| الريـاضيـة
* القاهرة مكتب الجزيرة:
هل انتهى عصر اللاعب الموهوب في ملاعب كرة القدم بعد ظهور اتجاهات وأساليب اللعب الحديثة التي تعنى من شأن القوة الجسمانية واللياقة البدنية أكثر من اهتمامها بالموهبة والابتكار واللمسات السحرية الجميلة التي صنعت أسماء بارزة في تاريخ كرة القدم العربية والعالمية، مثل بليه وزيكو في البرازيل، ومارادونا في الأرجنتين والخطيب وماجد عبدالله ورابح ماجير وطارق دياب وغيرهم من النجوم العرب الذين مازالت أسماؤهم ملء السمع والبصر رغم اعتزالهم اللعب؟ هذه الإشكالية تفرض نفسها كثيراً على الساحة الرياضية، من خلال لاعبين لم يختلف أحد على موهبتهم، لكنهم وجدوا أنفسهم يدفعون ناحية الاعتزال مثل طاهر أبو زيد نجم منتخب مصر والنادي الأهلي السابق ورضا عبدالعال أغلى لاعب مصري في التسعينات ووليد صلاح الدين فتى جمهور الأهلي المدلل، الذي يتحفظ عليه المدربون.
حول تراجع قيمة الموهبة في ملاعبنا وتهميش الموهوبين يدور هذا التحقيق الذي أعدته (وكالة الصحافة العربية):
محمود الخطيب عضو مجلس إدارة النادي الأهلي وأشهر المواهب المصرية يؤكد أنه لا يمكن القول بانتهاء عصر الموهوبين لأن الموهبة هي أساس كرة القدم بدليل وجود مواهب كبيرة على المستوى العالمي وتحظى بشهرة كبيرة أمثال رونالدو ودي نيلسون وأورتيجا، وتعتمد عليهم منتخباتهم بشكل كبير، واندثار بعض المواهب في ملاعبنا نتيجة الاصابة أو ضعف اللياقة البدنية أو عدم الحصول على فرصتهم ليس معناه القول بانتهاء عصر الموهوبين أو أن كرة القدم الحديثة شطبت كلمة الموهبة من قاموسها.
ويضيف الخطيب: الموهبة الحقيقية تفرض نفسها على الجميع وأي لاعب موهوب لا بد من أن يشترك في المباريات رغم أنف الجميع، ولكن في نفس الوقت لا بد أن يحصل هذا اللاعب على فرصة بحجم موهبته من خلال اشتراكه في المباريات الرسمية على المدى الطويل ولا يتم تقييمه من خلال مباراة أو اثنتين فقط، خاصة أن ملاعبنا المصرية والعربية بوجه عام تمتلك العديد من المواهب التي لم تأخذ فرصتها بعد رغم ان اللاعبين أصحاب الموهبة هم الثروة الحقيقية التي يجب تنميتها بدليل أن اللاعب الموهوب هو الأعلى سعراً في سوق الاحتراف لذلك يجب الوقوف خلف هذه المواهب وتشجيعها لأنهم يملكون إمكانيات كبيرة ويجب على المدربين أن يساعدوهم لأنه بالطبع ليس كل لاعب يمتلك الموهبة لذلك فهم ثروة يجب الاهتمام بها.
* الموهبة لا تكفي:
الكابتن عبده صالح الوحش المحاضر الدولي والمدير الفني السابق لمنتخب مصر يرى أن الموهبة وحدها لا تكفي في كرة القدم العصرية ولا بد أن يمتلك اللاعب الموهوب القوة البدنية والجسمانية التي تساعده على استغلال الموهبة، فالأداء المتكامل لا بد ان تتوافر له السرعة والقوة والتحمل بالإضافة إلى الموهبة لأن المقاييس الجسمانية من الأمور التي يضعها المدربون في حساباتهم، فلاعب مثل رونالدو البرازيلي يمتلك الموهبة والقوة الجسمانية والسرعة في الانطلاق والتسديد لذلك فهو لاعب كبير على العكس تماماً من اللاعب الموهوب الضعيف جسمانياً وبدنيا حتى لو كان يمتلك الموهبة بدرجة أكبر.
ويضيف: يجب ان نعلم أن مفاهيم كرة القدم تغيّرت كثيراً وأصبحت الكرة أكثر سرعة واللاعب عليه واجبات دفاعية وهجومية فإذا كان اللاعب الموهوب سيفيد فريقه في حالة امتلاك الكرة فماذا سيفعل عند افتقادها لذا نجد أن المدربين معذورون في الاستغناء عن اللاعب الموهوب رغم أهميته لأنهم يريدون اللاعب المتكامل فنيا وبدنيا.. والمدرب لا يمكنه منح اللاعب الموهوب اللياقة البدنية ما لم يكن جسم اللاعب مستعداً لذلك من البداية.
