| أفاق اسلامية
* كتبت فايزة الحربي:
السيرة النبوية هي المصدر الثاني للشريعة الاسلامية، وقد جاءت مفصلة وموضحة للقرآن الكريم، وحكم تعلمها فرض كفاية على الأمة المسلمة إذا عرفها البعض سقط الإثم عن الباقين، قال تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا) الفتح الآية 28، وقال تعالى: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواءالذين لا يعلمون) الجاثية 18، وقال تعالى (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم)، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها (كان خلقه القرآن)، والسيرة النبوية هدى يقتدى به، وعلم غزير تستنير به الأمة.
ولأهمية السيرة النبوية، وضرورة تعلمها من قبل كل مسلم، بل وزرعها في قلوب أبنائنا من خلال المناهج الدراسية والتربية الأسرية والإعلام.. طرحت (الجزيرة) على عدد من أصحاب الفضيلة والمختصات في العلوم الشرعية حول هذه القضية وأهميتها.
السيرة مهمة وضرورية جداً
تحدث في البداية فضيلة الشيخ إبراهيم بن صالح الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض قائلا: لعله من حسن التوفيق أنك تسألين هذا السؤال المهم جدا وأنا قبل قليل أقلب كراسة ابنتي أميمة حفظها الله تعالى ورعاها وهي تدرس في الصف الرابع الابتدائي وعندها غدا اختبار تاريخ في السيرة النبوية أنا أقول بصراحة ان وجود السيرة النبوية لأطفالنا مهمة وضرورية جدا ومعرفتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وأخلاقه التربوية مهمة جدا فينبغي أن تطور السيرة النبوية بمعنى ان تعلم لأبنائنا في مختلف مراحل التعليم بدءاً من الرابعة الابتدائية وتتابع السيرة في عطاءات متنوعة ودراسات فكرية تختلف باختلاف مستويات أبنائنا.. ولاشك أن أبناءنا مع الأسف الشديد في الواقع الاجتماعي من خلال مطالعتهم وسائل الإعلام المختلفة المترامية الأطراف المنتشرة في دول العالم والتي تبث عبر الأقمار الصناعية أو تجذبها المطابع في كل مكان لاشك أنهم مغيبون تغييبا كاملا عن سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وفي غالبهم فإذا سألت أي فتاة عن خديجة بنت خويلد ربما تتلعثم في الإجابة ولا تعرف من تكون تلك المرأة صانعة التاريخ المرأة العملاقة البطلة وبينما لو سألتها عن فاتنة غانية مجرمة خائنة من الخائنات الأحياء منهن والأموات لوجدتها تعطيك تسطيرا متكاملا بسبب ان وسائل الإعلام مع الأسف الشديد تهمل الجانب التربوي في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتعطينا ما يدور في واقعنا. واقترح فضيلته أن السيرة النبوية تقدم لأبنائنا من خلال ثلاث قنوات فمن خلال قنوات الإعلام المختلفة مثل التلفزيونية والإذاعية ومن خلال الصحافة، وتقدم من خلال التوعية الدينية في عالمنا المعاصر وتقدم لهم من خلال المقررات الدراسية والمسابقات الثقافية، وأكد فضيلته على أهمية تعليم السيرة النبوية لأبنائنا بشكل مفصل في سن مبكرة لكن قد لا يكون الطالب أو الطالبة في المراحل الإعدادية أو حتى المتوسطة مؤهلا لدراسة الحروب التي كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يخوضها مع أعدائه أو لا يكون مؤهلا لفن التعامل الزوجي مع النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته