| أفاق اسلامية
* سراييفو خاص ب «الجزيرة»:
ثمن فضيلة رئيس العلماء في جمهورية البوسنة والهرسك الشيخ الدكتور مصطفى سيريتش وقفة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وحكومته الراشدة والشعب السعودي النبيل التاريخية الكريمة مع شعب البوسنة والهرسك في محنته أثناء الحرب العدوانية عليها وبعدها.
ووصف الدكتور مصطفى سيريتش في حديث مطول خص به «الجزيرة» تلك الوقفة التي كان وما زال مهندسها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض ورئيس لجنة مساعدة مسلمي البوسنة والهرسك بأنها وقفة مساندة ومساعدة ونصرة وإعادة بناء والتي لولاها لكانت حالة المسلمين في البوسنة والهرسك أسوأ بكثير مما هي عليه الآن.
وقفة المملكة المشهودة
وعدد فضيلة رئيس العلماء في البوسنة والهرسك بعض المشروعات الخيرية التي نفذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين رعاها الله في البوسنة، منها جامع ومركز خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود الثقافي في سراييفو، وجامع صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني في مدينة توزلا، والمجمع الإسلامي في بيهاتش، وجامع ومركز الأميرة الجوهرة بنت إبراهيم البراهيم الثقافي في مدينة بوقينو، وجامع الأنصار في مدينة زينيتسا، وعدد لا يحصى من البيوت المجددة أو التي تم إعادة بنائها في البوسنة عامة وفي مدينة برتشكو خاصة، وطباعة المصحف الشريف مع الترجمة إلى اللغة البوسنية، وإنشاء عدد من مكتبات الكتاب الإسلامي، وتنفيذ بعض مشروعات الاغاثة الغذائية، ومشروعات المواصلات والطرقات وسكة الحديد، ومشروعات المستشفيات والعيادات الطبية، ومشروعات المدارس الابتدائية والثانوية والكليات، وغيرها.
وكرر الشيخ مصطفى سيريتش رئيس العلماء في البوسنة والهرسك باسم المسلمين في بلاده شكره وامتنانه لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله على تحقيقه وعده في مساعدة المسلمين في البوسنة والهرسك منذ أول يوم لبدء المحنة التي مرت بالشعب البوسني وحتى الآن.
وقال: إننا في البوسنة والهرسك سنكون شاكرين ومقدرين طوال العمر لمقام خادم الحرمين الشريفين ولحكومة المملكة العربية السعودية، والشكر موصول لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمير منطقة الرياض ورئيس لجنة إغاثة المنكوبين في البوسنة والهرسك، واصفاً سموه الكريم بأنه رمز من رموز الجهاد في البوسنة والهرسك وكفاحها نحو السلام، فزيارة سموه للبوسنة كانت تاريخية يذكرها الصغير والكبير من شعب البوسنة والهرسك.
ونوه الشيخ مصطفى سيريتش بالتعاون القائم بين وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والمشيخة الإسلامية في البوسنة، وقال: إن هذا التعاون قائم على البر والتقوى، مثنياً في ذات الوقت على توقيع معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ مؤخراً على مذكرتي تعاون بين وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والمشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك، بمقتضاهما تقوم وزارة الشؤون الإسلامية بإدارة وتشغيل مركز خادم الحرمين الشريفين الثقافي في سراييفو، وكذلك مركز خادم الحرمين الشريفين الثقافي في مدينة «موستار» وذلك انطلاقاً من حرص المملكة العربية السعودية على خدمة الإسلام والمسلمين، وتأسيساً على عناية واهتمام خادم الحرمين الشريفين بإخوانه المسلمين، وخصوصاً في جمهورية البوسنة والهرسك.
