|
| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
بعد التحية
أحسنت صنعاً الجزيرة وفي الوقت المناسب فعلا عندما استضافت عددا كبيراً من رجالات التربية والتعليم ومن لهم باع طويل في علم الاجتماع في عددها 10427. وكان هذا اللقاء وشاملا وهادفاً وكاملا حول ظاهرة الاعتداء المتكرر على المعلم في التعليم العام الحكومي والأهلي، وقبل أن يتسع الشق على الراقع ونندم حيث لا ينفع الندم ونقول ياليتنا ما فرطنا في أمرنا.. فجُوزيَ خيرا الأخ الفاضل/عبدالرحمن محمد الرشيد الذي أجرى هذا اللقاء حيث ضمد جراحنا نحن المدرسين وأجرى هذا اللقاء مع ثلة كبيرة من التربويين ليكونوا لنا ردءاً نحن المدرسين أمام وزارة المعارف حتى لا تلقى اللوم على المعلم. وحتى تنظر إلى هذه الظاهرة التي تنخر في خشبة عمر المعلم ولو من سم الخياط فتقتلع جذورها وتقطع دابرها، وتعيد للمدرس ماء وجهه وهيبته التي كان يتمتع بها سابقا منذ مدة ليست بالطويلة. وبادئ ذي بدء نتقدم نحن المعلمين شاكرين ومقدرين جريدة الجزيرة التي تطرقت لهذه الظاهرة الخطيرة والتي تزداد يوما بعد يوم وعاما بعد عام لأن هناك من ينميها ويسقيها ويعتني بها ويهدهد على ظهر بقائها ورواجها. ونتقدم شاكرين ومقدرين للجزيرة عندما منحت هذه المساحة الكبيرة على متن صفحاتها لمثل هذه الظاهرة في الوقت الذي نرى كثيراً من الصحف تتسابق إلى أن تكون المساحة الكبيرة للدعاية وللاعلان على حساب المصلحة العامة. كما نتقدم لهؤلاء الأكاديميين والاساتذة ومن شايعهم والذين أوفوا هذه الظاهرة حقها من الدراسة ومن البحث ومن التمحيص وقالوا كلمة الحق ولم تأخذهم فيها لائمة حيث وضعوا النقاط على الحروف وشخصوا الداء ووصفوا لنا الدواء الشافي. وإليكم وعلى عجل وبصورة مختصرة جداً، لتكونوا على علم بهذه الظاهرة، مقتطفاتٍ من وجهات نظرهم حول أسباب هذه الظاهرة الاعتداء بالضرب على المعلمين.
1 أفقدوا المعلم هيبته فضربه طلبته. 2 وزارة المعارف هي السبب في تطاول الطلاب على المعلمين. 3 بعد سنوات من منع الضرب في المدارس والغاء درجات المواظبة والسلوك بدأت سلبيات القرار المرتجل في الظهور. 4 ليس هناك شيء مقنع لقرار الغاء درجتي السلوك والمواظبة سوى التظاهر الحضاري . 5 من أسقط درجات المواظبة والسلوك يتحمل المسؤولية . 6 لابد من التوازن بين التعليم والتربية.
هذا بعض من كثير ولولا خوفي من الإطالة لسقت الكثير لأنها تستحق القراءة مرة ومرتين وصادرة من متمكنين في التربية والتعليم أقولها مرة ومرتين وهدفهم الإصلاح ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ولايريدون منا جزاء ولاشكورا.
وهذه الآراء واضحة وبينة والكل مجمع وبدون شك ولاريب أن وزارة المعارف هي التي أشعلت فتيل هذه الظاهرة عندما قامت مشكورة وألغت مبدأ العقاب البدني ودرجتي السلوك والمواظبة.
