| متابعة
*
* كتب محمد المنيف:
في حلقتنا الرابعة والأخيرة في أيام نعرف أنها جزء صغير من أيام المعاناة التي يعيشها هذا الإنسان الذي عبر عن حبه عن كل شيء مستشهدا بما خلفه لنا من نوافذ نطل بها على كل الوطن مثل عينيه اللماحتين مشركا الآخرين بعشقه ومهديا لهم لحظات اقتنصها بعدسته شكلا ومحتفظا بحقيقة مصاعب الركض في كل اتجاهات البوصلة في أعماق أرضنا الطيبة التي أنبتت الطيبين أمثاله شفاه الله وأعاده لأسرته معافى بإذن الله.
لقد تلقيت الكثير من الاتصالات تسأل عن صالح وعن حاله وتسأل عن إصداره «المستحيل الأزرق» طمعا في الاحتفاظ بتلك الابداعات التي انتقاها عبر تنقله كنحلة بين أزاهير جبال سمر ورمال لاهبة وأرخبيل ورياض خضر ووجوه موشاة بالطيبة.
تلك الصور التي أبدعها صالح لم تكن هي الوحيدة في مساحة إبداعاته الكثيرة ومنها الكتابة الأدبية والمقالة بل هي ضلع من أضلاع عطائه المتقد الذي عاني منه الكثير فأثقل كاهله رغم أن تلك المعاناة التي لا يشعر بها إلا المبدعون أمثاله لم تكن مكشوفة بقدر ما كان يخفيها بدؤه المعروف وبساطته وتواضع تعامله مع الآخرين فهو مسكون بعالم آخر من العبقرية أوصلته إلى مرحلة من الثقة بالنفس دون تعال على الآخرين فكسب محبة الكثير..
يقول صالح العزاز في مقالته بعنوان «من هيوستن إلى عقد الياسمين» بعد إصابته بالمرض كنا نستعد مع الأولاد لمغادرة الرياض في رحلة الإجازة الصيفية ولم يكن يخطر في بالي قط أن الأولاد سوف يعودون إلى الرياض بدوني وأبقى أسيرا لتعليمات الأطباء في رحلة من نوع آخر لكنها بإذن الله تعالى رحلة التطهير من القشور لكي يعود الإنسان أنظف وأجمل.
«وفي مقطع من المقالة القصة» يقول العزاز إنه المصير الفظيع إنه الألم الكبير الذي لا يطاق هذا هو الألم الحقيقي الذي لا يفهمه الأطباء هذا هو السرطان الذي لم يكتشف له علاج بعد.. ويستمر العزاز في رحلة الألم ووصفه معلقا بقوله «تقول أمهاتي اللهم اجعله طهورا واجمع له بين الأجر والعافية»ويواصل السرد إلى أن يقول «إنه شيء رائع وإنساني وجميل أن يكون وطنك في متناول يدك وفي متناول قلبك.
لقد تضاءل ألمي حيث تحتشد تلك الأصوات، أعرفها ولا أعرفها بالدعاء والصلوات فتذهب إلى القلب احتشدت القرى تلك القرى والمدن في قلبي كأنها عزيمة ضد المرض هاتفني من أقصى الجنوب من بلاد ألمع كأنه يداويني يناولني جرعة من البهجة والدواء» ويضيف صالح قائلا «كما أن هناك أشياء لا يمكن أن نجربها بهذه الدرجة من الشفافية إلا حينما نكون في الحالة المضادة كما لو كانت قبضة الألم هي المحرك لحالة من الحب الذي لم يجرب.
ويضيف العزاز «في لحظة من اللحظات شعرت وكأنه ما من نخلة من نخلات القصيم إلا وقد احتشدت بظلها عند باب غرفتي تعرفني وأعرفها تحبني وأحبها لقد طوقني عقد من الياسمين مرة من المدينة المنورة وأخرى من الأحساء والقطيف والزلفي والدمام وجدة.
بهذه المقاطع المختصرة من قصة لا تقل في روعتها عن أي صورة فوتوغرافية ندعو الله أن يمن عليه بالصحة ويسر برؤيته معافى أعين أطفاله إنه سميع مجيب.
|
|
|
|
|