| أفاق اسلامية
* أوضح الشيخ محمد بن عبدالله الشائع المدرس بالمعهد العلمي بشقراء أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفريضته، مؤكداً أن المحتسب غير معصوم ولا كامل الحال، وبين ذلك في رسالته الموسومة ب«مقتطفات في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» والتي قدم لها الشيخ سعود الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام وتقع في قرابة«34» صفحة من القطع الصغيرة بين في أولها تعريف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وأنه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله، وبين من خلال المطلب الثاني أهمية هذه الفريضة وأن القائم بها خليفة للأنبياء والمرسلين، مشيراً إلى صعوبتها لتعارضها مع أهواء الناس وشهواتهم ورغباتهم المحرمة، مستدلاً بقول سفيان الثوري رحمه الله :«إذا أمرت بالمعروف شددت ظهر أخيك، وإذا نهيت عن المنكر أرغمت أنف المنافق».
وما أروع ما قاله الإمام أحمد:«إن المنافق إذا خالط أهل الإيمان فأثمرت عدواه ثمرتها، صار المؤمن بين الناس معزولاً، لأن المنافق يصمت عن المنكر وأهله فيصفه الناس بالكياسة، والبعد عن الفضول، ويسمون المؤمن فضولياً».وبين الشايع أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب انتصار المسلمين، فهذا شيخ من عظماء الروم يقول لهرقل بعد تساؤله عن أسباب هزيمة جيوش الرومان: من أجل أنهم يقومون الليل ويصومون النهار ويوفون بالعهد ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ومن أجل أنا نشرب الخمر، ونزني، ونركب الحرام، وننقض العهد ونغصب، ونظلم، ونأمر بالسخط، وننهى عما يرضي الله ونفسد في الأرض.وأشار المؤلف إلى عظم أجر القائمين بهذه الفريضة، فالله تعالى يقول: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم»، وبين خطورة ترك هذه الفريضة ممن ابتلوا بالتلاوم والتواكل وصار كل واحد يلقي بالمسؤولية على غيره ويبرئ نفسه حتى إن صاحب البيت الذي يرى المنكرات في بيته ولا ينكر وينسى أنه مسؤول، أمام الله عن رعيته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثماً أن يضيع ما يعول» كما أنه شريك في الإثم وإن كان صالحاً، وقد روي عن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى أنه أخذ قوماً يشربون الخمر فأقام عليهم الحد، فقيل له عن أحد الحاضرين: إنه صائم، ولم يشرب ومع هذا جلده عمر، فيؤخذ منه إقرار المنكر والسكوت عليه منكر، لذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له إنك أنت ظالم، فقد تودع منهم».بعد ذلك تساءل المؤلف هل قمنا بالنصيحة؟ وجعل إجابتها في المطلب السابع مبيناً أن البعض لم يطرق باب النصيحة بحجة أنه يخشى عدم استجابتهم، فيبدأ يلوم ويتكلم في أعراض أولئك الناس وهم لم يناصحهم فيقال: وما عليك إلا النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهداية القلوب بيد علام الغيوب وإذا علم الله صدق النية أعان ولو لم يكن من النصيحة إلا إقامة الحجة ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة؟
ثم تطرق المؤلف في المطلب الثاني إلى أهمية الصبر في طريق الدعوة، والشواهد على ذلك من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وجانب من قصص الأنبياء في ذلك، مبيناً عظم الرفق واللين فقد قال تعالى:«فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك»مورداً عدة شواهد من هذا الباب توضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم وتدرجه وتواضعه ورفقه بالجاهل وترك مؤاخذة المصاب وقبول اعتذاره مثل قصة الأعرابي الذي بال في المسجد فزجره الصحابة فأمرهم رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يتركوه فتركوه حتى بال ثم دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له:«إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن، وأمر صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء فشنه عليه«رواه مسلم. فما أرفق المصطفى صلى الله عليه وسلم بالجاهل، فقال الأعرابي: بأبي وأمي فلم يؤنب ولم يسب.سبحان الله.. يفد أبويه لأجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يخبر الناس بما قاله صلى الله عليه وسلم له، إن الذي حمل الأعرابي على ذلك التعليم المقترن بالرفق واللين، حيث إنه لم يفعل ذلك استخفافاً أو عناداً.
وبعد ذلك أوضح في المطلب العاشر الفرق بين المداراة والمداهنة فقد قال ابن القيم في كتابه:«الروح» ما ملخصه: والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة«التلطف بالإنسان لتستخرج منه الحق، أو ترده عن الباطل، والمداهنة: التلطف به لتقره على باطله، وتتركه على هواه. فالمداراة لأهل الإيمان والمداهنة لأهل النفاق. مثل ذلك:«رجل به قرحة فجاءه الطبيب الرفيق فتعرف على حالها، ثم أخذ في تليينها حتى انضجت بطاً برفق وسهولة، فأخرج ما فيها ثم وضع عليها من الدواء ما يمنع الفساد ويقطع المادة ثم تابع عليها المراهم المنبتة للحم ثم ذر عليها ما ينشف الرطوبة، ثم شد عليها الرباط ولم يزل حتى صلحت فهذا المداري، أما المداهن فقال لصاحبها: لابأس عليك منها، وهذا لا شيء فاسترها عن العيون بخرقة ثم إله عنها، وهذا لما رأى من جزعه من، بطها فلم تزل مادتها تقوى وتستحكم حتى زادت موادها وعظم فسادها».واختتم المؤلف كتابه بوقفات أربع خلص فيها إلى أنه لا أحد معصوم من الخطأ، وعدم اشتراط ان يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر كامل الحال، وخطورة الشائعات ورابعها دور هذه الشعيرة المباركة.
|
|
|
|
|