| الثقافية
يعمل العم صادق بمصدر رزقه في نهاية زقاق متعرج يتسع تدريجيا حتى تكشف الستار عن حانوت صغير موغل في أصالة الماضي وعبق التراث آيل للسقوط في أية لحظة. لقد ورثه عن أبيه الذي توفي منذ زمن بعد أن أشربه هذه المهنة وعلمه اصول التجارة ومزاولتها والتعامل مع الزبائن وكسب ودهم، كما ان معاملته اياهم بأمانة قلب ورحابة صدر جعلت اهل الحي يحبونه فأحبهم وأصبح مثالا يحتذى في صدق المعاملة وطيب المجاملة. مع مرور الزمن هاج اخطبوط التوسع العمراني وماج في المدينة زاحفا نحو الحي مادا يديه حيث يقبع الحانوت الذي اضحى كفريسة ترتعد فرائصها حينما ثار نقع الحي من زحف الجرافات الهادرة وهي تقوض المنازل الطينية فتقدم العم صادق الى الجهات المسؤولة يطلب ابقاء اطلال دكانه، وبعد محاولات ومداولات كان له ما اراد، ولما هدأت العاصفة وانقشعت الغمة وقفت اسواق كبيرة شامخة في وجه ذلك الحانوت الصغير الذي غدا بينها كقارب يتراقص فوق قمم أمواج بحر لجي هائج لكن العم سرعان ما حفظ توازنه بفضل ما حباه الله من طيبة نفس وأريحية أنس اكسبتاه مكانة بين الباعة والزبائن بشكل مذهل واصبح اعداد زبائنه في ازدياد يوما بعد يوم لكن في الآونة الأخيرة تبدل الحال اذا ادار الباعة له ظهر المجن وطفق بعضهم يشتكي لأن العم يبيع بأرخص الأسعار مما قلل من زبائنهم فأضحى أصحاب العقول السقيمة والنفوس الشريرة يحيكون له الدسائس لمجرد كثرة زبائنه المترددين عليه من كل حدب وصوب وألبسوه رداء المخدرات فسرت هذه الشائعة كسم زعاف في دم ملدوغ وأخذ زبائن العم يتساءلون عن حقيقة الأمر لكنه صمد شامخا كجبل لا تزعزعه ريح غير عابىء بما تفشى من القيل والقال وكثرة السؤال. ذات يوم هال مرتادي مجمع المحلات منظر أفراد الشرطة وهم يقتحمون السوق ويتجه منهم اثنان الى العم صادق ويقتادانه الى مركز الحي للتحقق من امره، فيما اتجه بقية العسكر الى الحانوت وفتشوه بدقة جاعلين عاليه سافله لكنهم لم يجدوا سوى كميات من الثياب النسائية بأكمالها الطويلة وجيوبها الساترة.
عايض القحطاني.
|
|
|
|
|