| أفاق اسلامية
السامرائي في كتابه «منهج العلماء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»:
الاستخفاف بأهل الأهواء من أساليب التعامل معهم
الصراع بين الحق والباطل قائم، فكما ان للحق اصحاباً يدعون اليه، نجد ان له اعداء يدعون الى ضده فقد قال تعالى:«والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر»، وقد جعل الله تكريم هذه الامة وعزها مقروناً بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر فان تقاعست عنه هبطت مكانتها وانحدرت قيمتها وتكالبت عليها الامم.
بهذه الكلمات قدم المؤلف فاروق عبدالمجيد السامرائي كتابه الموسوم ب«مناهج العلماء في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر» والذي قسمه الى ثلاثة ابواب وخاتمة، حيث تطرق في الباب الاول الى حاجة المجتمعات الى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر موضحاً ان محاولة الابتعاد عن شرع الله ومنهجه اول مظاهر الانحراف واول مظاهر ظلامها في تاريخ البشرية عند قوم نوح، حيث لم يعهد قبلهم انحراف او فساد وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال:«كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الاسلام» وحين ضل قوم نوح اظهر الله تبارك وتعالى النور السماوي ببعثة نوح عليه السلام فقام في قومه يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ليردهم الى ذات الحقيقة التي زاغوا عنها ويحذرهم من نفحات السموم ونزغات الشيطان.
واختتم المؤلف الفصل الاول بذكر الاسباب التي دعت اليها حاجة المجتمعات الى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشرع في الحديث عن ماهية المعروف والمنكر وهي العبارة التي عنون بها المؤلف الفصل الثاني حيث عرف المؤلف المعروف لغة فقال:«هو اسم لكل فعل يعرف حسنه بالعقل او الشرع وهو خلاف المنكر والصنيعة يسديها المرء الى غيره».
والمنكر:«كل ما تحكم العقول الصحيحة بقبحه، او يقبحه الشرع، او يحرمه، او يكرهه، وهو خلاف المعروف».
واورد المؤلف بعد ذلك دليل مشروعية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من الكتاب والسنة مستدلاً بقوله تعالى:«ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون» وبقوله صلى الله عليه وسلم:«من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه، فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان»..ثم انتقل الى الفصل الثالث والذي عنونه بحكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال:«اتفقت الامة الاسلامية كلها على وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا خلاف من احد منهم».
وفي الفصل الرابع استعرض المؤلف مجموعة من التقسيمات المتعلقة بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وذكر في اولى هذه التقسيمات درجات انكار المنكر، ثم ذكر انواع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ثم ذكر مراتب تغيير المنكر، وختم المؤلف الباب الاول بالفصل الخامس الذي هو اهم القواعد التي تبنى عليها مهمة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي: العلم، والرفق، والرحمة، والنظر الى المصالح والمفاسد، والاستطاعة.
وتناول المؤلف في الباب الثاني منهج العلماء مع الحكام فيما تناول في الباب الثالث مناهج العلماء مع الامة وقسمه الى ثلاثة فصول، الفصل الاول منهج العلماء مع أقرانهم وأوضحه من خلال بيان اهمية التناصح بين العلماء، وملازمة بعضهم الآخر وسد الثغور التي يدخل عن طريقها اليهم، مع التواصي بينهم بالصبر والثبات.
ثم انتقل المؤلف بعد ذلك الى الفصل الثاني والذي عنونه بمنهج العلماء مع العامة، حيث اشار في بدايته الى منزلة العلماء عند العامة مبيناً ان مقدارها مرهون بمقدار اقبالهم على الله عز وجل واخلاصهم في عملهم، فمن كان تعلقه بالله اكبر عظم الله شأنه بين الناس، وجعل قلوب العباد تهوي اليه.
كما تطرق المؤلف الى اهم الاساليب التي انتهجها العلماء مع العامة ومن ابرز النقاط التي ذكرها اهمية مداخلة العامة والاختلاط بهم وذلك لاعطاء العلماء فرصة اكبر للتعرف على احوال الناس مع تمييز الغث من السمين ومعالجة الاخطاء بصورة ادق، من غير تجريح ولا تقريع مشيراً الى ان ذلك يساعد العلماء على توجيه الناس نحو الخير كل حسب طاقته ومقدار تحمله. كما ذكر من الاساليب القدوة الصالحة موضحاً انها تعني الالتزام العملي الصحيح بما يأمر الناس به مع الابتعاد العملي عما ينهى الناس عنه في امر هذا الدين..ومن الاساليب ايضاً التواضع للعامة والترفق بهم فانه لا ينبغي للرجل ان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى يكون رفيقاً وعالماً وعدلاً فيما يفعل.
كما ذكر ايضاً من الاساليب الحرص الشديد على بيان الحق للعامة حتى لا يلتبس عليهم وقد قال شجاع بن الوليد «كنت احج مع سفيان فما يكاد لسانه يفتر عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ذاهباً وراجعاً.
وكان خامس هذه الاساليب رعاية العلماء لحق الناس، اما الاسلوب السادس والاخير في هذا الفصل فهو استخدام مجالس الذكر في التوجيه نحو الخير، حيث كانت تغص بروادها حتى حوت الاف الناس، وعن طريقها وجه الناس نحو الخير وبينت لهم احكام الله في الحلال والحرام وغيرهما.
ثم انتقل المؤلف الى الفصل الثالث الذي اوضح فيه اساليب التعامل مع المبتدعة مجملاً اياها فيما يلي:
اولاً: الاستخفاف بهم وتحقيرهم وعدم قبول بدعتهم، ومن ذلك تحذير العلماء من مجالستهم والاختلاط بهم، ولعنهم وتشبيه كلامهم بكلام النصارى، ثانيا: مناظرة العلماء لهم مع اعتماد الاصل الثابت، ثالثاً: الدعوة الى الموازنة، رابعاً: صبرهم الطويل حتى يظهر الحق.
|
|
|
|
|