| فنون مسرحية
تجول ببصرك داخل ازقة الانترنت، تتعثر في ممراتها المتشعبة، وانت تكتب بعض الحروف، بحثا عن خرائط مسرحية عربية في هذا الفضاء الفسيح الذي يمتد كفضاء مواز لوجودنا المادي.
غابة من العناوين تأخذك اليها محركات البحث المستعربة ترمي بك الى حيث يحتمل وجود المسرح عربيا على الشبكة.. سأعثر على عنوان مسرحي ما، كذلك تمني نفسك في كل مرة تعود فيها الى الخلف بعد الفشل في نيل ما تصبو اليه من كومة الوصلات المقترحة.
تزداد فضولا كلما تملكك الشعور بالاقتراب من الهدف. تتقصى أكثر فأكثر حاملا معك شوقا لتصفح موقع لمهرجان مسرحي، او فرقة مسرحية او حتى مسرحي ناشئ.. هذه المرة تتأمل صفحة البحث بكثير من التدقيق، ثم تبدأ ترتيب الكلمات على هيئة اخرى لتعاود البحث من جديد املا في تحصيل مرامك.. «مسرح»، «مسرحي» «مسرح عربي»، «مسارح».. هكذا تصير الكلمات مفتاحا لمجاهيل الانترنت، بساطا سحريا بحق يطير بنا من مكان لآخر، ندوزن بها ايقاعات البحث الصاخبة، المكتظة بتنويعات معلوماتية من خبر وتحقيق وتعليق .. واعلانات لا تكف عن الظهور الممل في كل محاولة تصفح.
تحيلك محركات البحث في كل مرة الى قوائم وصلات قد تطول وتقصر، على انها دائما ما تنتهي بنا الى محطات الخيبة.. مجرد وصلات خبرية في احسن الاحوال تنتقل بك بين اقتطافات الصحف.. تستذكر وقتها كيف ان هنالك عالماً من المواقع الاجنبية المختصة بالمسرح تعدادها يقطع الانفاس، فيما المشهد ا لمسرحي عربيا على الانترنت لا يعدو ان يكون مجرد حفنة من المواقع.. ارقام لا تستحق الذكر وتبعث على الخجل حيث المقارنة مع نظيراتها.
انها لقطات سريعة لمشهد كئيب، تحكي عن تعاسة اخرى تنال من ابتهاجنا المسرحي.. فحال المسرح على الشبكة مثله على الواقع بل قد يزيده هشاشة وغيابا، كلاهما يشاطر الآخر وجع الغياب وضياع الفرص، فرص الحوار والتواصل الحي مع الآخر، عربيا كان ام اجنبيا، فرص التعريف باسهاماتنا المسرحية وتبادل الخبرات.
ليس لتلك المواقع الضئيلة المتواضعة ان تمثل تشوفات المسرحيين العرب، او ان تكون نوافذ للتثاقف المسرحي بين تجارب متساوية في الهم ومتباينة في العطاء، فهي محاولات ابتدائية تستلهم تفاصيلها من هواجس ذاتية لم تنقطع عن لحظات الافتتان الأولي بهذه الشبكة، اكثر من اتيانها للشأن المسرحي الذي يبقى هما جماعيا لا تصيبه الاجتهادات الفردية التي تدور في مدارها المواقع العربية للمسرح على الشبكة، بل تستدعي جهدا مؤسسيا لئلا تشيخ باكرا.
ويبدو المسرح العربي حتى الآن بعيدا عن الانشغال بهذا الامكان الاتصالي، يقف متفرجا لا مشاركا، لا يستفيد منه في توسيع افق التواصل الجمالي، ولا في اعادة ترتيب المشهد الانساني الذي يهمش فيه المسرحيون يوما بعد يوم بفعل مستحدثات التقانة، والحال انه بمثل ما يتمادى فضاء هذه الشبكة بالاتساع ستتباعد حتما المسافة بين المسرحيين وبين الحلم المسرحي، ذلك الحلم بتوسيع مساحة التلقي والحوار على السواء.
Atheer93@hotmail.com
|
|
|
|
|