| لقاءات
* حاوره في دمشق عبدالكريم العفنان:
أكد الدكتور محمد زهير مشارقة نائب رئيس الجمهورية العربية السورية على ان العلاقات السعودية السورية ترسخت مكانتها في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد وتتميز بأنها علاقات تاريخية عريقة.
وأوضح الدكتور مشارقة في حديث للجزيرة على ان التنسيق القائم بين الرياض ودمشق والقاهرة هو مظهر للعلاقات الأخوية الحميمة التي تربط بين البلدان الثلاثة وتعبير عن الاهتمام بالقضايا القومية وعمل دؤوب لتعزيز التضامن العربي.
وطالب الدكتور مشارقة بتعريف محدد للإرهاب يفرق بين الأعمال الإرهابية وبين المقاومة الوطنية المشروعة للاحتلال، فالمقاومة الوطنية للاحتلال أمر مشروع تقره المواثيق والأعراف الدولية والاحتلال انتهاك للحرمات والمقدسات وقتل للأبرياء وهو أسوأ حالات الإرهاب.
وفيمايلي الحوار الذي جرى في دمشق:
* الجزيرة: سيادة نائب الرئيس:
بما أن الحديث مع صحيفة عربية حري بنا أن نسأل عن تقويمكم لمستوى العلاقات البينية العربية عموماً والسورية السعودية خصوصاً.؟
من البديهي ان تكون العلاقات البينية العربية، علاقات أخوة وتعاون، وتفاعل وتكامل، تهدف إلى تحقيق المصالح الوطنية للأقطار العربية، والمصلحة القومية العليا للأمة العربية.. وتشمل مختلف جوانب الحياة في المجتمع العربي، من سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. وان تتطور باستمرار بما يعزز التضامن العربي، ويسهم في تفعيل العمل العربي المشترك بما يمكّن الأمة العربية من مواجهة التحديات الراهنة، ويوفر الدعم والمساندة لانتفاضة الأقصى المبارك. ويشد أزر المقاومة الوطنية الفلسطينية، وهي تواجه الإرهاب الإسرائيلي وتعمل على استرداد أراضيها المحتلة، واسترجاع حقوقها المغتصبة. وفي مقدمتها حق الشعب العربي الفلسطيني في العودة، وفي تقرير المصير، وفي إقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.
وقد أكد السيد الرئيس بشار الأسد خلال استقباله لجنة المتابعة المنبثقة عن مؤتمر القمة العربي الطارئ في القاهرة، أهمية وحدة الموقف العربي، وضرورة التنسيق والتشاور بين الدول العربية، نظراً لدقة المرحلة التي يمر بها العالم. كما أكد السيد الرئيس لوزراء الخارجية، أهمية اتخاذ موقف موحد من قضية الإرهاب وضرورة التمييز بينه وبين المقاومة المشروعة التي أقرتها المواثيق الدولية.
أما العلاقات السورية السعودية، فهي علاقات إخاء وتعاون أواصرها متينة، وأبعادها عميقة، وجوانبها متعددة، وتتميز بأنها علاقات تاريخية عريقة. ترسخت دعائمها في عهد القائد الراحل حافظ الأسد، ويعمل السيد الرئيس بشار الأسد وخادم الحرمين الشريفين جلالة الملك فهد بن عبدالعزيز على تطويرها وتعزيزها بما يخدم المصالح الوطنية للبلدين الشقيقين، والمصالح العربية العليا في مختلف المجالات.
* الجزيرة: إلى أين وصلت مسيرة التحديث والبناء ومحاربة الفساد التي أكد عليها السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم؟
مسيرة العمل والبناء، مسيرة التطوير والتحديث التي تخوضها جماهير الشعب في سورية، بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد، هي مسيرة متواصلة مستمرة تحقِّق فيها الجماهير الكثير من أهدافها في ميادين التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر مسيرتها الظافرة، وتولي مسألة التجديد والتحديث ما تستحق من عناية واهتمام، حتى تواكب عملية التطور والبناء في سورية ما عليه الحال في البلدان المتقدمة المعاصرة، وقد تم تحقيق الكثير من الإنجازات منذ ان تسلم السيد الرئيس بشار الأسد مهامه الدستورية بعد خطاب القسم في 17 تموز من عام /2000/ شملت مختلف جوانب الحياة من اقتصادية واجتماعية وثقافية وما إليها.
