| الاولــى
*
* الرياض واس:
يصادف اليوم الجمعة الثاني من نوفمبر مرور أربعة وثمانين عاما على وعد بلفور المشؤوم للمنظمة الصهيونية العالمية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ظلما وبهتانا وهو الوعد الذي صدر في نوفمبر عام 1917 من بلفور وزير الخارجية البريطاني آنذاك إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء اللجنة الصهيونية وجاء فيه «بالنيابة عن حكومة جلالة الملك يسرني جدا أن أبلغكم بأن حكومة جلالته تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية ».
وقد عملت القوى الصهيونية والقوى الكبرى التي كانت تفرض هيمنتها آنذاك على معظم الدول العربية والاسلامية على تحقيق الأحلام الصهيونية بجمع شتات اليهود في العالم وإحلالهم محل القوى الاستعمارية في قلب العالم العربي لتنفيذ مخططاتها ضد العالمين العربي والاسلامي.
ووضعت القوى الاستعمارية نصب أعينها تحقيق هدفين رئيسيين في آن واحد بعد أن أحست تلك القوى بالضعف يدب في جسدها فكان هدفها الأول إبقاء الأمة العربية تحت هيمنة قوى بديلة تعيق تقدمها نحو مركزها الطبيعي في طليعة الأمم.
أما الهدف الآخر والمهم أيضا فهو الخلاص من اليهود وشرورهم ودسائسهم في الشرق والغرب وتوجيه شرورهم نحو الوطنين العربي والاسلامي.
وجاء وعد بلفور بعد عشرين عاما من انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في بازل في سويسرا الذي ترأسه المجري تيودور هيرتزل عام 1897م ودعا فيه إلى ضرورة تأسيس وطن لليهود يجمع شتاتهم.
وعندما أطلق بلفور وعده المشؤوم لم يكن عدد اليهود آنذاك في فلسطين يتجاوز عدة آلاف فقط وسط مليوني عربي ثم بدأت هجرة اليهود إلى أرض فلسطين من الاتحاد السوفييتي وأوربا الشرقية والغربية وأمريكا.
وقد استمرت خيوط المؤامرة الصهيونية الاستعمارية عبر محاولات الاستعمار البريطاني في مؤتمر فرساي ثم مؤتمر لندن عام 1920م ومؤتمر سان ريمون في أبريل من العام نفسه.
ونجحت بريطانيا في عام 1933م في إبرام صك الانتداب على فلسطين وإقامة الإدارة المدنية برئاسة اليهودي البريطاني صموئيل.
في أعقاب ذلك صدر الكتاب الأبيض البريطاني عام 1939م لتسوية مشكلة فلسطين والذي اعتبرته الصهيونية نكسة خطيرة حيث لم يأخذ بوجهة النظر الصهيونية وغدت بريطانيا تميل إلى اتخاذ موقف مستقل من القضية الفلسطينية ورفضت وقتها ولفترة طويلة تشكيل أي مجلس تشريعي لكون اليهود أقلية في ذلك الوقت حتى صدرت قوانين مكنت اليهود من الاستيلاء على الأراضي العربية واستغلال المصادر الطبيعية في فلسطين وفتح باب الهجرة على مصراعيه لتبدأ مأساة مسخ عروبة فلسطين والاستيطان بها والتسلط على أهلها بالقتل والتشريد والتعذيب.
وفي شهر مايو من عام 1942م انعقد المؤتمر الصهيوني الاستثنائي في فندق «بلتمور» بنيويورك وانتهى إلى برنامج يعرف باسم برنامج «بلتمور» وفيه قررت الصهيونية أن الغرض من تصريح بلفور ثم من الانتداب البريطاني على فلسطين كان إيجاد حكومة يهودية فيها وليس مجرد ارتباط الشعب اليهودي بفلسطين.
وهاجم المؤتمر اتجاه الكتاب الأبيض وأكد على أن تسوية ما بعد الحرب يجب أن تتضمن حل المسألة اليهودية «التشرد» وأعطى الوكالة اليهودية حق التحكم في الهجرة وفي النهاية أعلن أن اتجاه الأحداث يجب أن ينجم عنه إقامة دولة يهودية فى كل فلسطين.
وقد أدت سياسة الكتاب الأبيض البريطاني لعام 1939م إلى تحول الحركة الصهيونية عن انكترا إلى امريكا وفي سنوات الحرب الثانية استطاعت الصهيونية أن تمركز نشاطها فيها وأن تجعل منها قاعدة انطلاقها وعملها وقوتها الضاغطة في أكبر مركز من مراكز القوة شهده التطور الانساني منذ بداية التاريخ.
ويعد يوم 29 نوفمبر 1947م نقطة التحول في سلسلة التآمر على عروبة فلسطين حيث تم إعلان قرار التقسيم ليضفي الشرعية الدولية على جريمة اغتصاب العصابات الصهيونية وإعلان قيام دولة اسرائيل في 15 مايو عام 1948م وقد أعلن الاتحاد السوفييتى «سابقا» اعترافه بها ثم توالت اعترافات القوى الاستعمارية.
وتأتي ذكرى وعد بلفور المشؤوم في الوقت الذي تشهد الأراضي المحتلة انتفاضة عارمة ضد الممارسات القمعية والعنصرية التي تتخذها سلطات الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين.
وتمارس قوات الاحتلال أقصى درجات القمع وبمختلف أنواع الأسلحة في محاولة منها لوقف هذه الانتفاضة المباركة التي ستسفر إن شاء الله عن تحرير أرض فلسطين.
وتحل ذكرى هذا العام وسط تفاؤل وترقب حذر من العالمين العربي والاسلامي في إيجاد تسوية للقضية الفلسطينية بعد إعلان الرئيس الامريكي بوش ورئيس الوزراء البريطاني بلير عن إقامة دولة فلسطينية.
ويأمل الفلسطينيون والعرب والمسلمون كافة أن يكون هذا التوجه عن رغبة صادقة و حقيقية وليس حديثا وقتيا أملته ظروف معينة .
وقد كان موقف المملكة منذ توحيدها على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله موقفاً ثابتاً وواضحاً في دعم ومؤازرة الشعب الفلسطيني وتقديم كافة أنواع الدعم المادي والمعنوي له في مختلف المحافل الدولية.
وكما كانت دولة فلسطين هاجسا للمغفور له الملك عبدالعزيز استمرت هاجسا ًلأبنائه من بعده دون أي تراجع أو تنازلات حيث تؤكد مواقف المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود أن فلسطين أمانة في عنق المسلمين جميعا لا يجوز التفريط فيها فهي قضية لا تخضع للمساومة أو الابتزاز أو التنازلات
|
|
|
|
|