وتكون هناك دراسة مثل لجان متخصصة تخضع هذه الجوانب لدراسات استراتيجية مطولة وتجعل للابن الحق في أن يتقبل المادة في السن التي تؤهله لذلك، وقد ندرك أن بناتنا قد يقرأن عن الحيض وهن في أولى ابتدائي أو ثانية ابتدائي وهذا لا يتناسب لكن تدريسهن في الرابعة كما هو معاش بمدارس البنات في المملكة العربية السعودية أفضل بكثير من غير ذلك، لذلك أرى أن في العناية بهذا الأمر الشيء الكثير من الثمرات التي تثري بناتنا وأبناءنا، دراسة السيرة النبوية تعطي شحنات قوية من خلال تفاعل ذلك الدارس أو تلك الدارسة بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته المكرمات وقناعتهم بدراسة السيرة النبوية تعطي علاجا لمشكلات كبيرة في واقعنا المعاش وعالمنا المعاصر ولذلك لو قدمت السيرة النبوية بصورتها على المستويات المؤهلة لتقبلها لوجدنا أنفسنا نزرع في أرض صالحة للزراعة وخصبة وننتج جيلا واعيا مدركا مستيقظا لقضايا أمته. وتأتي تبعا قصص الأنبياء في القسم الثانوي بشكل مفصل ولاشك انها مثمرة ونافعة ومفيدة وفيها خير كثير لكنها تأتي بالمرتبة الثانية بعد سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تلك السيرة العطرة التي تعتبرها زاداً إيمانيا لأبنائنا في كل وقت وفي كل زمان وهي مفتاح عظمة الأمة وأساس عزها لو عقدت الأمة السيرة النبوية كما ينبغي لوجدنا أن أمتنا في الآفاق وفي مقدمة الأمم.
ولمعرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فرض على الدولة أن تعلمها للشعب من خلال القنوات المختلفة سواء وسائل الاعلام أو المساجد أو المدارس او المسابقات الثقافية التي تطرحها الدولة أعزها الله بطاعته بين العالم المترامي الأطراف من خلال وسائلها الاعلامية المختلفة لأن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تقدم وجها مشرقا ووضاء للمملكة العربية السعودية في عالمنا المعاصر خاصة إذا أدركنا ان النبي صلى الله عليه وسلم عاش في أراضي مكة المكرمة والمدينة المنورة وفي بعض قطع أجزاء نجد والجنوب.
السيرة النبوية لم تعط حقها!!
والتقينا بالشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان الاستاذ بكلية الشريعة بالرياض الذي قال: يمكن أن يقال إن المناهج أعطيت شيئا من السيرة النبوية ويمكن أن يقال إنها لم تعط ويمكن أن نقول فيما أعطيت نظرتان: إعطاء السيرة النبوية على صورة يكون لها أثرها على التربية والسلوك والممارسة والعمل وإعطاء للسيرة كنماذج ميسرة مبسطة لا تقدم ولا تؤخر فهذا إن نظرنا لا نرى أنهم أعطوا شيئا من السيرة ولكن نريد السيرة التي تبني الفرد وتبني الشخصية تقوم العوج وتبني في نفسية المسلم محبة الشجاعة والفداء والكرم وصدق الولاء والحقيقة أن السيرة النبوية لم تعط حقها بعد هذا من ناحية.
أما الناحية الثانية ان السيرة النبوية لاشك أنها مدرسة كاملة في العقيدة وفي العبادة وفي الأدب والسلوك وفي الشجاعة وفي الوفاء والصدق وفي غير ذلك.. والسيرة النبوية غنية بهذا كله تستطيع أن تكون الفرد إذا أخذ هذه السيرة على وجه يمكن أن يجعل الإنسان المسلم فعلا يعيش السيرة النبوية ويحياها وما لهذا سبيل إلا أن تكون السيرة النبوية موجودة في كل مراحل التعليم على مختلف المستويات والله أعلم.