العدوان الغاشم
وأكد فضيلة رئيس العلماء في جمهورية البوسنة والهرسك في سياق حديثه ل«الجزيرة» أن العدوان الغاشم على البوسنة والهرسك من قبل جمهوريتي صربيا وكرواتيا وقواتهما المسلحة بمساعدة الوحدات المسلحة الأرثوذكس وكاثوليك البوسنة في المدة من (1992م إلى 1995م) ترك حقيقة خاوية في هذا البلد الصغير، وأغلبية المنكوبين والضحايا هم من المسلمين، حيث تم تنفيذ التدمير المخطط للإمكانات الصناعية والاتصالاتية، والطاقات الاقتصادية، والمباني الثقافية والدينية، كما تم اغتصاب أكثر من 000.30 امرأة، وقتل 000.250 مواطن بوسني، وتهجير 000.500.1 مواطن اخرجوا من أوطانهم ولم يعودوا إلى الآن.
وأضاف فضيلته قائلاً إن دولة البوسنة والهرسك مزقت وقسمت إلى كيانين: فدرالية البوسنة والهرسك 51%، وجمهورية الصرب 49%، حقوق المسلمين في كيان جمهورية الصرب مضطهدة إلى درجة أنهم لا يملكون حق ممارسة شعائرهم الدينية، منها حق تشييد المباني الخاصة بهم من مساجد وكتاتيب... إلخ.
ومضى يقول: خلال هذا العدوان، قام الصرب بتدمير 709 جوامع ومساجد، و437 مبنى دينياً وغيره، كما قاموا بإحراق وإلحاق الضرر ب437 مبنى آخر غير صالح للاستعمال حالياً، مشيراً إلى أن ما تم إصلاحه وترميمه حتى الآن بالكيان الصربي لا يتعدى العشرين مبنى مما يدل على انتهاك أبسط حقوق الإنسان في كيانهم، بل يتم تشييد الكنائس على قواعد بعض المساجد المدمرة، أو تشييدها في القرى المسلمة، وعلى مواقع تابعة للأوقاف الإسلاميةو كما يتم أيضاً بناء مستوطنات سكنية ومصانع على مقابر المسلمين، كل ذلك يحدث على مرأى ومسمع من ممثلي المجتمع الدولي بالبوسنة والهرسك الذين هم مفوضون لإصدار أية عقوبات ضد الصرب وحق تطبيقها.
وأفاد فضيلة رئيس العلماء في جمهورية البوسنة والهرسك أن الفاشية الصربية الأرثوذكسية والتعصب العرقي والحقد الديني تجاه العديد من العائدين المسلمين يتمثل في كل أشكال الإجرام والاعتداءات اليومية في جمهورية الصرب، من دون أي رد فعل من ممثلي المجتمع الدولي، ولو وجد فهو فاتر لا يتجاوب مع فداحة الأحداث. إن القاعدة الأساسية لكثير من سياسيي العالم والذين يملكون إمكانية التأثير على الأحداث في البوسنة والهرسك هي عمل المساواة وتقسيم المسؤوليات عما حدث بين ثلاثة أطراف في البوسنة والهرسك وهي: المسلمون البوشناق والصرب والكروات بنية إلصاق صفة محاولة الإبادة الجماعية لمسلمي البوسنة كنتيجة للحرب الأهلية، وهذا التقدير الظالم له أثره البالغ على ما يدور حالياً من أحداث.
