| أفاق اسلامية
الحمد للّه وكفى والصلاة والسلام على عبده المصطفى نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد: فلقد جرب أعداء الإسلام غزو المسلمين بقوة العتاد والسلاح وخاضوا حرباً ضروساً معهم فلم يحققوا مآربهم ولم يفلحوا في الهيمنة على بلادهم وشبابهم كما حصل في حروبهم الصليبية عندما انتصر صلاح الدين الأيوبي. وأدركوا أن صمود المسلمين وثباتهم في صد العدوان مصدره الإيمان باللّه وتحرك نخوة العقيدة بعد ضعفها. ولما انضووا تحت لواء هذا القائد بعزيمة خارقة لا تغلب وقناة قوية لا تلين وروح عالية لا ترهبها قوة السلاح وكثرة العدد رجع الأعداء يجرون أذيال الخيبة والخسران. فعقدوا المؤتمرات والاجتماعات للتخطيط لمكافحة الإسلام ومحاربة المسلمين بسلاح غير هذا السلاح المستعمل في حروبهم الماضية. وتوصلوا إلى أن الغزو الفكري والثقافي وتشجيع المعتقدات المنحرفة أشد فتكاً من قوة الحديد والنار، فجندوا البعثات التبشيرية وسخروا الإمكانات المادية بدافع الحقد والحسد والصد عن دين اللّه كما أخبر اللّه عنهم بقوله «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم» وانطلقوا يخططون لمكافحة الإسلام ومحاولة فسخ الهوية الإسلامية كما قال القس زويمر «ليس الهدف الحقيقي للتبشير هو إدخال المسلمين في النصرانية وإنما الهدف هو تحويل المسلمين عن التمسك بدينهم» ووجدوا من أبناء المسلمين من باع دينه ونفسه لتحقيق مآرب الأعداء فاتخذوهم معاول لهدم حصون الإسلام من داخلها وأخذوا على عواتقهم نشر الأفكار الهدامة والعقائد المنحرفة في صفوف المسلمين كالماسونية والشيوعية والاشتراكية والقاديانية والبهائية والتيجانية والصوفية والحداثة وعملوا على سل الروح الإسلامية وانتشرت الفرق الضالة من نفوس ضعفاء الناس ودهماء العامة وتعاونوا في نشر الفكر الأوروبي بحجة التقدمية واستخدموا الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة لنشر هذه الأفكار وغمروا المجتمعات الإسلامية بالشهوات والشبهات.
كما قام أعداء الإسلام بتشجيع فئات من أهل الشبهات والشهوات والدعوات المضللة لهدم الحصون المنيعة التي تُحكم كتاب اللّه وسنة رسوله صلى اللّه عليه وسلم وتطبق شرعه في أرضه وأحاطوهم بالحماية والرعاية والهالة الإعلامية فغرروا بالسذج من الشباب وضعفاء الإيمان الذين لا يعرفون عن الدين الإسلامي إلا القشور فحللوا وحرموا بأهوائهم وكفروا ولاة أمر المسلمين وعلماء الأمة ورموهم بالمداهنة والسكوت عن الحق، نتيجة للتأثر بهذه الدعوات الهدامة التي تسعى لبذر الفرقة بين صفوف الأمة وزرع الفتنة بين المسلمين، أوغلوا في دين اللّه كما فعل اليهود والنصارى فخرجوا عن طاعة ولاة الأمر وفارقوا أهل السنة والجماعة، لأن الغلو في الدين شريعة أهل الكتاب وخوارج هذه الأمة الذين حادوا عن الطريق المستقيم كما أخبر اللّه تعالى عنهم بقوله: «قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل» المائدة 77.
وطريقة أهل السنة والجماعة عدم تكفير أحد معين ولو بذنب ما لم يستحله لما قال صلى اللّه عليه وسلم «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما».
فالواجب على أبناء هذه الأمة التصدي لكل فكر وافد منحرف ودعوة ضالة لا تتفق مع هدي نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم وهدي سلف الأمة الصالح والتعامل مع ولاة الأمر وعلماء المسلمين بما ينبغي لكل منهم من حقوق واجبة لأن ذلك من ثمرات الإيمان تمشياً مع سيرة سلف هذه الأمة فقد قال الإمام أحمد رحمه اللّه لو كان لي دعوة مستجابة لصرفتها للإمام فإذا حصل شبهة في حكم واختلاف في وجهة نظر فمرد ذلك إلى كتاب اللّه وسنة رسوله صلى اللّه عليه وسلم في الأمور كلها كما قال تعالى: «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى اللّه والرسول إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر» النساء 59، فإن ظهر لنا حكمة وإلا فمعرفة الحكم منوطة بعلماء الأمة المؤهلين لاستنباط حكمه كما قال تعالى: «ولو ردوه إلى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم» النساء83، والحذر الحذر من الانسياق وراء الدعوات الناعقة والأفكار المضللة التي تهدم الحصون المنيعة وتشتت شمل الأمة وتفرق الجماعة وتخرج من دائرة الإيمان.
نفعنا اللّه بهدي كتابه وسنة رسوله وأعاذنا من مضلات الفتن إنه سميع مجيب والحمد للّه رب العالمين.
* رئيس محاكم منطقة الباحة
|
|
|
|
|