| عزيزتـي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هزه الشوق والحنين إلى لقاء والده ووالدته وإخوته الذين يقطنون في قرية صغيرة، تبعد عن مقر عمله مئات الكيلو مترات، فقد مضت مدة طويلة لم تكتحل عيناه برؤيتهم، مما جعله يستعجل في حزم حقائبه قبل أن يتجه إلى أحد الأسواق لشراء الهدايا والحاجيات التي سبق أن ألح عليه أهله في شرائها لعدم توفرها في الأسواق المتواضعة في قريته، وعندما أنجز كل المهام المناطة به على أحسن وجه، انطلق يغذ السير بسيارته وجناح الشوق يكاد يحمله بنسماته الجذلى، وعندما انتصف في الطريق وفيما كان يستعيد ذكرياته الجميلة في قريته الحالمة، أنصت إلى صوت غريب صادر من سيارته الحديثة أعقبه انطفاء محركها، مما اضطره إلى إيقافها على جانب الطريق حتى يتسنى له محاولة تفحصها، لعله يستطيع إصلاحها إلا أن كل محاولاته تبخرت كما يتبخر الماء سريعاً تحت لهيب شمس الرياض الحارقة، مما اضطره إلى نقلها بواسطة (سطحا) إلى إحدى الورش التي وجدها في مدينة قريبة من طريقه، ثم تحسس جيبه حتى يتسنى له إعطاء قائد سيارة النقل أجرته، فاكتشف أن ما معه من النقود لا يكفي فقد صرف معظمها على شراء الهدايا والحاجيات التي طلبها أهله منه مما اضطره إلى البحث المضني عن ماكينة صرف آلي، وعندما وجدها أدخل فيها بطاقته وانتظر النقود التي طلبها، فإذا به يفاجأ بظهور رسالة عبر شاشتها مفادها انتهاء العمل ببطاقته وأن عليه مراجعة فرع البنك الذي أصدرها لاستخراج بديل لها، وهنا أسقط في يده فقائد سيارة النقل يريد أجرته والميكانيكي الذي بدأ في إصلاح سيارته سيطالبه بالأجرة أيضا إن عاجلاً أم آجلاً، والسيارة قد تحتاج إلى قطع غيار، والوقت بعد العشاء والبنوك كلها مغلقة وحتى وإن كانت غير مغلقة، فإنه لا يوجد في المدينة التي وجد نفسه بها فرع للبنك الذي يتعامل معه، وإذا أراد فرعا فإنه سيضطر للعودة مجددا إلى المدينة التي يوجد بها عمله، وغدا يوم الخميس والوقت ضيق، وإذا استطاع أن يتغلب على أعقد هذه المشكلات، فكيف سيستطيع أن يتغلب على مشكلة السير في المتبقي من الطريق إلى أهله وليس معه ما يكفي لملء خزان سيارته بالوقود. هذا الموقف الواقعي تعرض له أحدهم، وقد يتعرض له كل من يتعامل مع بطاقات الصرف الآلي سواء كان الشخص في سفر داخل الوطن أو خارجه، فحسب معلوماتي المتواضعة أن العمر الافتراضي لغالبية بطاقات الصرف الآلي التي تصدرها البنوك إن لم يكن كلها سنتان، ولذا تضع على ظهر البطاقة تاريخاً يعد للغالبية نوعا من أنواع الطلاسم، مستخدمة في ذلك اختصارا للتاريخ الميلادي ومن أمثلة ذلك (...) كناية عن أن نهاية العمل بالبطاقة عام ألفين دون أن تحدد ذلك اليوم بدقة أو حتى الشهر، وإذا استطاع المتعامل معها إدراك ذلك هل ستتسع ذاكرته لهذا التاريخ مضافا إليه قائمة طويلة من التواريخ، كتاريخ نهاية العمل برخصة القيادة والاستمارة والبطاقة الشخصية، وآخر موعد لسداد فاتورة الكهرباء والهاتف الثابت والجوال والبيجر و..و.. مما يستلزم من البنوك توجيه العميل بوقت كاف عن طريق شاشة آلة الصرف الآلي، إلى أن بطاقته لم يبق على نهايتها سوى شهر واحد مثلا، وأن عليه مراجعة البنك لاستلام الإصدار الجديد من بطاقته أو أنها في الطريق إليه عبر صندوق البريد. أما أن تتوقف بطاقة الصرف الآلي عن العمل بصورة مفاجئة، فهذا فيه تعريض للعميل للإحراج، خاصة إذا لم يكن موجوداً في المكان الذي يوجد به فرع للبنك الذي به حسابه الشخصي أو أي فرع آخر. والله من وراء القصد
علي بن زيد القرون
حوطة بني تميم
|
|
|
|
|