وقال الدكتور مصطفى سيريتش في السياق نفسه : ويمثل تهجير المسلمين إلى دول أوروبية ودول ما وراء المحيطات (أمريكا واستراليا) مشكلة إضافية لبقاء المسلمين واستمرار وجودهم الطبيعي وتطويرهم الضروري، ونحن نرى في ذلك سيناريو ومخططاً لتقليل عدد المسلمين في البوسنة والهرسك وميولاً لصهرهم الكامل في مجتمعات غير مسلمة، وذلك حال كل من تم تهجيره خارج البلاد، مؤكداً على أن اللاجئين والنازحين من البوسنة معرضون لكل أنواع الاستلاب حتى العمل على تنصيرهم، كما أن ضميرنا لا يقوى على تحمل هذا الحال والوضع المشبوه، كذلك نحن لا نستطيع مقاومة ذلك بأنفسنا، متسائلاً أين مسلمو العالم؟؟
وإننا إذ نحيط إخواننا في الدول العربية والإسلامية علماً بهذا الوضع المتدني وما ينتج عنه من مشاكل آملين أن يحركوا آلية حماية الإسلام وحقوق المسلمين في البوسنة والهرسك، وأن يمارسوا كل أنواع الضغط على المجتمع الدولي بهدف تغيير هذا الوضع المتردي، وتقديم النصرة والمساعدة لهم لتنفيذ التزام عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم وقراهم ومدنهم لممارسة حقهم الطبيعي في المواطنة.
وحذر الدكتور مصطفى سيريتش المجتمع العربي والإسلامي والدولي من أن حالة المسلمين في البوسنة والهرسك في وضع خطر والخطر محدق بالمسلمين تماماً، ونداءات الاستغاثة والرجاد ترتفع لكم لإبراز قواتكم وعزيمتكم ومدى نفوذكم على كل حال من أصحاب القرار والمؤثرين عليه في الداخل والخارج للمساهمة في تحسين ظروف الحياة، وصيانة حقوق الإنسان.
وأعلن باسم المسلمين في البوسنة والهرسك للعالم أجمع أن شعلة ومخطط دولة صربيا الكبرى والنزعة التوسعية الصربية الأرثوذكسية ما زالت مشتعلة، بل أصبحت في الآونة الأخيرة محترقة كالجمرة الحمراء نتيجة لحقدهم وفاشيتهم وتعصبهم العرقي وقوميتهم وإجرا مهم ضد المسلمين وخاصة العائدين منهم العزل، الجياع، الحفاة، المفترشين السماء على قواعد بيوتهم المدمرة في أنحاء هذا البلد التعيس.
عودة البوشناق إلى جمهورية الصرب
وعن عودة البوشناق إلى جمهورية الصرب، قال فضيلة رئيس العلماء في جمهورية البوسنة والهرسك: بعد مرور ست سنوات على إبرام اتفاقية «دايتون» للسلام لم يلاحظ أي تقدم ملحوظ في عملية عودة اللاجئين والنازحين البوشناق إلى أوطانهم وممتلكاتهم بالكيان الصربي، فهناك الكثير من العوائق تواجهها عملية العودة، ومنها العوائق السياسية، حيث إن القيادة السياسية القومية في جمهورية الصرب، تصرح علناً أمام المجتمع الدولي باستعدادها لتطبيق الفقرة رقم (7) من اتفاقية دايتون للسلام، والتي تنص على «رجوع الكل إلى وطنه»، إلا أنها توعز لسلطاتها المحلية لتصعيب عودة المسلمين إلى منازلهم وممتلكاتهم وبالمماطلة وتسويف الوقت، أما القيادة السياسية العليا بالجمهورية الصربية، فليس لها الرغبة الأكيدة لتطبيق الفقرة (7) من اتفاقية دايتون للسلام متحججين بعدم وجود الإمكانات المادية؛ لإعادة بناء المنازل والممتلكات المهدمة والبنية التحتية، إضافة إلى إسكان المهجرين الصرب والحالة الاقتصادية المتردية.