وقد صدر العديد من المراسيم بهذا الخصوص لايتسع المقام لتعدادها وذكرها وسوف تبقى الإنجازات متلاحقة متعاقبة في مسيرة زاخرة على طريق تحقيق الأهداف الوطنية والقومية لجماهير الشعب. وأما على صعيد محاربة الفساد، فالعمل جار بشكل جاد لمكافحته، واجتثاث جذوره في مختلف المجالات.
* الجزيرة: تمثل الجبهة الوطنية التقدمية التي يرأسها السيد رئيس الجمهورية الأحزاب والحركات السياسية داخل سورية.
إلى أي حد نجحت هذه الجبهة في تفعيل الحياة السياسية في سورية؟ وهل هناك نية لتوسيعها؟
الجبهة الوطنية التقدمية، إنجاز كبير من إنجازات التصحيح المجيد، وعطاء متميز من عطاءات القائد الراحل حافظ الأسد، حققت بها سورية سبقا في مجال التعددية السياسية والحزبية على الصعيدين العربي والعالمي، وكانت تجربة رائدة، تتميز بالحيوية والمرونة والغنى. فقد ضمت الجبهة بين صفوفها جميع القوى الوطنية والتقدمية، لتعمل معاً على تحقيق كل مافيه الخير للوطن، ولترفع عاليا دعائم عزته ومجده وسؤدده. والعقود الثلاثة التي مضت على تأسيسها أثبتت ان الجبهة الوطنية التقدمية، كانت ضرورة من ضرورات الحياة السياسية في سورية، أتاحت الفرصة أمام جميع القوى السياسية والمنظمات الشعبية المنضوية تحت لوائها، لتتفاعل فيما بينها، وتتفاعل مع جماهير الشعب في مسعى جاد لتحقيق الخير للوطن والمواطنين.
وقد أولى السيد الرئيس بشار الأسد، الجبهة الوطنية التقدمية كل ما تستحقه من عناية ورعاية واهتمام منذ ان تسلم مهامه الدستورية وحرص على تفعيل دورها، وتطوير فاعليتها وأدائها بما يغني الحياة السياسية في سورية في إطار مسيرة العمل والبناء، مسيرة التطوير والتحديث التي يقودها.
فقد تحقق للجبهة الوطنية التقدمية خلال المرحلة الماضية وبتوجيه مباشر من السيد الرئيس بشار الأسد الكثير من المنجزات، حرصا منه على تفعيل دورها في الحياة السياسية للبلاد فكان لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، مقراتها ومراكز لنشاطها في المحافظات كما كان لها صحفها المستقلة التي تطرح في الأسواق، وتصل إلى أيدي الجماهير وتم تأمين ما تستلزمه زيادة نشاطها وفاعليتها في أوساط الجماهير، ووجه السيد الرئيس بتفعيل دورها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بزيادة مشاركتها بإدارة المنشآت والمؤسسات والدوائر من خلال من تتوافر لديهم الإمكانات والقدرات والمؤهلات والخبرات من أعضائها..
كما وجه بعقد اجتماع لقيادات فروع الجبهة في المحافظات، يجري الإعداد والتحضير له، وسيجري خلال فاعلياته استعراض واقع العمل الجبهوي في المحافظات والمقترحات بتطوير صيغة العمل الجبهوي فيها، وتوسيع إطار علاقات الأحزاب بالجماهير.
