| شرفات
* القاهرة مكتب الجزيرة شريف صالح:
كريستينا لسون أستاذة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة قامت بدراسة مهمة لاحكام تلاوة القرآن الكريم.. وللطقوس المصاحبة لاداء المقرئين المصريين في المناسبات المختلفة.. كانت مشغولة بالقرآن الكريم وتأثيره في النفوس حتى على غير المسلمين وعلى من لا يفهمون لغته.. وصدرت دراستها منذ عدة سنوات عن جامعة تكساس ومنذ ايام صدرت لها طبعة جديدة في احتفال اقيم بالجامعة الامريكية.. هذه الدراسة من باحثة لاتدين بالاسلام تأكيد جديد ومدعم بالادلة العلمية على أن القرآن الكريم نص معجز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه حتى فيما يتعلق بطرق الاداء الصوتي او (فن تلاوة القرآن) حسبما أسمت المؤلفة دراستها:
حالة العداء للإسلام سببها الميل السطحي في الغرب للتعميم
كرستينا ولسون
* هذه الدراسة الغريبة بالنسبة لك كأمريكية.. هل احتاجت منك الى وقت طويل؟
العمل الميداني استمر في مصر لمدة عام وخلاله تعلمت قواعد التلاوة والالمام بالمقامات التي يرتجل المقرئون على أساسها.. أما كتابة الدراسة واعدادها فقد استغرقت ثلاث سنوات تقريبا.
* هل بالامكان ان نعطي فكرة للقارىء العربي عن فصول هذه الدراسة؟
الدراسة تنقسم الى جزءين.. يشتمل الجزء الأول على أربعة فصول تقدم مادة عن القرآن الكريم نفسه للقارىء الغربي ما يتعلق بأحكام التجويدومعنى القرآن وطبيعة دوره في المجتمع والقضايا الخلافية حول القراءة المثالية له أما الجزء الثاني فيضم ثلاثة فصول تناقش ما يدور على أرض الواقع او بمعنى آخر الممارسة الحالية لقراءة القرآن في مصر على وجه الخصوص وما يرتبط بها من أنشطة اجتماعية مختلفة وكيف يتم المحافظة على المثل الاعلى في القراءة من ناحية والاستجابة لأعراف ومناسبات اجتماعية مختلفة من ناحية اخرى.. ومن خلال هذين القسمين يتوقف القارىء الغربي ربما لاول مرة على فن تلاوة القرآن الكريم.
* وما الهدف من وراء هذه الدراسة؟
بداية قمت بهذه الدراسة على أساس صدق نياتي تجاه القرآن الكريم واحترامي الكامل للمثل الدينية العليا وتقديري الوجداني للمعنى نفسه، ثم كانت لدي الرغبة في تقريب فن التلاوة وهو فن خاص بأداء النص القرآني الى القارىء الغربي، وما يصاحبه من طقوس، أملا في أن يتعامل المتلقي الغربي مع القرآن الكريم باعتباره كتاباً مقدساً حياً ومؤثراً في نفوس الملايين وليس مثل الكتب الاخرى التي تدرس في دوائر محدودة جداً كنصوص ذات قداسة في مرحلة تاريخية بعينها.
* وماذا عن ردود الفعل سواء في البلاد الاسلامية أو في أمريكا.. وهل تم توجيه نقد لهذه الدراسة؟
الكتاب مكتوب باللغة الانجليزية أي انه موجه بالدرجة الاولى الى القارىء الغربي وبالفعل نشر لاول مرة في أمريكا عام 1986م ومؤخراً أصدرته الجامعة الامريكية بالقاهرة وتوقع البعض انني طالما أتحدث عن (فن التلاوة) فانني سأتعامل مع القرآن كظاهرة موسيقية أو لحنية، لكنني تعاملت مع فن التلاوة تعاملاً راقيا يتجاوز ما هو معروف عن الموسيقى او الشعرفي سياق الخبرةالبشرية عن قناعة منى بأنها كلمات الله تأتينا عبر السماء ولن احولها الى مجرد دراسة في الموسيقى.
