|
| مقـالات
لا شك أن كثيراً من المديرين العرب قد نالوا قسطاً كبيرا من العلم والتدريب في مجالات تخصصاتهم، كما اكتسبوا مهارات وخبرات جيدة خلال ممارستهم أعمالهم. وبالتالي فهم من الناحية النظرية لا يقلون عن أي مدير آخر على سطح الكرة الأرضية. وبالرغم من هذا فإن النتائج المتحققة من العملية الادارية في عموم التنظيمات العربية أقل من المتوقع بكثير. ولو عقدنا مقارنة بين ما يتحقق من نتائج من الادارة العربية والادارة الأجنبية لوجدنا أن الفرق شاسع. (مع التسليم بأن هناك عوامل دعمت الإدارة الأجنبية). لذا يمكن القول ان أهم مشكلات التنمية في الوطن العربي هي مشكلة إدارية بالدرجة الأولى. ولو أتيحت لك الفرصة لتستمع الى أحد المديرين العرب في أحد وسائل الإعلام لسمعت كلاما علميا دقيقا وتوجهات إيجابية وأطروحات عملية ولكنك تفاجأ عند ممارسته مهامه الإدارية بأنه يقول ولا يفعل. وبمعنى آخر يفشل عند التطبيق . بل ربما ينطبق عليه المثل «أسمع كلامه فأصدقه وأرى عمله فأستغرب».
وعند تشخيص هذه المسألة نجد أن المدير العربي عندما يمارس صلاحياته ينطلق من ثقافته العربية بكل ما فيها من الايجابيات والسلبيات وتكون هي المحرك والدافع الرئيسي لمعظم توجهاته وقراراته. لذا نجد العملية الادارية قد تأثرت واشرأبت من هذه السلوكيات الشخصية للمدير بطريقة تستحق منا أن نطلق عليها بأنها إدارة عربية. ومن سلوكيات المدير العربي خلال توليه مهامه ما يلي:
1 اعتقاده بأنه الخبير الوحيد بشؤون المؤسسة التي يرأسها.
2 اعتقاده بأن من يخالفه الرأي يعمل ضده بالضرورة.
3 اعتقاده بأن الواسطة حق من حقوقه يمكن ان يمارسه متى يشاء.
4 اعتقاده بأن التحيز لصالح فئات من الموظفين ضرورة تمليها ظروف العملية الادارية.
5 اعتقاده بأن الموظفين المبدعين والمتميزين هم خطر عليه فيجب إبعادهم أو تحييدهم.
6 اعتقاده بأنه من الأفضل أن ينسب اليه جميع ما يتحقق من الانجازات.
7 اعتقاده بأنه يجب أن يستفيد من مركزه أعظم استفادة قبل أن يجبر على تركه.
8 اعتقاده بأنه من الضروري ان يطلع على كل شاردة وواردة ويبت فيها.
9 اعتقاده بأن عملية اتخاذ القرار هي من صلاحياته التي لا يمكن أن يشاركه فيها أحد.
10 اعتقاده بأن حرفي «لا» الناهية والنافية هما من فوائد اللغة العربية التي لا تقدر بثمن ويجب ان يستخدمهما في كثير من الأمور والحالات.
وبالنظر الى هذه الاعتقادات نجدها في حقيقة الأمر عقداً وليست اعتقادات، وقد ساهمت الى حد بعيد في تعقيد العملية الإدارية وأثرت تأثيراً سلبيا على الأداء والإنتاجية وتحقيق الأهداف القريبة والبعيدة على حد سواء. كما ساهمت في إعاقة الإبداع والتفكير والتطوير على مستوى الأفراد والمنظمات.
إن المدير العربي يتأثر بالظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة لكنها ليست السبب الرئيسي في الخلل بل إن السبب الرئيسي يكمن في المدير نفسه. حيث إنه في أغلب الأحوال يجعل هذه الظروف شماعة يلجأ اليها متى أراد لتبرير أخطائه وانحرافاته. بل يذهب أبعد من ذلك فيستفيد من هذه الظروف حيث يقوم بالإفادة منها في تحقيق مآربه ومشاربه. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
*عضو هيئة التدريس في معهد الادارة
|
|
|
|
|