وأما عن توسيعها، فالسيد الرئيس بشار الأسد، يحرص الحرص كله على توفير كل ما من شأنه تطوير العمل الجبهوي، وتحسين أدائه وتعزيز مكانة الجبهة الوطنية التقدمية في سورية، كتجربة رائدة في مجال التعددية السياسية والحزبية فيها، وصرح من صروح الديموقراطية فيها. والجبهة الوطنية التقدمية في سورية، بموجب أحكام ميثاقها ونظامها الأساسي، تتميز بالحيوية والمرونة، سواء أكان ذلك لجهة صلاحياتها التي تتناول كل كبيرة وصغيرة من شؤون الوطن والمواطن، أم كان لجهة هيكليتها التي اتسعت غير مرة فيما مضى، بانضمام الاتحاد العام لنقابات العمال إليها والاتحاد العام للفلاحين عام 1981 وانضمام الحزب الوحدوي الاشتراكي الديموقراطي إليها عام 1988.
* الجزيرة: المسؤولون الإسرائيليون يحملون سورية مسؤولية كل أعمال المقاومة في مزارع شبعا (جنوب لبنان) ويهددون بضرب مواقع سورية في لبنان أو حتى في سورية كيف تتعاملون مع هذه التهديدات؟
تعمل إسرائيل على توتير الأوضاع في المنطقة، وتتنكر لعملية السلام واستحقاقاتها جملةً وتفصيلاً، وتضرب عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية، ومرجعية مدريد، وتتجاهل مبدأ الأرض مقابل السلام. وتصعد من أعمال الإرهاب الوحشية التي تمارسها على المواطنين العرب في الأراضي المحتلة، وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول الماضي في الولايات المتحدة، فالقتل والاغتيال، والسجن والاعتقال، والحصار والتجويع، وهدم البيوت أو مصادرتها بعد إخلائها من سكانها، وتجريف الأراضي، وقلع الأشجار، وقصف المدن والقرى الفلسطينية بقذائف الدبابات وصواريخ الطائرات وأعمال الإرهاب الأخرى، شأن يومي من شؤون سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في الأراضي العربية المحتلة، وخاصة بعدما آل الأمر فيها إلى الإرهابي ومجرم الحرب شارون.
ان إسرائيل لا تريد السلام ولاترغب فيه، وإنما تسعى إلى الاحتفاظ بالأراضي العربية المحتلة، وإقامة المزيد من المستوطنات عليها، وتوسيع القائم منها، واستقدام المزيد من المستوطنين إليها، وفرض املاءاتها على العرب في إطار عملية السلام، وتطلق التهديدات في غير ما اتجاه، في إطار عربدة تعبر عن صلفها وغطرستها، واعتماداً منها على ماتلقاه من دعم خارجي غير محدود.
وقد أكد السيد الرئيس بشار الأسد، أنه إذا ماتعرض أمن سورية للخطر، فإن سورية لن تقف مكتوفة الأيدي..
وأما عن عملية السلام فإن سورية تبقى متمسكة بثوابتها الوطنية والقومية من عملية السلام، فالسلام بالنسبة لسورية والأمة العربية هدف استراتيجي، تعمل على تحقيقه وفق قرارات الشرعية الدولية، ومرجعية مدريد، ومبدأ الأرض مقابل السلام، والسلام الذي تحرص سورية على تحقيقه هو السلام العادل والشامل، الذي يعيد إلى كل ذي حق حقه. ويؤدي إلى استرداد الأراضي العربية المحتلة بانسحاب إسرائيل إلى خطوط الرابع من حزيران عام 1967 واسترجاع الحقوق القومية المغتصبة، وفي مقدمتها الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني، في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف، ويوفر الأمن والاستقرار لجميع الأطراف في المنطقة.
وإذا كانت عملية السلام، لم تحقق تقدما يذكر، رغم مضي عشر سنوات على انطلاقتها من مؤتمر مدريد، فهذا عائد إلى مماطلة إسرائيل ومراوغتها، وتنصلها من مستلزمات عملية السلام ومتطلباتها، مما يستدعي موقفاً عربياً يرقى إلى مستوى القضية، ودوراً فاعلاً للاتحاد الأوروبي، وموقفاً للولايات المتحدة الأمريكية يتسم بالحياد والنزاهة والموضوعية وان تحرص الولايات المتحدة على تنفيذ ما تلتزم به وفعل ماتقول، لا ان تقول مالا تفعل كما كان شأنها دوماً بالنسبة لقضايا المنطقة.
