| مقـالات
التاريخ سجل حافل بالأحداث والشخصيات، منها ما يمر مرّ الكرام فيضيع في عالم النسيان ومنها ما يعيش في ذاكرة التاريخ فتتناقله الأجيال جيلا بعد جيل.
وحينما نقلب صفحات تاريخ المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس رحمه الله حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد حفظه الله تلوح لنا شخصية الملك فهد ودوره الفاعل بأحرف بارزة مضيئة على كل صفحة من صفحات هذا التاريخ.
فبناء المملكة سلسلة متصلة وضع أساسها المتين جلالة الملك عبدالعزيز مؤسس هذا الكيان وموحد أجزائه، ثم تعهده أبناؤه ممن تولوا مقاليد الأمور من بعده، يحافظون على ما تحقق، ويضيفون المزيد مما تتطلبه دواعي التطوير والنمو وفق ما يتوفر من امكانيات اقتصادية وفنية واجتماعية وغير ذلك، يشاركهم في ذلك أبناء الوطن محققين بهذه المشاركة التلاحم بين القيادة والمواطن.
ولقد واكب خادم الحرمين الملك فهد حفظه الله هذه المسيرة منذ فجر شبابه، وكان له دوره الذي ينمو ويتزايد مع نمو الدولة واتساع دورها، فهو يمثل عنصرا هاما في قيادة موكب البناء والنماء.
وحينما تشكل أول مجلس للوزراء تولى وزارة العلم وتنوير الأفكار والعقول لإيمانه ان العلم هو الأساس المتين الذي يرتكز عليه تقدم الأمم وتحقيق عزها ومجدها والمحافظة على بقائها وكرامتها، فجاءت برامج التعليم شاملة لجميع المراحل، وفئات الأعمار مركزة في البداية على التعليم العام آخذة في الاعتبار بناء المواطن وإعداد الكوادر لسد الحاجات الملحة في القطاعات التعليمية والصناعية والتجارية والزراعية وتعليم الكبار.
ثم تلا ذلك التخطيط للتعليم الجامعي والعالي عن طريق الابتعاث للدراسات الجامعية والعليا وفتح الكليات والجامعات وفق حاجة البلاد واستيعاب المجتمع، وكل ذلك تم التخطيط له وتنفيذه بالفكر الثاقب والعقلية المدركة للمأمول والممكن.
ثم تمتد جهوده إلى موقع آخر لا يقل أهمية عن التعليم، فالأمن ضرورة ثانية من ضرورات البناء فلا بناء بلا استقرار ولا استقرار بدون أمن.
ويتسلم وزارة الداخلية ويسعى إلى تطويرها بأسلوب علمي مركزا على جهازه نظاماً وأفراداً، ويسعى إلى تطوير النظم المحلية، الامارات، المقاطعات، البلديات، قطاعات الأمن المختلفة، ويهتم بالجانب التعليمي والتدريبي لمنسوبي الأمن عن طريق تطوير المدارس والمعاهد والكليات المتخصصة في هذا الميدان.
وتتسع دائرة مسؤولياته ليتولى مع اخويه جلالة الملك فيصل وسمو ولي العهد «الملك خالد» إدارة شؤون الدولة إلى جانب مسؤوليته عن وزارة الداخلية فتتضاعف أعباؤه، ويظهر دوره استناداً إلى مقوماته الشخصية ومكانته الرسمية، فتتضاعف إنجازاته وتتضح آثار جهوده، ثم تأتي المحطة التالية في مسيرته الخيِّرة حينما اصبح ولي العهد والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، فيسند له جلالة الملك خالد رحمه الله الكثير من مسؤوليات الحكم لما يتمتع به من مميزات وقدرات تؤهله لإدارة دفة الدولة على المستويين الداخلي والخارجي، فيتولى إدارتها بعزم وحزم ويستثمر الوفرة الاقتصادية التي عاشتها البلاد في ذلك العهد ليركز على بناء التجهيزات الأساسية من طرق، وموانئ، ومطارات، وخدمات الكهرباء، والهاتف، والمياه والصرف الصحي، وغير ذلك من متطلبات البنية التحتية، وتوفير الأجهزة الحكومية التي تتصدى لذلك ودعمها مالياً وإدارياً وفنياً.
وفي عهده الميمون الذي أصبح فيه ملكا على البلاد وخادما للحرمين الشريفين يكمل المسيرة التي شارك في دفعها في مراحل مسؤولياته المختلفة مركزا على مشاريع التطوير التنموية في جميع المجالات المختلفة في التعليم، وتطوير الأنظمة، وهيكلة الجهاز الحكومي، وفي المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصناعية، والتركيز على العنصر البشري باعتباره العمود الفقري في التنمية.
إلى جانب ذلك فقد أولى القطاع الخاص اهتمامه ساعياً إلى دعمه وتفعيل دوره ومساهمته في دفع عجلة النماء الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق التكامل بين الجهد الأهلي والحكومي.
ونحن نحتفل بمرور عشرين عاماً على تسلم خادم الحرمين الشريفين لمقاليد الأمور في المملكة وننعم بإنجازاته وما حققه لبلاده ومواطنيه خلال مسيرته الخيِّرة في خدمة بلاده وأمته لندعو الله عز وجل ان يجزيه الجزاء الأوفى وان يلبسه لباس الصحة والعافية ويحفظ وطننا وقيادتنا وأمتنا العربية والإسلامية من كل سوء.. انه سميع مجيب.. كما نسأل الله جلت قدرته ان يشد أزره بولي عهده الأمين وبسمو النائب الثاني ورجال حكومته المخلصين.. وان يوفق الجميع لكل ما يحقق مصلحة البلاد والعباد و«آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين».
* عضو مجلس منطقة القصيم
|
|
|
|
|