينا وكذلك اطلاعهم على مجمع خادم الحرمين الشريفين لطباعة المصحف والعناية به كتابة وتفسيرا وتجويدا وتسجيلاً بصورة لم يعرف لها التاريخ مثيلاً جعلته مكان الثقة والاحترام والتقدير من جميع أبناء الأمة الإسلامية حتى ان نسخه على مختلف أنواعه وتنوع لغاته تصل إليهم في اماكنهم وبلدانهم مهما تناءت أقطارهم مدركين ان هذا العمل الإسلامي الجبار لم يقصد من ورائه الا الخير وخدمة كتاب الله ونفع الأمة الإسلامية والاعتناء بكتاب ربهم والحفاظ عليه تحقيقاً لقول الله تعالى: «إنّا نحن نزَّلنا الذكر وإنّا له لحافظون» وقوله صلى الله عليه وسلم «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي».
كما زاروا أيضاً الجامعة الإسلامية وتعرفوا على ما تستقبله من طلاب المنح يزيد عدد دولهم على مائة وخمسين دولة وكذلك صلاتهم في مسجد قباء وغيره.
والجدير بالذكر ان الجامعة قد أعدت لهؤلاء الضيوف برنامجاً علميا وعمليا مفعلا بالمناشط المتميزة والخدمات البارزة منذ وصولهم وحتى مغادرتهم تخلله الدروس في العقيدة والفقه والحديث والتفسير والسيرة وبعض الكلمات التوجيهية من قبل أعضاء هيئة التدريس والمشايخ المرافقين لهم وقد توج هذا البرنامج بعدد من المحاضرات واللقاءات مع أصحاب السماحة والفضيلة العلماء وعلى رأسهم سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ وسماحة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء وفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء من خلالها قام هؤلاء العلماء بتوجيه هؤلاء الضيوف وبيان ما يحتاجون إليه من بيان من أمور دينهم ودنياهم وخصوصاً ما يتعلق بالحج مع تركيزهم على واجبهم ودورهم في الدعوة إلى الله وفق العقيدة الصحيحة والمنهج السليم وتعليم أبناء الأمة الإسلامية مبادئ الشريعة وأحكامها مركزين على ان الإسلام هو دين السماحة واليسر والوسطية والاعتدال وانه دخل القلوب والبلدان بدون عنف او حرب او سلاح، كما استمع اصحاب السماحة والفضيلة لأسئلتهم ومداخلتهم واجابوا عنها وبينوها بأسلوب حكيم وطريقة مثلى.. وقد اعجب هؤلاء الضيوف بما رأوه من هؤلاء العلماء من بيان شاف واجابات كافية وافية مقنعة تنير لهم طريقهم وتبصرهم بمبادئ دينهم وتهديهم إلى أمثل الطرق ليتعاملوا مع من يعايشون، وسروا بلقائهم، إضافة إلى ان سماحة العلماء والفضيلة اثنوا على نوعية هؤلاء الضيوف وما تميزوا به من حرص على طلب العلم وما أبدوه من أسئلة ومداخلات تدل على ذلك.
كما قامت الجامعة بتوزيع بعض الكتب باللغة العربية وغيرها من اللغات المختلفة وبعض الهدايا القيمة للضيوف والتي تدل على حسن الضيافة وكرم الوفادة ومنزلة المضيف ومكانته.
وليس الخبر كالعيان ولا من رأى كمن سمع حيث ان هؤلاء الضيوف ابدوا مشاعر المحبة والتقدير والاحترام والعرفان الوافي والثناء لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني على ما يقدمونه من خدمات جليلة للأمة الإسلامية وأبنائها في مشارف الأرض ومغاربها وخصوصاً ضيوف الرحمن.
حيث تحدث عدد منهم عن ذلك معبرين بأحسن عبارة ناطقين بأجمل إشارة استشعاراً وتفاعلاً لما قدم لهم من برامج وخدمات، فمن ضمن المتحدثين الدكتور خليل الرحمن خان مدير الجامعة الإسلامية في باكستان ورئيس القضاء سابقاً، وكذلك الدكتور إسماعيل لطفي جافاكيا رئيس الكلية الإسلامية في جالا «تايلاند» والدكتور جوهري مت من الجامعة الإسلامية في ماليزيا وغيرهم حتى قال احدهم يجب علينا ان ننقل الصورة الحقيقية بكل صراحة وواقعية وموضوعية ونزاهة، كما رأينا من أمور تسر الخاطر وتثلج الصدر ويستبشر فيها كل مسلم صغيراً كان أم كبيراً ذكراً أم انثى مما رأيناه في المدينتين المقدستين مكة والمدينة من خدمات واعمال لا توصف وان وصفت لا يصدقها إلا من اطلع عليها ورأها فضلاً عما تقدمه هذه الدولة المباركة من تسهيلات ووقفات ودعم للمسلمين جميعاً فوق كل ارض وتحت كل سماء من اجل إعلاء كلمة التوحيد ونشر مبادئ الإسلام الحقة وتبصير المسلمين بأمور دينهم ودنياهم وذلك بإنشاء الكليات والمعاهد والمراكز والأكاديميات واقامة المساجد وارسال البعثات والوفود لاقامة الدورات وإمامة المسلمين والخطابة فيهم في كل وقت وحين دون منة أو أذى ولا يقصد منها إلا غايات نبيلة وأهداف سامية تتمثل في حمل لواء رسالة الإسلام والدفاع عنها بأسلوب حكيم على حد قوله تعالى «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» وقوله تعالى «قل هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين» واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وجميع احواله انطلاقاً من قوله تعالى «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً».