* الجزيرة: تشكك بعض الزعامات الروحية المسيحية في لبنان بالتزام سورية باتفاق الطائف وتطالب بإعادة انتشار الجيش السوري في لبنان.
إلى أي حد يمكن ان تؤثر هذه الزعامات بمطالبها على صفاء العلاقة السورية اللبنانية؟
لقد كان موقف سورية من لبنان الشقيق، موقفا أخوياً دائماً، فقد مدّت له يد المساعدة، ووفرت له الدعم والمساندة، وأعانته على تجاوز محنته، وتخطي أزمته، منذ ان بدأ يعاني مايعاني عقب أحداث عين الرمانة في 13 نيسان 1975. كما تصدت للعدو الصهيوني إبان اجتياحه لبنان عام 1982 وعملت بالتعاون مع القوى الوطنية فيه على إسقاط اتفاق 17 أيار لعام 1983 اتفاق الإذعان الذي أرادت إسرائيل فرضه على لبنان، والذي كان سيجعل من لبنان محمية إسرائيلية لا أكثر ولا أقل. وظلت سورية تقوم بما يمليه عليها الواجب القومي، وعلاقات الأخوة الوطيدة بين البلدين الشقيقين، وأواصر التاريخ والجغرافيا التي تربط بينهما، وكان توقيع معاهدة الأخوة والتعاون في 22/2/1991 توثيقاً لعرى العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية القائمة بينهما. وأي شأن من الشؤون التي تهم البلدين الشقيقين يبحث من قبل السلطات العليا المختصة فيهما بروح أخوية عالية، ولا قيمة لرأي يصدر عن غير مسؤول حول العلاقات بين البلدين، ولايمكن ان يكون له أي تأثير على صفاء العلاقة السورية اللبنانية.
* الجزيرة: أكدت سورية على لسان الرئيس بشار الأسد تأييدها لمكافحة الإرهاب في إطار الأمم المتحدة والسؤال:
هل طلب من سورية ان تشارك في قوات التحالف؟ وهل تلقيتم طلبات محددة بشأن تعاونكم على مستوى المعلومات فيما يتعلق بالإرهاب بمختلف أشكاله؟
سورية تدين أعمال الإرهاب التي تستهدف الأبرياء، وترى أن ثمة ضرورة لتعريف الإرهاب، وتحديد الأعمال التي تدخل في نطاقه بشكل دقيق. وان يجري التمييز بين الإرهاب والمقاومة الوطنية المشروعة للاحتلال بمختلف أشكاله، والوصول إلى معايير يتفق عليها بإشراف الأمم المتحدة، وفي إطار مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب. ووضع الأسس اللازمة لتحديده، ومعالجة أسبابه ودوافعه، واجتثاث جذوره في إطار السيادة الوطنية للدول. وبما يتفق وأحكام القانون الدولي. والأمم المتحدة استناداً إلى مثل هذه المعايير المحددة دوليا، تبقى هي الجهة الشرعية التي تحدد التورط في أعمال الإرهاب، أو تقديم الدعم والمساندة له من قبل أية دولة أو مجموعة. وقد أكد السيد الرئيس بشار الأسد ان موقف سورية من الإرهاب ثابت لايتغير، ويجب محاربة الإرهاب في كل مكان، دون انتقائية أو ازدواجية في المعايير وان تكون من ثوابت العمل السياسي وليست أمراً مرحلياً، وأكد سيادته ان مكافحة الإرهاب عمل ثقافي وسياسي يعتمد بناء الجسور الثقافية والحوار الأمين بين الشعوب لأن العنف لن يولد إلا العنف في النهاية.
* الجزيرة: أكد وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد أن الحرب على الإرهاب لن تقتصر على أفغانستان بل سوف تشمل كل منابع الإرهاب ومعلوم أن سورية لاتزال مدرجة على قائمة مايسمى (الدول الإرهابية) التي تصدرها الخارجية الأمريكية بحجة إيواء سورية للمنظمات الفلسطينية ودعمها لحزب الله اللبناني.