وكما قيل من أمن العقاب أساء الأدب ولنا في ديننا الإسلامي الاسوة الحسنة في كيفية التربية حيث قال في حق الأولاد «مروهم عليها لسبع واضربوهم عليها لعشر» وقال في حق الزوجات إذا بدا منهن أي تصرف غير لائق عظوهن ثم اهجروهن في المضاجع ثم اضربوهن. فلقد أقر مبدأ العقاب البدني فلماذا تأتي وزارة المعارف ولا تقره. ثم إننا نحن المربون لا نأتي إلى العقاب البدني حتى تنفد جميع الطرق وتنسد أمامنا جميع السبل من الدعوة بالتي هي أحسن ثم بالتي هي أحسن من التي أحسن ثم بالوعظ والارشاد والترجي والتوسل والمدح حتى الاطراء ثم دعوتهم منفردين ثم مجتمعين ثم سراً وعلانية في أطراف النهار وأطراف الليل فإذا لم ُتجد هذه الطرق فما هو الحل في نظر الوزارة. ثم يجب ألا يخفى على الوزارة أن الذي يصل إلى مسامع الناس وإلى مجالسهم من الاعتداء على المعلمين هو الذي لايقدر على حله سلمياً مدير المدرسة أما ما يقوم مديرو المدارس بحله سلمياً فما أكثره فهم يقومون بحله خوفاً على سمعة المدرسة وحفظا لماء وجه ذاك المدرس عند أهله وناسه وأصدقائه ورفقائه، فما أكثر ما نبتلع نحن المدرسون من كلمات بذيئة من طلبتنا وما أكثر ما نسمع كلاما خارجاً عن نطاق الأدب ونبذل ما في وسعنا في حله فلا نقدر وما أكثر ما نغمض عينينا عن بعض تصرفات بعض الطلبة خوفاً من أن يأتينا الأكبر وخوفاً من أن ينقلب السحر على الساحر ثم بقدرة قادر تكون الكرة في مرمى المدرسين ونحن نجيد فن هذه اللعبة ونسبح في بحر لا ساحل له، وكما قيل اليد قصيرة والعين بصيرة صار المعلم في هذه الأيام ما إن تطأ قدميه عتبة باب المدرسة في الصباح إلا ويقول: اللهم اكفني شر الاشرار وشر طوارق الليل والنهار. واذا خرج مساء قال: الحمد الله الذي أخرجنا منها سالمين غانمين. هذا من جهة ومن جهة أخرى أحببت أن أشارك هؤلاء الاخوة الأفاضل في أسباب انتشار هذه الظاهرة حول الاعتداء على المعلمين حيث أني لازلت في الميدان وفارسا من فرسان هذه المهنة وألمس عن قرب ذلك وكما قيل أهل مكة أدرى بشعابها وقيل ليس المشاهد كمن سمع الخبر فأنا أقول ما قاله الاساتذة: منذ أن ألغيت درجات السلوك والمواظبة ومنذ أن غابت العصافير عن مدارسنا الا وظهر ذلك جليا وواضحاً على طلبتنا في دخولهم وفي انصرافهم من المدرسة وفي أثناء جلوسهم أمام معلمهم وفي أثناء مذاكرتهم وتغيرت الأحوال وسبحان مغير الأحوال. ولعل من أهم الأسباب التي أرى أنها من أسباب تفشي هذه الظاهرة ظاهرة الاعتداء على المعلمين ما يأتي:
أولاً: إن الوزارة سحبت جميع الصلاحيات التأديبية من يد المعلم والتي كانت بيده في السابق يهش بها على بعض السلوكيات والأخلاقيات التي تتنافى مع التربية والتعليم ولم يعد بيده غير المسّاحة والطبشور ولم يعد أي ناحية تأديبية يخافها الطالب أو يخشاها أو حتى يتوجس منها صارفي الفصل يصغى متى شاء ومتى أراد ويحضر متى شاء ومتى أراد إلى الدرس ويأتي إلى الفصل أحياناً عليه حمل السهر وحمل انهزام فريقه الرياضي أو عليه نشوة فرح لفوز فريقه وكلا الأمرين أحلاهما مر فكم نصحنا ولكن لايحبون الناصحين وكم بذلنا ما وسعنا ومن حيلنا وقوتنا حتى نفد صبرنا وغلى الدم في عروقنا .
ثانياً: كثير من المشرفين التربويين لم يكونوا في يوم من الأيام الأخيرة عوناً للمدرس من الناحية التربوية بل يصبون جل اهماماتهم وجل اشرافهم وعظيم سلطانهم على المادة العلمية وحفظها واستظهارها والناحية التربوية جعلوها نسيا منسيا قابعة في زاوية الاهمال إذا دخل الفصل وأجاب الطالب عن أسئلة في المادة شمر عن ساعديه ليمنح المعلم شهادة التميز والتفوق وأدرج اسمه في قائمة المكرمين لهذا العام وأكال له الثناء والمدح حتى الاطراء ويندر من المشرفين التربويين من يجعل سلوكيات الطلبة أمام عينيه أثناء علمية تقويم المعلم كل مايهمه مدى تحصيل الطالب ولم يخطر ببال بعض المشرفين التربويين يوما من الأيام أن يسأل المدرس عن المشكلات السلوكية الطلابية التي واجهته وقام بحلها سلمياً فيثنى عليه أو تساعده في عملية تقويم الأداء فتشفع له حتى يتنافس المتنافسون لمثل هذا الصنيع والسبب في ذلك قلة خبرة المشرف التربوي وحداثة سنه ولأنهم لم يأتوا إلى الإشراف التربوي رغبة فيه بل رهبة من هؤلاء الطلبة الذين صاروا يعتدون على المعلم والإشراف التربوي أكثر أمناً وأماناً وأكثر راحة واطمئناناً ونادراً مايتحدث المشرف عن السلوكيات أثناء زيارته وان تحدث فحديثه عنها هامشي.