وقال د. السدلان: إن المسؤولين أعانهم الله مسؤوليتهم عظيمة وكبيرة جدا والمسؤولية ليس معناها أن يأتي ليدير العمل فقط ولكن ليدير العمل ويجدد، والمسؤول جاء ليدير العمل وينظر في النتائج، ويسد الخلل، ويشارك في رفع مستوى الأمة بأي شيء يمكن حق ربه، ولذا فمسؤوليتهم عظيمة لا من ناحية المناهج ولا من ناحية كون هذه المناهج فعلا تحقق الاهداف المطلوبة ام لا، ولا من ناحية ان المناهج يوجد بها بعض الثغرات الضعيفة، لكني أقول إن معاشر المسؤولين عن المناهج متى كان بينكم من التعاون والترابط والتشاور فإنه سوف يتحقق خير الأمة، أما إذا كان السكوت والاعراض وكل يقبع بما عنده ولا يلتفت إلى الآخر وليس هناك مشاركة ولا اتصالات فسنظل نراوح مكاننا لسنوات ما لم نتدارك معاشر المسلمين أهمية المسؤولية وخطورتها ودورها وتأثيرها والله جل وعلا أعلم.
المسؤولية الأولى على الأسرة
من جانب آخر التقينا بالدكتورة نجلاء المبارك من قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية بالرياض التي اكدت على اهمية دراسة السيرة النبوية وأن هذه الدراسة تحقق اهدافا تربوية، وسلوكية وتعليمية، وان من اهداف السيرة النبوية تعلم المثل والبطولات، وشغل أوقات الناشئة بما يعود عليهم بالنفع والمتعة، وانطلاقا من الشعور بأهمية هذا الموضوع تقع المسؤولية الأولى على الأسرة التي بدورها تزرع حب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه في نفوس أبنائها من خلال الحديث عن هذه السيرة العطرة وتوفيرها من خلال المسموع والمقروء بما يناسب أعمارهم وقدراتهم وميولهم، وتشجيعهم على متابعتها من خلال وضع جوائز مادية ومعنوية لمن يكون له اهتمام أكبر بذلك.
واكدت د. نجلاء أن الإعلام يشترك مع الأسرة بنسبة عالية جدا في تربية الأولاد، ونلاحظ من خلال الإعلام المسموع والمقروء ان السنة النبوية محدودة العرض، والمعروض منها يعاني من ضعف مستواه بحيث لا يماثل سواه من المطروح في دقة مادته ولا في مستوى التشويق الذي تعرض به المادة العلمية المطروحة ولا في تنويع الطرح بحيث يتناسب مع مختلف الميول والمراحل العمرية ولابد أن نخرج من خلال هذا الطرح بلغة مهمة إلى توصية وسائل الإعلام بأهمية عرض السيرة النبوية عرضا سليما، في مادته، ومشوقا في أسلوبه، ومناسبا في طرحه.
وأما المناهج التعليمية فهي تقصر كثيرا في عرض السيرة النبوية ويحسن ان يكثف عرض السيرة النبوية من خلال مادة التاريخ ومادة المطالعة، او تعرض كمادة مستقلة.. المهم ان يراعى فيها المرحلة العمرية والفطرية فمثلا يكثف عرض البطولات والغزوات للذكور بينما يكثف الحديث عن مواقف النساء في السيرة للفتيات وهكذا..
الأسرة الدرع الحصين
أما الدكتورة زينب عبدالرحمن الدخيل الاستاذ المساعد في كلية التربية بالرياض فقد استهلت حديثها بذكر أهمية السنة النبوية وأنها المصدر الثاني للشريعة الاسلامية لأن الرسول صلى الله عليه وسلم المبين عن الله والكتاب الناطق والرحمة المهداة والنعمة المسداة.
وأكدت الدخيل انه لا يمكن فهم كتاب الله والعمل به إلا ببيان رسوله الكريم وأسوته الحسنة وسيرته العطرة.
واستطردت حديثها: إذا كان كل فرد يكون لبنة من لبنات المجتمع، واستطعنا ان نربي الفرد تربية اسلامية، نكون عندئذ كونا مجتمعا اسلاميا، وهذه المجتمعات بدورها تبني أمة مؤمنة خيرة، وبناء مثل هذه الأمة هو الهدف الاول من مجيء الاسلام، وكلف الرسول صلى الله عليه وسلم بناء الامة الاسلامية ويظهر ذلك جليا في منهجه العملي الذي قدمه لأبناء أمته ليكون لهم نبراسا يضيء الطريق، وإذا ما وجدت تلك الأمة فإنها تستطيع تبني خير حضارة إنسانية إسلامية.