يقول أحمد ماهر: مدرب النادي الأهلي الأسبق: من الصعب أن ينتهي عصر الموهوبين، رغم اعترافنا بأن كرة القدم أصبحت أكثر سرعة وقوة واختلفت طرق اللعب بدرجة تصعب معها مهمة اللاعب الموهوب، ويجب أن يعرف جميع الموهوبين أن الموهبة بدون لياقة وعزيمة وإصرار وجهد لا تكفي ولا تصنع لاعباً أساسياً في تشكيل فريقه.. وهو ما يحمّل الموهوبين مسئولية الارتقاء بلياقتهم البدنية والقيام بواجبات دفاعية داخل الملعب ولو بنسبة 30% على الأقل، لأن أي جهاز فني في العالم يهمه في المقام الأول اللاعب الموهوب ذو القدرة البدنية العالية الذي يمتلك القدرة على تنفيذ التكنيك المطلوب في الملعب، ويشير أحمد ماهر إلى وليد صلاح الدين لاعب الأهلي .. مؤكدا أنه من المواهب النادرة لكن ينقصه التحلي بالإرادة والإصرار والكفاح والعزيمة حتى يمكنه فرض نفسه على الجهاز الفني والتشكيل الأساسي للفريق.
خالد الغندور: لاعب نادي الزمالك يقول: معظم المدربين لا يفضلون اللاعب الموهوب بعد أن اتجهت أفكارهم نحو القوة البدنية وكأنهم يريدون عدّائين في سباقات الماراثون، مع أن الجماهير تفضل الموهبة وتستمتع بها ولأن المدير الفني هو المسئول عن تشكيل الفريق نجد اللاعب الموهوب دائماً على دكة الاحتياط وهذا يؤثر على موهبته بالسلب بمرور الوقت.
ويضيف الغندور: ويرجع عدم اعتماد المدربين بشكل أساسي على اللاعبين الموهوبين إلى كثرة الإصابات والتي هي ثمن موهبتهم أو الحالات النفسية السيئة التي قد يعيشها بعض اللاعبين.
* البقاء للأقوى:
رضا عبدالعال نجم الأهلي والزمالك السابق يقول: للأسف من خلال تجرتبي الشخصية يمكنني القول بانتهاء كرة الموهوبين، بعد أن أصبح البقاء للاعب القوي بدنيا وجسمانيا الذي يمكنه الجري طوال المباراة بغض النظر عن الموهبة أو جدوى ما يبذله من مجهود بدني، ويطالب رضا عبدالعال الموهوبين في الوقت الحالي بنسيان موهبتهم والتركيز على لياقتهم فقط والجري والتزحلق في الملعب، حتى ينالوا رضا المدربين لأنه بدون ذلك لن يستمروا في الملاعب.
أما اللاعب محمد صلاح أبو جريشة نجم الإسماعيلي وأحد المواهب المعطلة فيقول: بداية لا يمكن لأحد القول بأن زمن الموهوبين انتهى لأن المواهب موجودة بالفعل، ولكن ينقصها الفرصة أو صقل موهبتها ورغم ذلك فالموهبة وحدها لا تكفي في ظل تغير مفاهيم المدربين والتركيز على النتائج فقط، كذلك لا بد أن تتوافر بجانب الموهبة القوة البدنية والسرعة في الأداء والقيام بالواجبات الدفاعية والهجومية.
ويضيف أبو جريشة : أعترف أنني أخطأت في حق نفسي، فلم أعط بقدر موهبتي حيث كانت الحالة المزاجية تؤثر علي بشكل كبير إلى حد الدخول في مشاكل مع المدربين، والابتعاد عن التدريب، وللأسف كنت الخاسر الوحيد، أما الآن فقد استوعبت الدرس جيداً، وأنتظم في التدريبات وسأثبت للجميع أن اللاعب الموهوب مازال موجوداً وله دور كبير داخل المستطيل الأخضر.
بينما يؤكد وليد صلاح الدين لاعب الأهلي أن كل لاعب اختصه الله بميزة معينة فهناك لاعب موهوب فقط وآخر ذو لياقة بدنية عالية وثالث يجمع بينهما، والمشكلة هي أن المدربين انشغلوا بالنتائج فقط والدليل على ذلك هو كأس العالم الأخيرة بفرنسا، والتي افتقدت فيها الكرة للجمال والمتعة، وهو ما يعني أن الموهوبين أصبح لا وجود لهم بالفعل.
ويتطرق وليد صلاح إلى نقطة هامة وهي أن اللاعب الموهوب لا بد أن تتوافر له الراحة النفسية أثناء اللعب، فليس من المعقول أن يحارب الموهوب من أجل اللعب، وكأنه لا بد أن يدفع ضريبة موهبته مشيراً إلى أن المواهب انتهى وجودها بانتهاء فترة السبعينات، وربما لا تعود لمكانتها إلا بعد مرور سنوات طويلة.
|
|
|
|
|