وأضاف فضيلته قائلاً: ومن أجل ذلك قامت حكومة جمهورية الصرب بإنفاق أغلب ميزانية إعادة اللاجئين والتي من المفترض أن يعاد بها بناء وإصلاح منازل وشقق المسلمين على بناء عمارات سكنية للصرب الذين يرغبون بالبقاء في الجمهورية الصربية في حين أنهم يبيعون ممتلكاتهم في الفيدرالية، وبهذه الطرق وغيرها يواصل الصرب التطهير العرقي على المسلمين، ومنعهم من العودة، وإذا سارت أمور عودة اللاجئين بهذا المنوال، فإنها حتماً ستستغرق عدة قرون مما يجعل أغلب المهجرين لا يرون ديارهم والتمتع بممتلكاتهم، وفي المقابل عودة المهجرين المسلمين إلى جمهورية الصرب فإن العائدين من الصرب إلى الفيدرالية، يعودون في ديار وممتلكات محافظ عليها ومصانة، وفي وطن آمن، وحق مصان للعمل والتعليم، بل وكل حقوق المواطنة التي يتمتع بها جميع مواطني الفيدرالية، كما أن كنائسهم ظلت كما هي سالمة إلا البعض القليل الذي هدمه غير المسلمين.
تدمير المنازل وسلب الممتلكات
وأفاد الشيخ مصطفى سيريتش أن من العوائق التي تواجهها عملية عودة البوشناق، ومعوقات حقوق الامتلاك المادية والقانونية: لقد دمرت منازل البوسنيين دماراً كاملاً أو جزئياً مع ممتلكاتهم الأخرى أثناء العدوان الغاشم، وبالرغم من ذلك فإن اغلب البوسنيين يرغبون في العودة إلى ممتلكاتهم، مما جعلهم يتقدمون إلى السلطات الصربية بطلبات العودة، ولكن نسبة إلى تعسف الإجراءات من قبل الحكومة والسلطات المحلية، فإن البوسنيين ينتظرون بالسنين صدور القرار بالسماح لهم بإعادة ممتلكاتهم المغصوبة مواجهين بالعديد من الإجراءات البيروقراطية للحصول على وثائقهم الرسمية، حيث لا يمكن الحصول على تلك التصاديق إلا بعد دفع الكثير من المال قانونياً وغير قانوني، وحتى عندما يحصل على تلك التصاديق فإن التسلم يستغرق وقتاً طويلاً للحصول على ممتلكاتهم، مشيراً إلى أنه في مدن «بانيا لوكا»، و«بييلنا»، والمدن الأخرى بالجمهورية الصربية فإن البوسنيين بغض النظر عن أنهم ظلوا هناك طيلة أيام الحرب طردوا من منازلهم وشققهم، وشردوا ليعيشوا في الأقبية والعشش أو كمستأجرين من الصرب عيشة البؤساء.
كما أكد فضيلة الشيخ الدكتور مصطفى سيريتش أن حكام جمهورية الصرب لا يساعدون في إعادة بناء وتأهيل منازل وشقق البوسنيين، إلا بشكل رمزي خلال المنظمات الدولية، أما دعم الحكومة الفدرالية لهم فهو قليل مما يجعلهم يعتمدون على العون الذاتي، لأناس فقدوا الكثير من الممتلكات أثناء الحرب دماراً وحرقاً ونهباً ويجعلهم حقاً غير قادرين اقتصادياً.
وأشار الشيخ سيريتش في هذا الصدد إلى أن هناك العديد من المخيمات بجمهورية الصرب التي تفتقد أبسط مقومات الحياة يعيش البوسنيون فيها في انتظار إعادة بناء منازلهم، مبيناً أن المشيخة الإسلامية شرعت فوراً في جمع التبرعات الإنسانية من مواد تموينية وغذائية وألبسة وأدوية وما يحتاجونه من ضروريات الحياة، والقليل من البوسنيين الذين نجحوا في تخطي تل العقبات، وعادوا إلى ديارهم، وصدموا بصعوبة الحياة والعطالة فيما لا تسمح لهم إمكاناتهم المادية بإقامة عمل خاص، لذا فإن كل الظروف مهيأة لهجرة البوسنيين من جمهورية الصرب وحتى أولئك العائدين منهم.
