| عزيزتـي الجزيرة
أبي.. اصبر.. اصبر.. فإن للصابرين الجنة.. وقد قال تعالى :(ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
أبي.. أذكرك.. أن دنيانا هذه الفانية دار ابتلاء وامتحان.. وإن ما أصابك لم يكن يخطئك.. وإنك مأجور على مرضك وألمك وحزنك.. وإنك الآن أفضل بكثير.. وتحسن حالتك ليست ببعيدة على رب العالمين.. نسأله أن يعجل حزنك ويعجل بشفائك.
أبي إن فقدك لبعض قدراتك.. إن احتسبتها لله فلك الأجر العظيم لأنها مصيبة وسيعوضك الله سبحانه خير منها واحمد الله على ما أبقاه من قدرات..
وقد استفدنا يا أبي من خلال مرضك دروس عظيمة.. فقد ثبت لنا أن البلايا على مقادير الرجال.. وأن هناك أخوان وأصحاب رخاء وأخوان وأصحاب شدة.!. وأن الصبر مفتاح الفرج وأن الأيام الساكنة لابد أن تنقلب فجأة.. وكما قال الشاعر: إن الليالي والأيام حمالة... وليس يعلم غير الله ما تلد
وإنك كنت شامخاً في صحتك وفي مرضك وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على إيمانك بالله ورضائك بقضائه.. وإن هذا شيء هين بالنسبة لما واجهته في حياتك الماضية من قساوة عيش وصعوبة ومحطات ألم وحزن وفرح..! فأصبر على ما أنت فيه وأسأل الله أن يلطف بك وأن يعينك على أمرك.. والله قادر على ذلك.. فقد شفى أيوب من بلائه.. ونصر موسى من عدوه فرعون..
وأخرج يونس من بطن الحوت ورفع عيسى إليه، ونصر محمد على أعدائه.
أبي.. سمعت كثيراً عن آباء فقدهم عند أبناءهم أمراً هيناً لكننا يا أبي وجدنا مرضك أصعب وأعظم فكيف بفراقك!.. كادت قلوبنا تتفطر عليك حزناً وألماً على حالك وخوفاً من أن نفقدك.!. ولولا أن المولى الرحمن ربط على قلوبنا وألهمنا الصبر والثبات لكان لنا مع الحزن أمراً آخر.
أبي.. إننا نحمد الله أنه أكرمنا وأسبغ علينا نعمه وأعظم نعمه هو وجودك معنا الآن.. نحن نريدك.. وإني اليوم أذكرك بما قاله عيسى بن طلحة لعروة بن الزبير عندما عاد للمدينة وقد أصيب بمصيبة موت أحب أبنائه، ومصيبة فقد رجله بعد أن أصابتها الآكلة.. فقال له عيسى: لا أباً لشانيئك، أرني هذه المصيبة التي نعزيك فيها، فلما كشف عن ركبته، قال له عيسى: أما والله ما كنا نعدك للصراع، قد أبقى أكثرك، عقلك ولسانك وبصرك ويديك وإحى رجليك، فقال له: يا عيسى: ما عزاني أحد بمثل ما عزيتني به.
والحمد لله على كل حال
هدى بنت سلطان الرياض
|
|
|
|
|