والأبعد من هذا قول أحد الضيوف من ماليزيا انني لم افهم قوله تعالى «الله أعلم حيث يجعل رسالته» إلا بعد ان اتيت إلى المملكة العربية السعودية وأديت مناسك الحج حيث رأيت ان هذه البلاد المباركة مؤهلة بأن تكون مهبط الوحي ومنبع الرسالة وقبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم وحمل لواء العقيدة الصحيحة والحفاظ عليها ونشرها.
ولو أردنا ان نذكر كل ما سمعنا واثبتنا كل ما رأينا من خلال مصاحبتنا ومرافقتنا لاحتجنا للأوراق الكثيرة والمقالات الطويلة حتى نبين ذلك ولكن في الإشارات غنى عن التطويل وفي العبارات إشارات للمقصود، وفي الأسطر التالية سأذكر موجزاً مركزاً على تلك المشاعر والمشاهدات والتي تتمثل في الآتي:
1 عند استقبالنا لهؤلاء الضيوف بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة وجدنا منهم الغبطة والسرور والفرحة بهذه الاستضافة رغم تكبد السفر المترتب على بعد المسافة، وكانت ألسنتهم تلهج بالدعاء الخالص لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز على هذه الاستضافة الكريمة.
2 عند تقديم بعض الهدايا التي تضمنها البرنامج وجدنا أثراً وتأثيراً عجيباً على هؤلاء الضيوف حتى ان بعضهم قال «انا لا استحق كل هذا» يقصد الاستضافة وما صاحبها من العناية والاهتمام وتقديم الخدمات المتميز في جميع أجزاء البرنامج.
3 الدهشة التي لا توصف والاعجاب المنقطع النظير بما رأوه من خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسوله صلى الله عليه وسلم عند زيارتنا للمدينة ولقاء الوفد وكيل الإمارة تبودلت الأحاديث وبرز من خلالها وصف للمشاعر التي اجتاحت في قلوبهم عما رأوه حتى قال احدهم: أنا زرت المدينة قبل خمسة عشر عاماً واليوم أنا لا أصدق ان هذه المدينة هي التي رأيتها من قبل فقلت له: ما نراه اليوم هو تحقيق لما وعد به خادم الحرمين الشريفين حفظه الله من انه سيجعل المدينة المنورة تضاهي كبريات مدن العالم مع الحفاظ على أصالتها وعراقتها وتراثها وهاهو الوعد يتحقق والحلم يصبح حقيقة وواقعاً يلمسه كل مسلم.
4 من الأشياء التي لاحظنا قوة تأثيرها ومدى عمقها في نفوس هؤلاء هي حضورهم الحفل الذي أقامه خادم الحرمين الشريفين لاستقبال الوفود والضيوف.
5 عند نهاية البرنامج واستعداد هؤلاء الضيوف للرحيل إلى بلدانهم تعلوهم وتختلج في نفوسهم الدعوات الصادقة لهذه البلاد وقادتها وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين التي عبروا عنها بأنفسهم ومقالاتهم وبرقياتهم وأفعالهم تم الحديث معهم والاعتذار عما إذا حصل نقص أو تقصير لأن الإنسان مهما بلغ من جهد واجتهاد لا يمكن ان يصل إلى الكمال فقالوا لا بل اننا لم نر كل حفاوة وتكريم والزيادة في الترتيبات مما لم نتصور ان يهيأ لنا.
واختتم مقالي هذا حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فالشكر اولا وأخيراً لله سبحانه وتعالى على ما انعم به علينا في البلاد من نعم عظيمة وآلاء جسيمة اولها واعظمها نعمة الإسلام والإيمان والأمن والأمانة والطمأنينة ورغد العيش والاستقرار. ثم الشكر لقادتنا الأماجد وولاة امرنا الأخيار على ما يقدمونه من خدمات جليلة وأعمال لا تقف عند حد لأبناء وطننا الغالي بصفة خاصة ولأبناء الأمة الإسلامية بصفة عامة.فنسأل الله ان يكون ذلك في ميزان حسناتهم وان يوفقهم لكل خير ويزيدهم عزاً ونصراً وتمكيناً وقوة ورفعة وان يبارك في جهودهم واعمالهم واعمارهم انه ولي ذلك والقادر عليه.
د. سليمان بن عبدالله أبا الخيل
وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|
|
|
|
|