| محليــات
حين يخطط للمناهج التعليمية لأي مرحلة دراسية يوضع في أسس التخطيط أمر الأبنية: النفسية، والاجتماعية، وسواهما مما يدعو إلى التركيز على حاجات الفرد «المتعلِّم»، ولا ينسى «المنهجيُّون» أن يعرجوا على كافة الحاجات بما فيها ما يرتبط بالمعلِّمين، الذين يقومون بدورهم بتحقيق حاجات المتعلِّمين...، غير أنَّ أسئلة المتعلِّمين دوماً ما تدور في صدورهم، وتحوك في بؤر حاجاتهم: وتطرح الاستفهام حول: من باستطاعته اقتحام بؤر الحاجات لدينا؟...
ولأنَّ الإنسان يحتاج كي يُلجم جوعه إلى الأكل المنوَّع، الشامل للعناصر الغذائية الكافية فإنَّ توفير هذا الغذاء الصحِّي يحقق له الحدَّ المطلوب من الغذاء فيشبع وفي المستوى الأدنى للشبع يصل للكفاية فلا يعود يَتَضَوَّر...
ولأنَّ الإنسان يحتاج كي يروى ظمأه إلى الماء أو الرُّواء عن أي سائل كان مصدره الفواكه، أو العصائر...، أو الشاي... فإنَّ توفير الوسائل له يسدُّ وخز الصَّدى ويمنحه كفايته من الارتواء... فلا يعود يظمأ...
فهل كلُّ منهج قياساً على الغذاء والماء يمكن أن يسدَّ جوعه، ويكبح ظمأه؟
وبمعنى آخر: هل تفي المناهج بالغذاء والدواء الذي تقدِّمه بحاجات المتعلِّمين، وهل جميع المتعلِّمين تخضع «المناهج» لحاجاتهم الفردية؟ بمعنى آخر: هل تسدِّد عناصر غذاء المنهج احتياجات المتعلِّمين لأي عنصر ليس لديهم منه الكفاية اللازمة؟... وهل تتشابه الكفايات، والنواقص عند المتعلِّمين آحاداً عدديّة؟ أي فرداً ، فرداً منهم؟
إنَّ الواقع القياسي الذي يفترض أن تتحقق له نسبية القياس يتطلب مراعاة اختلاف الحاجات في المنهج الواحد وهذا ما يدَّعيه (المنهجيُّون) وهو في الواقع لا يتحقق، ولعلَّ ما يؤكد ذلك أنْ ليس ثمَّةَ منهجاً دراسياً قد وضع بعد دراسة مستفيضة، ومقنَّنَة، تكون عيَّنة هذه الدراسة هم «المتعلِّمون» وعنهم توضع خطوط المناهج، وتشكل أهدافها، ويتكوَّن محتواها، وفق الحاجات العامة، الخاصة بكل مرحلة، ومن ثم الحاجات الخاصة، الخاصة بكلِّ (متعلِّم) بوصفه (الجسد) الذي تنقصه عناصر (غذاء ورواء) على وجه التحديد (هو)، وعلى وجه التخصيص (هي من الحاجة).
غير أنَّ هذا لا يحدث...
وجميع المتعلِّمين يخضعون لمناهج موحدة كربونية، كأنها وهي تنفذ تطبق عل نماذج بلاستيكية أو صمَّاء لا حراك لها.
وحتى النماذج الصمَّاء قد تتفاوت إلا ما صُبَّ منها في قوالب، وخرج عنها...!
فإن كان هذا فيما يتعلق بمضمون المناهج أو مضامينها المعرفية، فأين نحن من طرائق تنفيذها، ومواقع تنفيذها، ومنفذيها؟... كيف تتحقق الحاجة (الفردية) في ضوء عدم التحديد للحاجة الخاصة في شكل عام؟!...
لذا: هل يعقل أن تصمَّ الآذان عن أصوات صدور هؤلاء وهي ترسل بأسئلتها، وهي تشكل في أصواتها عراقيل الاستفهام أمام مواقع خطوات المسؤولين عن وضع المناهج، والمسؤولين عن الاشراف على تنفيذها، والمسؤولين باختلاف فئاتهم عن تنفيذها؟
ألم يجد منهم أحدٌ نفسه ذات يوم بحاجة كي يقف يُصغي، ويلتفت إلى هؤلاء من الناس من يتوقع لهم أن يتسنموا مقاعد التحريك لعجلات مركبات المجتمع في قوافل القادم مما يأتي من الأيام؟!
إنَّ هذه الأصوات تدعو إلى النظر في أشكال علامات استفهامها، كيف يوظَّف كلُّ استفهام عند بداية الإجابة عنه...
ألا... فإنَّ المتعلِّمين يسألون...
ألا... فاسمعوا لهم، واستمعوا إليهم!!
كي تفتح معامل التحليل لمعرفة احتياجات الأجساد الفكرية والنفسية من العناصر الغذائية المناسبة لها.
يتبع
|
|
|
|
|