ثالثاً: صار النجاح وسبله وطرقه أمام طلبتنا أمراً ميسوراً مقارنة بأعوام قد خلت فصار الطالب في أيام الدراسة والمذاكرة والاختبارات يمشي مشي الهوينا لاريث ولا عجل وجميع الأنظمة وجميع اللوائح والقرارات تخدمه.
فمثلا في أيام الاختبارات إن رغب اختبر وان تثاقل فالبركة في التقارير الطبية التي تثبت انه في يوم من الأيام كثير العطاس وعلى المدرس أن يعيد له الاختبار في اليوم الذي يرغبه الطالب وينشرح فيه ولنا أن نتصور في المرحلة المتوسطة عندما يغيب طالب من السنة الأولى وطالب من السنة الثانية وآخر من السنة الثالثة فان المدرس سوف يضع أسئلة ونماذج إجابة وكأنه يضع للمدرسة كاملة والوزارة لم تراع هذه الناحية وفي كل عام تحمل على المعلم حمل بعير.
رابعاً: المراكز التربوية والتي صارت ميداناً خصباً للدروس الخصوصية فما على المدرس إلا أن يأتي بسند قبض موثق من هذه المراكز التربوية ليعبر به بيت الطالب في وضح النهار. فقلّت هيبة المدرس عندما يتربع في مجلس الطالب وصار بعض الطلبة ميسوري الحال وما أكثرهم يذهب إلى الفصل الدراسي من باب تحصيل حاصل أو من قبل تزجية الوقت وإذا أراد فهم هذا الموضوع فبإمكان المدرس الخصوصي أن يعيد له هذا الموضوع وهو في بيته متكئ على أريكته وعليه في الفصل أن يفعل مايشاء. ولكثرة جلوس الطلبة مع مدرسيهم في البيوت المحمية بالسندات قلّت الهيبة .
خامساً: إن الإعلام عندنا المقروء عندما يخطىء المعلم بضرب الطالب يجعل من الحبة قبه فيشهر بالمعلم ويتصدر هذا الخبر عناوين الصحف علماً بأن المربي يخطئ أحياناً معلما أو والداً والخطأ في مثل ذلك وارد وما أكثر ما نخطئ نحن الآباء عندما نقوم بتربية أولادنا في البيت لأن الخطأ جاء إثر مصلحة ثم يكون الخطأ مقبولا ومستساغا عندما يكون صادرا من كبير في تربية صغير ولا يكون مقبولاً ولا مستساغاً عندما يصدر من الابن أو الطالب في حق والده أو معلمه لأن الأصل في المربى أن يضرب لا بالعكس .
سادساً: ان الوزارة في الآونة وعندما كثر المعلمون عندها وتوفر البديل هان عليها أمر المعلمين بحجة توفر ا لبديل والباب يسع عندها الآن جملا فأكثرت على المدرس الاحمال والأعمال حتى قل حيله وفترت قوته عن تحمل طلبته في الفصل وصار يثور لأتفه الأسباب فيا وزارة المعارف لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى وكثرت ظاهرة الاعتداء على المعلمين فإليك وعليك نشكو نحن المعلمون قلة حيلتنا وهواننا على طلبتنا فهلا من حل يقطع دابر هذه الظاهرة. لقد صار الطالب في مدارسنا لا يخاف من الاعتداء على معلمه لومة لائم لقد ترك الطالب العنان للسانه في التلفظ بالكلمات البذيئة على معلمه ومربيه، صار الطالب لاينظر إلى معلمه نظرة تأدب واحترام وإجلال كما في زمن قد مضى فيا وزارة المعارف أعيدي النظر كرة وكرتين في إعادة درجتي السلوك والمواظبة وفي العقاب البدني لأن من أمن العقاب أساء الأدب وهذا كله فيه مصلحة للطالب وفيه اهتمام به وبمستقبله وتنشئته التنشئة السليمة التي فيها أدب وفيها رجولة فلا يجمل من الوزارة ان تستبد برأيها ولايجمل بالوزارة ان تترك هذه الظاهرة تسري إلى مدارسنا وترتع وتلعب في مضاربنا كثير هم ياوزارة المعارف من الآباء وأولياء الأمور قبل المعلمين يرون ان إعادة الثواب والعقاب من أنجح الطرق.
لقد لمس الآباء أثر ترك التربية بالعقاب البدني في بيوتهم ومنازلهم ونواديهم حتى صرنا نسمع باعتداء بعض الأولاء على والديهم بالضرب وهذا وأيم الله ناتج عن خلل في مدارسنا عن طريق التربية.
عبدالرحمن سلمان الدهمش
ثانوية الملك سعود بالدلم
|
|
|
|
|