والسؤال: هل تلقت سورية تطمينات من الإدارة الأمريكية بعدم توجيه ضربة لسورية أو دول عربية أخرى؟
أشرنا آنفا إلى ان سورية إذ تدين الإرهاب والأعمال التي تدخل في نطاقه، فإنها ترى ضرورة تحديده بشكل دقيق، والتمييز بينه وبين المقاومة الوطنية المشروعة للاحتلال.. فالمقاومة الوطنية للاحتلال بكافة أشكاله وصوره، أمر مشروع تقره المواثيق والأعراف الدولية، أما الاحتلال احتلال أراضي الغير، وانتهاك حرماته ومقدساته وقتل الأبرياء وسجنهم واعتقالهم وحصارهم وتجويعهم، وهدم بيوتهم وتجريف زروعهم، فهذا هو الإرهاب عينه بل إنه أسوأ حالات الإرهاب طراً.
* الجزيرة: في ظل ظروف إقليمية ودولية تستلزم التنسيق العربي المشترك.
ماهو تقويمكم لعملية التنسيق المستمرة بين (القاهرة الرياض دمشق) كقاعدة من قواعد العمل العربي المشترك؟
إن التنسيق القائم بين دمشق والرياض والقاهرة، هو مظهر للعلاقات الأخوية الحميمة، التي تربط بين البلدان الثلاثة، وتعبير عن اهتمام بالقضايا القومية، وعمل دؤوب لتعزيز التضامن العربي، وتفعيل العمل العربي المشترك، بما يمكن الأمة العربية من مواجهة التحديات الراهنة، ودرء الأخطار التي تتهددها في حاضرها ومستقبلها.
* الجزيرة: بعد انتخاب سورية عضواً غير دائم في مجلس الأمن كيف تتطلعون إلى دور سورية لنصرة وإبراز القضايا العربية والعالمية العادلة؟
إن انتخاب سورية عضواً في مجلس الأمن الدولي، دليل على المكانة الرفيعة التي تحتلها سورية في المجتمع الدولي، والاحترام الكبير الذي تحظى به من خلال مواقفها الموضوعية من مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية، وإذا كانت سورية قد احتلت هذه المنزلة الرفيعة في عهد القائد الراحل حافظ الأسد، فإن مكانتها تلك تتعزز باستمرار، من خلال النهج السياسي الحكيم الذي تنتهجه سورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد وسوف تبذل سورية قصارى جهودها من خلال موقعها في مجلس الأمن الدولي لنصرة القضايا العربية والعالمية العادلة ولكي تسود قواعد الحق والعدل في العلاقات الدولية.
* الجزيرة: حول زيارة الرئيس عرفات إلى دمشق التي ألغيت في آخر لحظة برأيكم هل طويت صفحة هذه الزيارة نهائياً؟ أم أن هناك موعداً جديداً سيحدد لها على ضوء المواقف التي يتخذها عرفات فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي؟
إن قضية فلسطين، هي القضية الأم بين قضايا نضالنا العربي العادلة، واهتمام سورية بهذه القضية اهتمام بالغ الأهمية. وقد بدأ هذا الاهتمام منذ ان بدأ المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني يخرج إلى حيز التنفيذ، وتعاظم مع تعاظم الخطر الذي أصبح يمثله الكيان الصهيوني على المنطقة وعلى الأمة العربية.
وموقف سورية هذا من ثوابتها القومية فهي تسعى في إطار عملية السلام لتحرير الضفة والقطاع والقدس الشريف، كما تسعى لتحرير الجولان وباقي الأراضي العربية المحتلة. وتناضل في سبيل استرجاع الحقوق القومية المغتصبة وفي مقدمتها الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.
وموقف سورية هذا كما أشرت آنفاً هو من ثوابتها القومية، وكانت سورية تحرص على التنسيق بين الأطراف العربية في عملية السلام. لأن في ذلك دعماً لمواقفها وتأييداً لحقوقها جميعاً، وحائلا يحول دون تفرد إسرائيل بطرف بعد آخر، ومسلسل الأحداث الذي أعقب أوسلو خير دليل على ذلك.
