| أفاق اسلامية
إن إمام المسجد له دور وتأثير كبير في الحي وأفراد المجتمع المقيمين حول المسجد، فعليه تقع مسؤولية جماعة مسجده وجميع أفراد الحي بصفته يؤم الناس في الصلاة، فقد ارتضوه لأهم شعيرة وأعظم ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين لدينهم أفلا يرتضونه لدنياهم؟ كالإصلاح بين المتخاصمين وحل مشاكلهم الاجتماعية والأسرية وغيرها.
إنني أدعو بمقالتي هذه كل إمام يؤم الناس في الصلاة، ألاَّ ينسى ولا يغفل لحظة واحدة عن إرشاد الناس وتبصيرهم بأمور دينهم وتعليم الجاهل وعقد الدروس الدائمة وحلق القرآن الكريم إلى غير ذلك من العلوم والمعارف وكذلك إقامة الندوات والمحاضرات والمواعظ بين فترة وأخرى كلما دعت الحاجة إلى ذلك، وكذلك وضع مسابقات ثقافية وتوزيع جوائز على المتسابقين بالتعاون مع أفراد الحي ومع المحسنين ومحبي الخير، إن هذا النشاط يعد دعوة وعمل خير يثاب عليه ويجازى أعظم الجزاء لأن عمله من أعظم الأعمال وأجلها وأحسنها : «ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين» كما أن عليه أن يعلم أنه على ثغر من ثغور الإسلام فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلكم بتخليكم عن أمر الدعوة وخاصة في الحي الذي تسكنونه وتؤمون فيه الناس، إن إمام المسجد الذي يؤم الناس فقط في جميع الفروض ولا يقوم بأي نشاط دعوي في مسجده همّه أن يصلي بالناس إماما ويأخذ مكافأة ذلك في آخر الشهر يعتبر مقصرا وعلى خطر عظيم بتركه الوعظ والإرشاد والدعوة إلى الله، وعلى هذا الإمام أن ينتبه لنفسه ويحاسبها قبل أن تحاسب ويعيد الدور العظيم للمسجد ويقوم بدوره الصحيح ا لمطلوب منه وهو إعادة رسالة المسجد إليه وإحياؤه بالصلاة والذكر وقراءة القرآن وتعليم الناس العلم الشرعي النافع والدعوة إلى الله، إن إمامة المسجد ليست قاصرة على أداء الصلوات الخمس فقط بل هي مسؤولية عظيمة قد تحملها إمام المسجد فإما أن يقوم بها على وجهها الصحيح، ويحمل هذه المسؤولية ويؤديها كما تحملها وإلا ليفسح المجال لغيره ممن لديه الاستعداد التام في إحياء المسجد وإعادة دوره الحيوي بنشر العلم والثقافة وعقد حلقات القرآن الكريم والدروس العامة وترتيب المحاضرات والندوات بالاتفاق مع العلماء الأفاضل.
كما أنني أوجه هذا النداء إلى إمام المسجد بأن يحتوي شباب الحي ويشجعهم على الحضور إلى المسجد ويربطهم بالصلاة والعلاقات الطيبة حتى يكون هؤلاء الشباب لبنات نافعة وقوية في بناء المجتمع الذي هم بحاجة إلى مشاركتهم في البناء والتعمير.
أنادي كل إمام مسجد فأقول: إن إمامة المسجد تقتضي من الإمام تعليم الناس وإرشادهم وتبصيرهم بأمور دينهم ودنياهم وذلك بأن يقوم الإمام بزيارات فردية وجماعية لجماعة المسجد في بيوتهم وأماكن تجمعاتهم، وأن يستغل هذه الزيارات وهذه التجمعات في الدعوة إلى الله وأن يستثمرها في العمل الصالح الذي يقربه إلى الله سبحانه وتعالى وفي ظل المسجد كان النبي صلى الله عليه وسلم إمام المصلين وسيد المتقين يؤم المسلمين ويتعهدهم بالموعظة الحسنة والأدب الإسلامي الرفيع في كل وقت وحين لأن المسجد يعد قلعة الإيمان وحسن الفضيلة وهو المدرسة الأولى التي يتخرج منها المسلم لذا فهو منبر مهم من منابر الدعوة التي ينبغي أن تقوم بدورها الإيجابي لدعوة الناس ويوجههم إلى الخير فالإمام هو المسؤول الأول في المسجد الذي تولى إمامته فعليه أن يبذل كل ما يستطيع في نصح إخوانه المسلمين ودعوتهم وإرشادهم إلى طريق الرشاد ويسلك في ذلك شتى الطرق السليمة وينهج أحسن السبل المتبعة في الدعوة فإمام المسجد على ثغرة عظيمة عليه أن يقوم بها في إخلاص لله تعالى لأن الإخلاص هو أساس نجاح الأعمال وأن يتخذ الإمامة طريقا للدعوة إلى الله فإمام المسجد له مجالات كثيرة يستطيع من خلالها دعوة الناس وإرشادهم الى الخير، وأخيرا أوجه هذا النداء إلى كل إمام يستغل هذا العمل في الدعوة إلى الله وهداية الحيارى وإصلاح المجتمع، بأن يكون داعية بحاله قبل لسانه وأن يتحلى بالآداب والصفات التي لابد أن تتوفر فيه ليستطيع من خلالها تأدية دوره، فإن فقد هذه الصفات وهذه الآداب ولم يؤدِ رسالة المسجد كما ينبغي فغيره أولى منه بالإمامة.
محمد بن مرعي آل بدوي
مركز هيئة المنهل بأبها
|
|
|
|
|