وأضافت: اهتمت التربية النبوية ببناء الفرد بناء متكاملا من جميع جوانبه، خصوصا اذا علمنا بوجود عدة مؤسسات عن طريقها يمكن القيام بالعملية التربوية المتمثلة في تنشئة أبنائنا التنشئة الكاملة المحيطة بهم من جميع الجوانب التكوينية سواء الروحية أو الخلقية أو الجسمية أو العقلية.. وغيرها ثم عددت الدكتورة زينب بعض المؤسسات التربوية وفي مقدمتها: الأسرة والمجتمع، وسائل الاعلام بأنواعها، التعليم والمناهج والكتب والمساجد وغيرها من المؤسسات التربوية.
ثم تحدثت عن دور الأسرة في التربية قائلة: الأسرة هي الدرع الحصين وهي مجموعة الأفراد المرتبطين برباط الهي وهو رباط الزوجية أو القرابة ليحققوا مراد الله منهم. وهناك من الاسر الضائعة التي تجاهر بأنواع المعاصي والمنكرات القولية والفعلية (كسماع الموسيقى، وترك الحجاب، واللعن، والسب، والشتم) مما ينعكس سلبا على حياة الأبناء، وهنا يتضح لنا أن دور الأسرة عظيم.
ثم تطرقت إلى أهمية التعليم والمناهج التي تدرس في المدارس والجامعات وقيمتها العظمى في تنمية العقول وصقل المواهب لدى أبنائنا، وعددت محاور التعليم الرئيسية (الطالب، المعلم، المدرسة) وأنها مرتبطة بعضها ببعض. وتبرز أهمية التعليم والمناهج عند تحقيقها العملية التربوية المنوطة بها من خلال وضع المناهج الدراسية السليمة للطلاب والطالبات حتى يمكن فهم الإسلام فهما صحيحا متكاملا، وغرس العقيدة والرقي بالقيم والمثل والتعاليم الاسلامية الى مستوى التطبيق العملي مع إكسابهم المعارف والمهارات والاتجاهات المختلفة حتى يكونوا أفرادا نافعين في بناء مجتمعهم.
أخد آراء علماء الإسلام
ونوهت بأهمية تحقيق هذه الغاية من خلال وضع المناهج على ضوء الاهداف التالية:
استناد المنهج الى الاصول والمصادر الاسلامية عند إعداده واهم هذه الاصول هو القرآن الكريم ثم السنة النبوية واضافت يمكن الاخذ بآراء علماء الاسلام إذ لهم جهود قيمة في هذا المجال ولا يمنع ذلك من الاخذ بالاكتشافات والاختراعات التي تصل من غير المسلمين بل نستفيد منها ونسخرها فيما لا يتعارض مع مبادئ ديننا الحنيف واعتقادنا.
وان يكون المنهج شاملا ومتكاملا يحقق تكوين الطالب او الطالبة من جميع جوانبه الروحية والخلقية والعقلية والنفسية.. وغيرها ولتحقيق ذلك لابد من التركيز على بعض المواد الاساسية كالقرآن الكريم، والحديث الشريف، والسيرة النبوية ومبادئ العقيدة الاسلامية، وأحكام العبادات الضرورية في الفقه عقب ذلك تأتي المواد الاخرى.
ثم تحدثت عن دور الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وتأثيره الواضح في تربية الجيل إما سلبا وإما إيجابا خصوصا بعد التطور الملحوظ من خلال التقنيات الحديثة كشبكات الإنترنت والقنوات الفضائية وأضافت لما للاعلام من دور فعال ومفيد في تربية الأجيال تربية إسلامية لابد ان تتحقق الأمور التالية:
1 بث كل صالح ومفيد عن الدين أو الدنيا.
2 السعي لخدمة الدين من خلال نشر الندوات والإعلان عن المحاضرات مع التركيز على المسابقات المفيدة والنافعة كمسابقة القرآن الكريم وغيرها.