وقد أكد السيد الرئيس بشار الأسد في قمة عمان في 27/3/2001، انه على الرغم من عدم وجود تنسيق بيننا لمدة عشر سنوات، فإن قضية فلسطين بقيت هي القضية المركزية بالنسبة لسورية وبالنسبة لكل العرب، وأضاف: نقول عفا الله عما مضى فنحن لا نعيش على الماضي وإنما نتعلم منه الدروس المفيدة، نمد يدنا لاخواننا الفلسطينيين لنقول لهم: نحن نقف معكم في خدمة القضية الفلسطينية، مع العلم ان النهج والعقل والمنطق السوري، لا يسير إلا باتجاه هدف واحد واضح ومحدد وهو عودة الحقوق العربية كاملة وغير مجتزأة ولا مجزأة.
* الجزيرة: هل تعتقدون ان الرئيس بوش جاد حقاً فيما قاله عن إقامة دولة فلسطينية أم أن ذلك له أهداف مرحلية تستهدف إرباك الانتفاضة داخل الأرض المحتلة والتفرغ لما يسمى بالحرب ضد الإرهاب؟
إن الإدارة الأمريكية عودتنا على ان لاتلتزم بتنفيذ ما تتعهد به بالنسبة لقضية الصراع العربي الإسرائيلي، وأن تقول ما لا تفعل تجنبا لإثارة حفيظة إسرائيل واسترضاء لها.. ولم تكن مواقفها السابقة، ولاسيما المواقف التي تلت انطلاق عملية السلام من مؤتمر مدريد في 30/10/1991 تتسم بالحياد أو النزاهة أو الموضوعية، بل كانت تميل كل الميل إلى إسرائيل. وهاهي إسرائيل تمارس يوميا أبشع أنواع البطش والإرهاب على الأهل في فلسطين المحتلة من قتل واغتيال، وحبس واعتقال، وحصار وتجويع، وهدم للبيوت وتجريف للحقول، ولاتحرك الولايات المتحدة ساكناً، علماً أنها الجهة الوحيدة في المجتمع الدولي التي تملك القدرة على الضغط على إسرائيل والحد من ممارساتها.
* الجزيرة: يقول رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير إن إقامة دولة فلسطينية يحقق الاستقرار في العالم.. هل تعتقدون أن إقامة دولة فلسطينية يضع حداً حاسماً للإرهاب؟
إن الاستقرار في المنطقة له منعكساته على الاستقرار في العالم، والاستقرار في المنطقة لايتحقق إلا بقيام السلام العادل والشامل المرتكز على قرارات الشرعية الدولية، ومرجعية مدريد، ومبدأ الأرض مقابل السلام. ويؤدي إلى استرداد الأراضي العربية المحتلة بانسحاب إسرائيل منها إلى خطوط الرابع من حزيران عام 1967، واسترجاع الحقوق القومية المغتصبة، وفي مقدمتها الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة فوق أرضه وعاصمتها القدس الشريف.
* الجزيرة: خلال الأشهر القليلة الماضية دأب عدد من المسؤولين السوريين والعراقيين على تبادل الزيارات.. إلى أي مدى نجحت هذه الزيارات في تحسين العلاقات بين البلدين على الصعيدين الاقتصادي والسياسي؟
ان التطور الذي طرأ على العلاقات بين البلدين يهدف إلى التخفيف من معاناة الشعب العراقي الشقيق الذي يعاني مايعاني من آثار الحصار المفروض عليه.
* الجزيرة: في ضوء الحقائق الاستراتيجية وموازين القوى القائمة والاستقطابات الراهنة بين أطراف مختلفة في المنطقة وخاصة التحالف الإسرائيلي التركي.
ماهي النظرة السورية إلى مستقبل العلاقات مع تركية على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية؟
العلاقات السورية التركية هي علاقات بين بلدين جارين تمتد الحدود بينهما مئات الكيلومترات، وبينهما علاقات تاريخية دامت عدة قرون، وجذور ثقافية تستند إلى أرضية مشتركة، وعلاقات البلدين الجارين تتطور على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
|
|
|
|
|