| شرفات
في العصور الماضية كانت الهجرة تتم غالبا من أجل البحث عن الرزق أما في القرن العشرين فأصبحت من أجل الأمن حيث شهد هذا القرن انطلاق النزعات القومية والقبلية والعرقية والطائفية فانطلقت المدافع ووقعت المذابح التي فر منها من استطاع الفرار كما شهد تفجر بعض الدول من الداخل فقاضت بمن فيها لتغرق من حولها وهرب البعض من القهر وهرب آخرون من الجوع واصطحب البعض أسرته والبعض بالكاد نجا بنفسه وشهد القرن أطفالا يتم إلقاؤهم على الحدود ليبحثوا عن أسر بديلة ونساء في العراء تسجل الوكالات الدولية وقائع اغتصابهن وتحصي عدد الأطفال غير الشرعيين لهن الخ.. والناتج الإجمالي لكل هذا كما تؤكد مؤسسة «وورلد ووتش» أنّ 75 مليون إنسان من الممكن أن يكونوا قد أجبروا على الانتقال إلى خارج دولهم أو من منازلهم داخل أوطانهم خلال السنوات الستين الأخيرة وذلك بسبب سيطرة نظام شرس على نظام شرس آخر أو حروب عرقية أو حروب خارجية وتؤكد مفوضية الأمم المتحدة لللاجئين ان نسبة الأطفال والنساء فيهم تصل إلى 80% وان اكثر من نصفهم يكادون يعيشون من دون اي حقوق إنسانية ومن دون مسكن أو أمل بالعودة ويشكل هؤلاء المهاجرون المهجرون عالما رابعا من البشرية يجوب الكرة الأرضية هربا نحو المجهول.
إننا أمام ظاهرة عامة هي الهجرات الكبرى التي تتم بالملايين وفي ظروف شديدة الخطورة وقد شملت إفريقيا وآسيا ثم امتدت إلى أوروبا أيضا وعانى منها 143 بلدا في العالم بين بلد طارد وبلد مضيف وبتحديد أكثر فإن هناك 28 بلدا أفرز كل منها مايزيد على المائة ألف في المقدمة فلسطين المحتلة 2.3 ملايين وأفغانستان 7. 2 مليون ورواندا 3. 2 مليون وليبيريا 790 ألفا الخ.. وأسباب هذه الظاهرة معروفة وواضحة فهي ناشئة اما عن انهيار الكيان السياسي أو كشف الغطاء عن الصراعات القومية أو النزاع على الأرض والهوية أو عن اجتماع هذه الأسباب كلها كحالة الاتحاد السوفييتي السابق.
ويفند تقرير اللجنة العليا للاجئين الدوليين التابعة للأمم المتحدة عمليات الهجرة والتهجير في العالم حتى مطلع عام 1999 كالتالي:
1 البوسنة: حوالي مليون استؤصلوا من أماكنهم وزرعوا في أماكن جديدة.
2 سيراليون: مليون و 600 ألف مواطن تهجروا داخل بلدهم.
3 تركيا: حوالي مليوني كردي نقلوا من مناطقهم إلى أماكن جديدة.
4 فلسطين المحتلة: أكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني غادروا أرضهم منذ الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن.
5 العراق: مليون عراقي تهجروا أو نقلوا داخليا و 800 ألف هاجروا إلى الخارج منذ حرب عام 1991.
6 إيران : 600 ألف مهاجر إلى الخارج.
7 لبنان: 700 ألف مواطن هاجروا إلى الخارج فيما تهجر داخليا حوالي نصف مليون إنسان خلال السنوات العشرين الماضية.
8 أفغانستان مليونا لاجئ أفغاني يقيمون حاليا في إيران ومليون في باكستان فيما تهجر داخليا اكثر من مليون و 200 ألف شخص.
9 أنغولا: تهجر فيها داخليا أكثر من مليون و 200 ألف شخص.
10 سيرلانكا: بدلت الحرب الداخلية فيها أماكن مليون إنسان.
11 ماينمار (بورما سابقا) مليونا مواطن هجروا داخليا.
12 أذربيجان: 500 ألف مهجر في داخلها.
13 كولومبيا: 900 ألف كولومبي نزحوا عن منازلهم بسبب العنف السياسي.
14 ليبيريا: 700 ألف منها لجأ إلى ساحل العاج بسبب الحرب.
15 قبرص: 265 ألفا انتقلوا من قطاعها التركي إلى القطاع اليوناني اثر الغزو التركي عام 1974.
16 الهند: تستضيف 300 ألف لاجئ من الدول المجاورة.
17 السودان: 4ملايين مواطن بدلوا أماكنهم كما أنه يستضيف 400 ألف لاجئ من ارتيريا.
18 أثيوبيا لديها 400 ألف لاجئ من كينيا والصومال والسودان.