وأخيراً على الاباء والأمهات الادراك التام ان التربية لا تقتصر على مجال واحد بل ترتبط مجالاتها ببعض من أسرة ومجتمع ومدرسة وإعلام.. وغيرها من الوسائل التربوية.
الأحاديث القصيرة
وأكدت الدكتورة شيخة المفرج الأستاذ المساعد بقسم السنة وعلومها بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية ان لتعليم النشء للسيرة النبوية أثرا تربويا بالغا في تنشئة الأبناء على الاخلاق النبوية الفاضلة، وانه ينبغي ان يحفظ الابناء بعض الاحاديث النبوية ولاسيما جوامع الكلم.. من الأحاديث القصيرة التي ترسم للناشىء منهج حياته المستقبلية مثل حدث: (البر حسن الخلق) وينشأ على حب هذه الخصلة محاولات التحلي بها، وكذلك حديث: (الحياء من الإيمان)، وحديث: (من غشنا فليس منا)، وحديث: (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)، وغيرها كثير مما يكون له البعد الأكبر في تكوين الشخصية السليمة، حتى نخرج للمجتمع شخصيات قوية قادرة على البناء والتطوير، لا شخصيات مهزوزة همها الهدم والتدمير، كما ان معايشة الأبناء لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجعلهم مهتمين محافظين على ما كان يحافظ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذكار والأوراد التي يعيشون معها باطمئنان ابتداء من دعاء الاستيقاظ من النوم، ومن ثم دعاء دخول الخلاء والخروج منه، ودعاء بدء الأكل والشرب والانتهاء منه، ودعاء الخروج من المنزل والدخول فيه، وانتهاء بدعاء النوم والإيواء الى الفراش، فيكون يومه عامرا بذكر الله مما لا يجعل للشيطان عليه طريقا باذن الله، والسيرة النبوية حافلة بشمائل المصطفى واحاديثه الفعلية مما ينبغي أن ينشأ الولد عليه كحب السواك والطيب، وصيام الاثنين والخميس وطول الصمت وقلة الضحك، والكرم والجود والتبسم في وجوه الآخرين الى غير ذلك من حسن الخصال.
منهج خاص بالسيرة
وأضافت الدكتورة شيخة انه حري بالمربين من آباء وأمهات ومعلمين ومعلمات أن ينهلوا من هذا النبع التربوي الصافي، ويستفيدوا منه في استيفاء براعم الغد حتى تنشأ قوية صلبة فقد انغرس في سويداء قلبها محبة الله ورسوله وقد ارتبطت جذورها بالأصليين العظيمين لهذه الامة فيتجمد بقوة امام اعاصير الضلال والغواية، فلا تكسر لها ساقا ولا تسقط لها ورنف مهما بلغت قوة الاعصار بإذن الله تحقيقا لوعوده عليه الصلاة والسلام (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا: كتاب الله وسنتي) ومن المعلوم أن الولد من صغره حريص على التقليد والمحاكاة وتقمص الشخصيات التي تنال إعجابه، فلو قدم هذا الولد تصوراً واضحاً مُيسراً لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام من حسن السجايا ونبل الخصال لأشبع هذا الجانب عنده بدلا من ان يجعل قدومه ساقطاً او ساقطة وشغلوا باللهو والمحرمات عن أمور دينهم وعن آخرتهم ويستحسن ذلك منذ ان يعي الطفل ويستطيع التمييز بين الخطأ والصواب، وهذا ليس له سن معينة يُحد بها، بل هو متفاوت بين الاطفال، ولكن سن السابعة هي سن يمكن الولد فيها التقبل وتلقي ما يسند إليه، وامتثال الاوامر ويتضح ذلك من توجيه رسول الله لعموم المسلمين بأن يأمروا اولادهم بالصلاة لسبع، وهذا توجيه ممن لا ينطق عن الهوى، يوحي ممن خلق