ولهذا فإن كثيراً من الاكاديميين الذين قاموا بمراجعات مهمة للكتاب في الصحافة الامريكية اعتبروه يمثل الترجمة عبر الثقافات في أحسن معانيها أي الترجمة التي تركز على الجوهر والمعنى وتسهم في تغيير طريقة تعاملنا مع القرآن الكريم سواء على مستوى الاستماع أو الفهم.
* هل هناك نقد فيما يتعلق بتجميع المادة الميدانية؟
بسبب الاجواءالكثيرة التي تتم قراءة القرآن فيها والادوار المختلفة للمقرئين انهمكت في مجموعة كبيرة من الانشطة الاجتماعية ووجدت دائما العون من الآخرين مع شيء من السرور بمجالي وان كان لا يخلو من فضول: كيف ان امرأة غير مسلمة وغير مصرية تدرس القرآن الكريم؟
هذه التجربة التي استغرقت منى عاماً كاملاً كما قلت رصدتها بدقة وبتحليل محايد وربما كان النقد الذي وجه الى تلك الدراسة الميدانية هو اكتفائي بالرصد والتحليل وغياب صوتي الخاص لكن غاب عمن يقول هذا القول انني لا أناقش القرآن الكريم نفسه من خلال حكم قيمة، وإنما أتعامل مع المفاهيم والقواعد المتعلقة بشكل مباشر أو غير مباشر بفن التلاوة وأرصدها رصداً محايداً.
* لو حاولت ان تصفي أول مرة استمعتي فيها الى تلاوة القرآن الكريم؟
كان الشيخ عبدالباسط عبدالصمد وكان يقرأ سورة مريم فشعرت بفن وقوة شيء استثنائي لم اسمع مثله من قبل وخصوصا في حالة التوتر بين دقة قواعد التلاوة التي تحكم المقرىء (والتي عرفتها فيما بعد) وبين حالة الانفعال والارتجال في الأداء .. أظن أن هذا شيء يؤثر على أي انسان حتى لو لم يكن مسلما.
* هذه التجربة.. هل يمكن ان تسهم في مد جسور التفاهم فيما بين الثقافتين الاسلامية والغربية؟
أعتقد ان القواسم المشتركة بين الحضارات تتجاوز مساحة التناقضات التي يريد الاغبياء.. عن جهل أو سوء نية.. أن يبرزوها باعتبارها العنصر الوحيد في المشهد الانساني. والى هؤلاء الحريصين على وضع الحواجز بيننا وبين الآخر أبعث بكتابي كرسالة تحض على الحب والتسامح.
المؤسف ان هناك خوفاً بل رعباً من فكرة الاختلاف وكأن الثقافة الأخرى مصدر تهديد.. هذا الاحساس لا ينبع الا من منطقة عدم الثقة في النفس والتاريخ نفسه يؤكد ان الحوار بين الثقافات كان دائما عاملاً يؤدي الى الثراء.
* إذا كانت تلك هي الرؤية المفترضة فكيف تفسرين حالة العداء لكل ما يمت للإسلام بصلة خصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر؟
التفسير الوحيد لذلك هو الميل السطحي للتعميم لأنه هو المسؤول والمؤسف ان حادثة أوكلاهوما سيتي قيل وقتها ان ارهابيين اسلاميين يقفون وراءها ثم اتضح ان الفاعل غير ذلك.
* إذا عدنا الى الدراسة التي اعتمدت على المدرسة المصرية في القراءة والتلاوة هل يمكن مقارنة هذه المدرسة بالمدرسة السعودية الآن؟
دراستي اقتصرت على المدرسة المصرية بحكم وجودي في مصر.. ومنذ سنوات قليلة فقط بدأت أسمع قراءة غير مصرية وهي القراءة السعودية واعتقد ان الهدف مختلف بين المدرستين.. فالتلاوة السعودية تسعى الى توصيل النص بوضوح دون حلية نغمية الا في أضيق الحدود وتتسم بالسرعة ولا تستعمل الوقوف كثيرا لابراز معنى بعينه والتركيز عليه، وإنما هي أشبه بدفقة واحدة تعطي النص كلا واحداً بعكس المدرسة المصرية أو التركية التي تهتم بالفن في الآداء.
|
|
|
|
|