| عزيزتـي الجزيرة
اخواني وأخواتي قراء «الجزيرة» والعزيزة، سلام الله على قلوبكم وكل عام وأنتم بخير، وهذه المرة لن أكون فيلسوفاً كما يقولون بعد كل مشاركة أتشرف بها في هذه الصفحة، والموضوع بحق لا يحتمل الفلسفة، والجميع يدركون مضامينه وكل ما يحويه من أمور شكلي بدأت بالفلسفة لذلك سأبدأ ب«الزبدة»:
رمضان أيها الأحباب، رمضان.. شهر فضيل كريم أنعم الله به علينا، وأعطانا فيه الفرص الغالية والثمينة لتجديد العهد مع الله والتوبة والاقلاع عن الذنوب وزيادة أعمال الخير التي يضاعف أجرها في رمضان.
وحين أخرج إلى السوق هذه الأيام التي تسبق رمضان أرى كل واحد من الناس يمسك «بمتر من الورق» مكتوب عليها بطريقة غير مباشرة «هات كل ما في السوق وأكثر».. وحين أتجول في الشوارع أجد الشباب مشغولين في تعليق شبكات الطائرة، وتوزيع جداول الدورات الرياضية.. وفي الجلسات الخاصة أراهم يرتبون لأوقات الرحلات البرية ودورية «الشبة» ونظامها في رمضان.. ناهيك عن القنوات الفضائية والمنتجين الذين يعملون طوال العام انتظاراً واستعداداً لليالي رمضان.. حتى الأطفال أسمعهم يرددون عبارات الفرح بأنهم سيسهرون في ليل رمضان.. وهكذا هي العقول والأفكار.. ولا أقول سوى «سبحان الله» ألهذا الحد كان وقت الفراغ لدى الناس كبيراً في رمضان؟ ألهذه الدرجة كانوا يفتقدون النشاط والمرح واللعب والأكل والشرب في كل شهور السنة؟؟
أيها الناس، لماذا نقول لبعضنا «هنيئاً لك بهذا الشهر وكل عام وأنت بخير» هل التهنئة على هذه الأشياء وغيرها؟ أم هي الخير المدفون والكنوز الثمينة التي لا يجدها سوى من بحث عنها في دقائقه وأيامه؟
كم أتعجب حين أسمع أو أقرأ أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يستعدون لرمضان ستة أشهر، ويدعون الله استجابة صيامهم وقيامهم بقية العام، أما نحن فلا أرانا حتى نشعر بلذة قدومه، تبلدت أحاسيسنا، وأصبحنا نفرح بالاجازة وننتظرها أكثر من انتظارنا له!! وما ان يأتي حتى تبدأ الموائد بالامتداد ، والليل يبقى عامراً، والفرش تبقى عامرة حتى نسمع من يقول «قرب اذان المغرب» موقظاً لنا من سبات عميق.. فلماذا الصوم؟ ولماذا الجوع والعطش؟ فرب صائم ليس له من صومه إلا هما!!
أيها الاخوة والله انني لا أدع شيئاً مما ذكرت إلا وأفعله فلقد تفننت في الشراء، ونويت السفر، ونويت كل ما قرأتم ولكن هذا لا يعني أنني أمتنع عن الكتابة في هذا الموضوع.. علّنا نصل إلى حد لوضعنا المحزن وعلاقتنا المتوترة مع رمضان، وكم تمنيت أن أنام في وقت مبكر من الليل، وأصحو لصلاة القيام والذكر وصلاة الفجر وبعد بركة السحور.. وكم تمنيت أن أكتفي «بلقيمات يقمن صلبي» وأن أختم القرآن أكثر من مرة، ولكن كلنا نشترك في الخطأ وكلنا يشجع الآخر على مواصلة الاستهتار والبخل على أنفسنا بفضل رمضان العظيم وإن كنا لا نستطيع مقاومة الشيطان ونزوات الهوى والنفس، فإن المسؤولية الكبرى علينا هي ألا نترك الحبل على الغارب لأطفالنا بأن يفعلوا ما شاؤوا ويناموا متأخرين ويصحوا متأخرين، تعالوا بنا نزرع في قلوبهم حب رمضان واستقباله واستغلاله، تعالوا بنا نجدد الولاء والعهد له ومعه ونعهده بأن نفرح به وأن نستثمر أوقاته.. لنقرأ القرآن ونختمه، ولنصلي بالليل ونكثر الصلاة والدعاء.. والذكر والصدقات، ولنذكر اخواناً لنا دخل عليهم رمضان عطشى جائعين لدرجة الهلاك، بين البر والحر وقساوة الحياة، واخواناً لنا تحت التراب كانوا يتمنون بلوغ رمضان..
لنستيقظ من غفلتنا ونوقظ قلوبنا، ونقول بصوت واحد «أهلاً بك يا رمضان، وهنيئاً لنا بك، وإن كنت كريماً فلن نكون بخلاء بعد اليوم».
وتقبلوا تحياتي وأنتظر دعاءكم بكل خير عند كل صلاة و مع كل ثمرة تفطرون عليها «وهذه أمانة أحملها الجميع، دعاءكم دعاءكم، دعاءكم .. وسأدعو لكم».
* وقفة:
أهنئ شركة الاتصالات على ما يصلها من أرباح عن طريق تهاني الرسائل عبر الجوال.
جميل فرحان اليوسف
سكاكا الجوف
|
|
|
|
|