| الاقتصادية
اجتاحت بعض البنوك مؤخرا ظاهرة المعاملات المصرفية الاسلامية لأسباب لا تخفى على القارىء الفطن!! وفي بعض القنوات الفضائية يكون الحرص على أشده لاستخدام توقيت مكة المكرمة أو الإعلان عن وقت الصلاة!! ويحرص بعض الذين يتاجرون بالدخان بيعا أو اعلانا على استخدام الديباجة المعروفة (التدخين يضر بصحتك، ، ) كما يقدم بعض رجال المال والأعمال والباور!! التبرعات والهبات بأريحية متناهية مع أنهم لا يطيقون سماع كلمة (من أين لك هذا؟!)،
ومن المؤلم أن خلط الأعمال صالحها بطالحها أصبح قاعدة للأعمال التجارية الناجحة في هذا الزمن المقلوب!! وهذا على فكرة ليس سوى رجع الصدى للفكر الإمبريالي الامريكي المعروف الذي (يمص) دم العمال ثم يعطيهم (ملتقى عمالياً) ليصرخوا فيه (على كيفهم)، ، او تعمل من خلاله الشركات على تقديم التبرعات والهبات للمجتمع بعد ان تكون قد نهبته ونهشته الى العظم، وقد رأينا بأم أعيننا في نموذج السلوك الأمريكي انه لا توجد غضاضة في خلط الخير بالشر والأذى، ، ألم تسقط امريكا المعونات الغذائية والقنابل على رؤوس الأفغان المشردين؟
المحللون الاجتماعيون يقرنون السلوك المزدوج بوجود تناقض ما في قيم وعادات وتقاليد المجتمع اما المحللون النفسيون فيعيدونه الى الفرد بعينه الذي تلبسه حالة من انفصام الشخصية المعروفة، ، أما نحن المهتمين بالاقتصاد والأعمال فلا نقول إلا ان الشركة أو المنشأة تتأثر بالمجتمع والبيئة كما تتأثر بالفرد القائد ومثل هذه السلوكيات المزدوجة لم تنشأ حتما من فراغ ولكن من امراض اجتماعية وشخصية متأصلة فاقم من اثرها البعد المادي الذي بدأ يسيطر على سلوكيات وطموحات الافراد والمجتمعات، هناك قاعدة أزلية تقول انه عندما يخفت الايمان وتتزلزل القناعة الذاتية ينزلق الفرد ومجتمعه الى متاهات السلوك المزدوج وتدفع المنشآت او الشركات نحو خلط الأعمال خيرها مع شرها بشكل غريب وسامج، ، وكأن شيئا لم يكن!!
المضحك المبكي ان هناك من يعتقد ان الخير يطفىء الشر وأن بث إعلانات توعية عن مضار المخدرات سيعوض المسؤولية الاجتماعية التي أهدرت في مكان اخر أو أن تقديم بعض التبرعات الضئيلة سيعوض المنتجات منتهية الصلاحية التي أكلها الغافلون من البشر، ، ثم تأصلت وبشكل مقزز عمليات تلطيف الجو بالمسميات الجميلة لجعل خلط الاعمال مزجاً مروعاً من التورية والسجع والطباق وما شاكلها، فالرشوة أصبحت علاقات عامة ودخل النفاق من باب (اذكروا محاسن مو، ، ) وتحول تسويق الأعشاب المشكوك فيها الى (عطاء الطبيعة) وحلت الديون المشكوك فيها محل القروض التي نهبها الأصدقاء والمعارف!! وأصبح الربا عمولة أو أتعاباً وتحول (تنجيح) الطلاب في المدارس الاهلية وبدرجات خيالية الى (ميزة) من المزايا التسويقية التي لها مفعول السحر عند أولياء الأمور وزوجاتهم!؟ وهكذا،
وعلى مقصلة هذا الخلط المشبوه تستنزف أخلاقيات الأعمال او ما يسمى بال«Business Ethics» عيانا بيانا حتى ان الكثير من الممارسات والتجاوزات في القطاعين الخاص والعام أصبحت (حديث المجالس)، ويأتي التعقيب عليها ببرودة متناهية لأنها في هذا الزمن الأعوج تصنف كشطارة وذئبنة واحتيال مشروع، وعليه يكون المجتمع كله بطرق التربية فيه وقيمه وأعرافه ومناهجه وسواليفه و، ، الخ مسؤولاً عن الانحراف الخطير في الممارسات والمعاملات التجارية،
sunotaibi@yahoo، co
|
|
|
|
|