19 الكونغو الديمقراطية تستضيف 320 ألف لاجئ من الدول المحيطة بها.
20 بوروندي: مليون مهجر في داخلها يتوزعون على مخيمات لاجئين.
21 الجزائر: لديها 165 ألف لاجئ من الصحراء الغربية.
22 ليبيريا: 800 ألف لاجئ مهجر سياسي من غواتيمالا.
23 نيبال: لديها 115 ألف لاجئ من التيبت وبوتان.
24 تايلاند: تضم 100 ألف لاجئ من كمبوديا ولاووس وفيتنام.
ويلاحظ ان هذه الأرقام الرسمية لاتعكس الواقع بدقة لأنها تعتمد على وسائل ومصادر رسمية في الإحصاء وعلى اعتبارات تجعلها تستبعد ملايين أخرى من البشر أجبروا على الانصهار في مجتمعات أخرى اثر موجات التقسيم والضم والاحتلال وأكبر مثال على ذلك الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال الاسرائيلي والذي لم يرد له أي ذكر في هذا التقرير.
وبشكل عام فإن قضية الهجرة واللجوء والانتقال في العالم الثالث تشكل كارثة من أخطر كوارث القرن العشرين وتضع ملايين الناس وأغلبهم من النساء والأطفال في قبضة النشاط الإجرامي المنظم بسبب ظروفهم البائسة حيث يقوم هذا النشاط الإجرامي على تهريبهم تمهيدا للاتجار بهم واستغلال ظروفهم البائسة أبشع استغلال وأبسط مثال على ذلك انتشار جرائم تهريب المهاجرين غير القانونيين الذين تستخدمهم العصابات للعمل في ألمانيا وخاصة فيما يتعلق بقطاع العمل الفندقي وأعمال البناء وكل مهاجر غير قانوني تستلم مقابله العصابات (5000) مارك ألماني لتشغيله في ألمانيا بصورة غير قانونية ومقابل أجور منخفضة جداً.
* عولمة الجريمة تتطلب تعاوناً دولياً فعلاً لمكافحتها:
وفي عصر عولمة الجريمة وعولمة الأسواق لانجد معلومات دقيقة ومحددة عن دور الجريمة المنظمة في السوق الاقتصادية ومع ذلك لانحتاج إلى البرهنة على أن الجريمة المنظمة أصبحت داخل النظام الاقتصادي الوطني والعالمي وذات تأثير كبير في سير النشاط الاقتصادي والمالي والصناعي خاصة وأنه مع انتهاء الدولة الحامية وعمليات الخصخصة وتحرير النشاط المالي والتجاري على المستوى الدولي فقد اكتمل للمنظمات الاجرامية تدويل اقتصاد اجرامي تنافسي يشكل خطراً جديا على كافة الأنظمة والمجتمعات الإنسانية.
وحسب الأمم المتحدة فإن المداخيل السنوية للمنظمات الإجرامية تزيد على 1000 مليار دولار وهذا المبلغ يوازي الناتج الوطني الخام لمجموعة بلدان ذات مدخول ضعيف يبلغ عدد سكانها 3 مليارات نسمة ويضاف إلى هذه المداخل أيضا مداخيل استثمار هذه الأموال غير المشروعة في استثمارات مشروعة والسيطرة والتي تمارسها هذه المنظمات علي وسائل الانتاج في العديد من قطاعات الاقتصاد القانوني.
وإزاء هذا كله كان من الطبيعي بل ومن الضروري جدا ان تتنادى كافة دول العالم إلى عقد اتفاقية دولية تحت مظلة الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة ولتنسيق التعاون التشريعي والقضائي والإجرائي بين كافة دول العالم في هذا المجال وكان من البديهي ان تلحق بهذه الاتفاقية بروتوكولات مستقلة تتناول مسائل حماية الأطفال والنساء المهجرين وهذا كله يعكس توجها دوليا جديا لايجاد صك دولي يتولى حماية هذه الفئات المستضعفة من البشر وتخليصها من براثن المنظمات الإجرامية وربما أعطانا إصرار هذه الدول على إبرام هذه الاتفاقية بصيصا من الأمل في ان نصل إلى غد أكثر إنسانية وليس أكثر تقنية فقط.
ويبقى حلم الإنسان في القرن الواحد والعشرين هو نفس حلم الإنسان منذ أقدم العصور أي الوصول إلى العدالة (الاجتماعية والدولية) وإذا تحقق هذا الحلم فعندها فقط سوف تختفي كل أشكال الجريمة من هذا الكوكب ولايبقى أي مبرر لوجود قوانين العقوبات. ويبقى الحلم وتبقى المتابعة والحث على هذا التعاون والاتفاقيات الدولية.
|
|
|
|
|