واستطرد فضيلة رئيس العلماء في جمهورية البوسنة والهرسك في السياق نفسه قائلاً: كذلك هناك العقبات الأمنية، وتتمثل في أن الشرطة بجمهورية الصرب ما زالت من عرق واحد أصراب فقط، فإن العائدين من البوسنيين لا يشعرون بالاطمئنان والأمان، كما أن التعصب الصربي والتطرف الهمجي كثيراً ما ينتج عنه العنف والموت، وتدمير المنازل المعمرة حديثاً، وكثيراً ما توضع العبوات المتفجرة في المنازل والطرقات المؤدية إليها، وهذا هو الحال الغالب في مناطق شرق البوسنة والهرسك، وأيضاً هناك عقبات إعادة الحياة الدينية، لأنه على الرغم من مجهودات المشيخة الإسلامية والعائدين من البوسنيين أنفسهم لإعادة الحياة الدينية بطريقة تلقائية في مناطقهم السكنية فإن ذلك من المحال في جمهورية الصرب حيث التفرقة الدينية، بالرغم من أنهم هدموا كل المساجد بجمهورية الصرب، ودمروا أماكن العبادة التي من بينها العديد من المباني التاريخية والأثرية، وجدد الشيخ مصطفى سيريتش التأكيد على أنه على الرغم من مرور ستة أعوام من انتهاء العدوان، فإن المناخ ما زال غير صالح لإعادة بناء تلك المباني، أما مباني الوقف التابعة للجماعة الإسلامية فهي مهضومة ومن الصعب جداً عودتها إلى ملكية الجماعة، أما الحياة الدينية فيتم ممارستها في مبان مهدمة وغير صالحة للاستعمال، وقال: إن العائدين إلى ممتلكاتهم بالجمهورية الصربية في الأعوام الستة الماضية قليل جداً، ويجب تشجيعهم ومؤازرتهم لنصرة الإسلام ومستقبله في هذا البلد الأوروبي.
اعتداء على المسلمين والمساجد!
واستعرض فضيلة رئيس العلماء في جمهورية البوسنة والهرسك الشيخ الدكتور مصطفى سيريتش في حديثه ل«الجزيرة» بعض الحوادث التي صارت في المحاولات لوضع حجر الأساس لجامعي تربنيا وبانيالوكا، فقال: إن مدينة تربينيا تقع في جنوب البوسنة والهرسك، وقبل الاعتداء على البوسنة والهرسك كان عدد تعداد سكانها من المسلمين (18%) تم طردهم وتشريدهم، بل ووضعهم في معسكرات التعذيب، كما دمر فيها (18) مسجداً وجامعاً، وعمارتان للأوقاف، مشيراً إلى أنه بعد محاولات متكررة لإعادة بناء جامع عثمان باشا الذي شيد في 1726م وهدم 27/7/1993م، وافقت السلطات على التصديق بالبناء.
ومضى الشيخ مصطفى سيريتش في الصدد نفسه يقول: هناك حادثة مؤسفة أخرى صارت عندما فشل حفل الاحتفال بوضع حجر الأساس لجامع عثمان باشا بمدينة تربينيا الذي حدد له اليوم الخامس من شهر مايو 2001م، وقد تم توجيه الدعوات لحضور هذا الحفل للعديد من الجهات الحكومية، كرئاسة الجمهورية، ومؤسسات الجماعة الإسلامية، وممثلي المؤسسات العالمية المتواجدة بكثرة في البوسنة والهرسك، وللأسف فإن هذا الاحتفال لم تتم الفرحة به لاعتداء الفاشين الصرب على المحتفلين بالضرب، ورجمهم بالحجارة، إلا أن السلطات المحلية والشرطة وقوة «الاس فور» العالمية المسلحة لم يتخذوا أية إجراءات لحماية المحتفلين بتربينيا وضمان سلامة الحفل!
