| أفاق اسلامية
لو لم يكن في فضل اللسان وشرفه وعظيم مكانته إلا النطق بكلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) لكفاه ذلك شرفا وفضلا ومكانة كيف ونحن بهذا اللسان نقرأ القرآن ونذكر الله ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر وندعو الى الله، ونقضي الكثير من حوائجنا ونعبر عما في نفوسنا وضمائرنا، وقد امتن الله تعالى على عباده بهذه الجارحة فقال: (ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين) فإذا استخدمت في خصال الخير والبر وكانت طريقا إلى رضوان الله وجنته، أما إذا استخدمت في غير ذلك، فإنها نقمة كبيرة على صاحبها وشر مستطير، قال تعالى: (إذ تلقّونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم)، وقال: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
إن حركة اللسان أيسر حركات الجوارح، ولكنها في الوقت ذاته أضرها وأخطرها على العبد، أو أنفعها، وقد كان ابن مسعود رضي الله عنه يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من اللسان. ومن العجيب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من الظلم وأكل المال الحرام والزنا وشرب الخمر وغيرها من المعاصي والذنوب، ولكنه يصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه، كما جاء في الحديث.
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله (وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يفري في الأحياء والأموات ولا يبالي ما يقول) (الداء والدواء 277).
وفي الحديث الصحيح: (يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان في قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه الله في جوف بيته).
قال الشاعر:
احفظ لسانك أيها الإنسان
لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه
كانت تخاف لقاءه الشجعان |
محمد أحمد مرعي عسيري
أبها مركز هيئة المنهل
|
|
|
|
|