البشر وهم أعلم بهم، (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) وهذه السن توافق السن المحددة للالتحاق بالمدرسة، فلو جعلها من ضمن المناهج الدراسية منهجاً خاصاً بالسيرة يوجه فيه الناشىء لأمور يسيرة من سيرة المصطفى، ثم تزداد التوجيهات وتكون أكثر عمقا بارتقاء الولد الى مراحل دراسية عُليا، وهكذا حتى إذا تخرج من الجامعة خرج بمنهج نبوي واضح يمكنه السير عليه في حياته العملية المستقبلية، ويمكن تجربة ذلك على عينة من طلاب وطالبات المدارس، ثم عمل مقارنة بينهم وبين عينة أخرى لم تتلق مثل ذلك، وملاحظة الفرق، واكدت المفرج أن أثر ذلك سينعكس على تحلي الناشئة بنبيل الخصال وحميد الصفات، ويساهم في محوها ما اكتسبوه من رذيل الخصال وسيىء الصفات، وتعلم السنتهم من الالفاظ البذيئة ويحظو بالأجر الوارد في قوله عليه الصلاة والسلام: (نصر الله امرأً سمع منا حديثا وحفظه وبلّغه غيره فرب حامل فقه ليس لفقيه) رواه أحمد، وليصبحوا بذلك صورا حية مترجمة لجوانب من السيرة النبوية.
مواد غير منطقية!!
وكان لنا لقاء مع معلمة مادة الأحياء للمرحلة الثانوية الاستاذة مريم الخميس التي قالت ان المتأمل في مناهج التعليم الخاصة بالبنات في جميع المراحل الدراسية ليجد ذلك الكم الهائل والتركيز غير المنطقي للمواد العلمية، ففي المرحلة الابتدائية تجد منهج العلوم والرياضيات وذلك الكم الهائل من المعلومات التي لا تتناسب مع العقلية الصغيرة للتلميذة في تلك المرحلة وكذلك نجد ان المدة التي تستطيع الطالبة التركيز فيها على المادة العلمية لا تتعدى 15 دقيقة كما اكد ذلك علماء النفس.. فما بالنا نحشو ذهن الطالبة بأصناف المعلومات المتراكمة في ذهنها الصغير في أقرب سلة مهملات فلا فائدة ولا تطبيق لما درسته، كذلك كثرة المادة العلمية تجعل المعلمة تلقي الدرس نظريا حتى تضمن انهاء الدروس المقررة في المدة الزمنية المحددة فلا يوجد تطبيقات عملية تتخذ أذهان الطالبات والأفكار مبتكرة تجعل الدرس أكثر تشويقا وإثارة وبالتالي ثباتا في أذهان الطالبات وذلك لأن المادة العلمية كثيرة والمدة قليلة وذلك ينطبق على المراحل المتوسطة والثانوية بالاضافة الى تكرير المادة العلمية اكثر من سنة حتى تملها الطالبات.
وبالمقابل نجد المواد الدينية التي ترتكز عليها حياة الطالبة الحقيقية مهملة بشكل يدعو الى الدهشة فبهذه العلوم الشرعية هي التي تكفل للمسلمة السعادة الحقة ومعرفة هدفها الأساسي من هذه الدنيا.. عندما تتطلع اليها وتقارنها بالمواد العلمية وليست بالعلمية تجد البون شاسعا والفارق واضحا بينها في هذا الذي نراه، حصة واحدة في الاسبوع لتدريس كتاب الله كذلك مقدار الحفظ لكل مرحلة ضئيل جدا، كذلك سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم التي من الواجب وضعها في مادة مستقلة نجدها متناثرة هنا وهناك في كتب التاريخ فأين التخطيط السليم؟؟ فلو قللت المواد العلمية واختصرت بدون إخلال بالفائدة التي تحملها وانني واثقة أن هذا الاختصار لن يكون أكثر من ربع المنهج الموجود حاليا كما هو الحال في مناهج البنين، واهتمام اكيد بالعلوم الدينية التي لا غنى للطالبة عنها لأنها هي التي تحقق الفائدة والسعادة وبناء الحياة بناءً ذا أركان متينة.
|
|
|
|
|