وأضاف فضيلته أن الحادثة الثالثة تمت في «مدينة بانيالوكا» وهي أكبر مدينة بالبوسنة والهرسك، حيث هدمت فيها المباني الإسلامية عن بكرة أبيها، وبالتالي طرد منها كل من لا ينتمي إلى الصرب من السكان بغض النظر عن انتمائهم للبوسنة والهرسك، وفي مشهد غير إنساني ومؤسف أبرزوا عدم احترامهم لحقوق الإنسان وحريته في يوم الاحتفال بوضع حجر الأساس لجامع فرحات باشا ببانيالوكا في اليوم السابع من مايو 2001م، مبيناً أنه في حادثة الاعتداء الغاشم على بانيا لوكا، تم هدم خمسة وعشرين جامعاً ومسجداً، وطرد منها 000.50 مواطن بعد انتهاء الحرب.
وواصل فضيلة رئيس العلماء في جمهورية البوسنة والهرسك الحديث في ذات السياق قائلاً: وهناك الحادثة الرابعة، فقد صارت عند الاحتفال بوضع حجر الأساس لجامع فرحات باشا ببانيالوكا الذي شيد في عام 1579م وهو من أجمل الجوامع وأحسنها هندسة معمارية، وهدم في السابع من مايو 1992م وكان مقرراً في السابع من مايو 2000م، إلا أن خمسة وعشرين ألفاً من الصرب المشبعين بالفاشية والحقد أبوا إلا أن يفسدوا الاحتفال برجم المحتفلين بالحجارة والحديد والزجاج الفارغ بتشجيع من السلطات الصربية، مما أدى إلى قتل شخصين وتسبب في الأذى الجسيم لخمسة وسبعين شخصا، كما ان عمارة الجماعة الإسلامية الوقفية الوحيدة التي بقيت بالمدينة أصيبت بالضرر الجسيم،كما أحرقت أيضاً سبعة أتوبيسات وثلاث عشرة عربة خاصة بجمهور الحضور من الضيوف، وفي المكان الذي كان به محراب الجامع نصبوا علم الصرب مع رأس خنزير، كما رموا في موضع حجر الأساس جثتي خنزير، وتمكن القليل من المدعوين من المسؤولين في تجنب أحداث الحفل والعودة، منهم سفير الولايات المتحدة الأمريكية ميلر، أما بقية المحتفلين من المسلمين ورجالات السلك الدبلوماسي وممثلي الهيئات العالمية، ووزير خارجية البوسنة والهرسك، وإمام ومفتي بانيالوكا، فقد حجزوا داخل مبنى الجماعة الإسلامية ببانيالوكا لمدة سبع ساعات كاملة، تم بعد ذلك إجلاؤهم بواسطة قوات الأمن الخاصة.
وقال فضيلته استمرارا لحديثه : إن تجاوب المجتمع الدولي مع الأحداث لا يرقى إلى معرفة صعوبة وضع البوسنة والهرسك الحالي، فكما كان تجاوبهم ضعيفاً في المرة السابقة كان هذه المرة، بل حاول بعض ممثليهم إيجاد بعض الأعذار للمعتدين الصرب على فعلتهم البشعة وخاصة ممثل ال«أوها اير» الن روبرت؛ ولم تتخذ السلطات الصربية معاقبة أي من كبار المسؤولين بالدولة، بل حاولت إساءة فهم المظاهرات السلمية التي قام بها الشباب المسلم كرد فعل لتلك الأحداث بمدينة سراييفو.
وخلص فضيلة رئيس العلماء في جمهورية البوسنة والهرسك إلى أنه لا توجد حرية دينية بالجمهورية الصربية، ولا يسمح ببناء المساجد، وهذا يؤثر كثيراً في عودة المهجرين إلى ديارهم التي طردهم منها نفس الأصراب الفاشين في عام 1992م سياسة الأحزاب الصربية المتطرفة وقادتها الذين يحكمون بالجمهورية الصربية هي نفس تلك التي سادت أثناء العدوان على البوسنة والهرسك، في الوقت الذي يطبق المجتمع الدولي سياسته على البوسنيين فيما يعجز عن مواجهة الفاشية الصربية المتطرفة.
|
|
|
|
|