| الاقتصادية
في موسم حج العام المنصرم 1421ه، قرأت مقتطفات عن تقارير إعلامية نشرتها جريدة الوطن على إحدى صفحاتها، حول الجهود التي تبذل في أعمال الحج من قبل الجهات الحكومية والأهلية، كل حسب اختصاصه ودوره، وكذا نشاطه سواء كان أمنيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، وذلك نقلا عما يتناقله ويبثه مراسلو بعض المؤسسات الإعلامية العربية والعالمية التي حضرت في موسم الحج للتغطية الإعلامية عن أداء المسلمين لمناسك الحج وكذا دور القائمين على أعمال الحج، وكان من ضمن ما أصدرته من تلك التقارير، ما ذكرته القناة الأمريكية الشهيرة )C.N.N( حينما كانت تقوم بالتغطية الإعلامية عن أنشطة الحج عامة، حيث كان من ضمن العبارات التي ذكرتها ما يحمله عنوان هذا المقال «هذا تنظيم غير بشري»، تأكيدا منها أن قوة العمل الهائلة والقائمة على تقديم الخدمات للحجيج، وبهذا التنظيم والسيطرة إداريا وفنيا، أنه ليس من الممكن أو القول أن أداء هذا العمل الكبير يتم من خلال جهد بشري فقط، اعتقادا أو تصورا منها أن هناك تقنيات آلية تدعم وتسهم مع الجهود البشرية مسيرة الواجب المقدم لعامة الحجيج، أو قد تقصد من ذلك القول إلى أن أداء مثل هذه الواجبات قد يصعب على الغير الأتيان به من خلال بني البشر فحسب، في الوقت الذي تشهد له تلك الإنجازات أنه عمل يقوم على سواعد بشرية وطنية، فهذا الاعتقاد أو التصور لدى قناة إعلامية أجنبية اعتاد وعرف الجميع منها طرح الواقعية والحيادية من خلال ما تقوم به من بث إعلامي على مدار الساعة، أضحى شهادة دولية تسجل لأبناء هذا الوطن عن مدى قدرتهم وخبرتهم العريقة التي اكتسبوها في الأعوام الماضية بالعمل في بقعة واحدة يحتشد فيها قرابة مليوني شخص في أيام قلائل وبأوقات محددة ومنتظمة، وقد وظفوها وسخروها لراحة وطمأنة المسلمين لأداء ركن من أركان دينهم، وهذه دلالة على أن المواطن السعودي لديه من العزيمة والقدرة على أداء الواجبات، والعمل في موسم عظيم كبير كموسم الحج، والذي يعد عملا لا يمكن مقارنته بأي عمل آخر، فكما ذكرنا أن قوة عمل واحدة تجتمع بسياسة الفريق الواحد وبنموذج أشبه للتنظيم التكتلي في مكان واحد ولهدف واحد، لا شك أنه عمل ليس من السهل الاتيان به.
وإن هذا النشاط الذي يؤديه أبناء هذا الوطن بالكيفية والقدرة والتي يشهد لها ملايين الناس في أصقاع المعمورة، أنه يعد عملا واجب الأتيان به خدمة لهذا الدين الحنيف من ناحية وإثباتا لمدى قدرة المواطن السعودي للقيام بإنجاز يصعب على دول عديدة القيام به، ولا يمكن لأحد أن يشك في ماهية العطاء المقدم، لأن الخدمات العديدة والمتنوعة في موسم الحج يكفي القول أنها تقدم لنماذج عديدة من البشر، منهم من يحمل عادات وتقاليد معينة وتختلف من حاج لآخر، وبلغات عديدة، فضلا عن المراحل العمرية لعامة الحجيج التي تبدأ من الطفولة الى الشيخوخة مرورا بسن الصبي والشباب والكهولة الى العديد من الأمور التي يصعب التعامل معها وإنجازها كما هو مطلوب، خصوصا وأنها تحل في أيام معدودة لا تتجاوز خمسة أيام. إن الهدف من الكتابة عما أشارت إليه تلك القناة الإعلامية هو زيادة في الإعلام عن أبناء هذا الوطن، بما يؤدونه عاما بعد عام من جهد عظيم وإنجاز كبير، وأمر آخر يؤكد فيه للجميع مدى قدرة المواطن السعودي على القيام بأي عمل يكلف به وأنه لا يقل قدرة ومعرفة عن نظيره الوافد، وإن كان هناك من ملاحظات على بعض من العمالة الوطنية التي دخلت سوق العمل أخيرا والأخرى القادمة الى الدخول في هذا السوق، من قبل القائمين على القطاع الخاص، فقد يكون البعض من هذه الملاحظات صحيحا كأمر واجب الاعتراف به إن كان صحيحا، وعلى تلك الفئة من العمالة تحسين أدائها في العمل وإعطاء العمل أهمية واحتراما بالغين، إثباتا للجميع عن قدرة واهتمام المواطن السعودي بعمله، وفي الوقت نفسه تبعث بدعوة كريمة للآباء وأولياء الأمور بأن يكونوا خير معين لأبنائهم وتوجيههم التوجيه السليم تربويا وتعليميا، وغرس حب العمل فيهم وتباين مكارمه وأهميته للفرد حاضرا ومستقبلا، وأبناؤنا ولله الحمد كفاهم أنهم نشأوا على فطرة إسلامية يحمل لها هذا الدين من القيم والمبادئ ما لا تتوافر في الأديان الأخرى وبالمقابل هناك واجب للقائمين على أفرع القطاع الخاص ببذل النفس والنفيس في تشجيع أبناء الوطن بالعمل في منشآتهم ومنحهم الفرصة تلو الأخرى، حتى يكونوا شركاء في رقي ونهضة منشآتهم التي تعد جزءا كبيرا من الاقتصاد الوطني، وللقائمين على وسائل الإعلام عامة، واجب في السعي الى ما من شأنه توعية الشباب إعلاميا بكل ما يفيدهم ويخدم وطنهم وأن تتعاون الجهات ذات العلاقة بشؤون العمل والعمال ممثلة بمجلس القوى العاملة، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، مع وزارة الإعلام والمؤسسات الإعلامية عامة حول هذا الأمر، وأن تعد نماذج بعبارات ذات نصوص مدروسة تؤكد على المحافظة على الوظيفة التي تقلدها الموظف وتبيان مدى أهمية العمل، واحترام أنظمة العمل عامة، وذلك عبر كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية تحقيقا للنتائج المتوخاة «أمنياً واقتصادياً واجتماعياً».
|
|
|
|
|