| العالم اليوم
لقد كشف البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب الطارىء مؤخرا في القاهرة، أن العرب ليس لديهم أية نية لمساندة الفلسطينيين في التصدي للحرب المفروضة عليهم من قبل شارون الذي يزداد دعمه السياسي والعسكري من قبل امريكا يوما بعد يوم.
فقد جدد البيان الختامي المذكور التأكيد على مواقف سابقة ومعروفة ولم يأت بشيء جديد. في حين يحفل الوضع على الساحة الفلسطينية بالكثير من التطورات والتصعيد، حيث هُدد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بعدم تمكينه من الرجوع الى الأراضي المحتلة إذا غادرها، في الوقت الذي تمارس فيه امريكا المزيد من الضغط عليه حتى يحد من نشاطات بعض الفصائل الفلسطينية ولاسيما حركتي حماس والجهاد الاسلامي، ناهيك عن تصعيد شارون للسياسة القمعية ضد الشعب الفلسطيني على كافة المستويات وبمختلف الاشكال.
فالوضع الفلسطيني عموما يعاني من أزمة لم يسبق له ان مر بها منذ سنوات طويلة، وبالرغم من ذلك لم يطرأ أي تغيير يكاد يذكر على البيان الختامي المذكور قياسا بالبيانات السابقة وما أكثرها، اذ لم يتجاوز هذا البيان المطالبة بالوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني ومقاطعة البضائع الإسرائيلية طبعا من قبل الشعوب وليس الحكومات ودعوة الفلسطينيين إلى تعزيز وحدتهم ولم ينس البيان التأكيد على ان شارون شريك غير ملائم للسلام.
ويبدو ان تدهور الموقف العربي الى هذا الحد المتواضع وعدم الاستجابة ولو بحدها الادنى للتصعيد داخل الاراضي الفلسطينية، انما جاء لضمان الإجماع العربي وتلافيا لظهور خلافات بين وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم، فالبيان أتى (كحل وسط) بين وجهة النظر السورية التي طالبت الدول العربية التي تقيم علاقات مع اسرائيل بقطع هذه العلاقات وبين وجهات النظر التي طالبت بدعم عرفات في هذه المرحلة. وبالتالي أصبحت القضية الأساسية في الاجتماع هو ان البيان يجب ان يدعم الانتفاضة التي لم يُذكر اسمها في البيان الختامي أم يدعم ياسر عرفات وانتهى الجدال المذكور الى دعم ياسر عرفات بحجة عدم التدخل في الشأن الفلسطيني والاكتفاء بالمطالبة بوحدة الصف الفلسطيني.
أما فيما يتعلق بالموقف السوري فقد انتقد البيان الختامي معتبرا أنه (لا يحقق طموحات الشارع العربي بشكل كامل) وبالرغم من ان الموقف السوري شكل السقف الأعلى للأصوات التي عبرت عن عدم رضاها على ذلك البيان إلا انه لا يمكن تحديد فيما إذا كان هذا الموقف هو لدعم الانتفاضة على حساب ياسر عرفات أم إحياء لخلافات قديمة جديدة مع عرفات.
وعلى العموم فإن علة مثل هذه الاجتماعات والمؤتمرات التي عقدت والتي سوف تنعقد أنها لا تنطلق من أن القضية الفلسطينية هي قضية عربية كلية وانها أكبر من ياسر عرفات أو اي فصيل آخر، وبالتالي لم يحاول العرب إشراك انفسهم في هذه القضية وإنما اكتفوا بالدعم من الخارج.
إن مثل هذا الموقف هو الذي سمح بظهور مواقف فلسطينية عربية متباينة حيث تركت القضية الفلسطينية لقيادة بعينها دون العمل على تقرير قضايا النضال الفلسطيني في إطار عربي جماعي ودون إرساء قواعد اجرائية تجعل التنسيق قائما بين الاطراف العربية والفلسطينية في كل لحظة ودون مشاركة عربية فاعلة في قضايا الصراع الجزئية والكلية.
وغني عن القول ان مثل تلك القواعد الإجرائية والمشاركة الجماعية الفعالة هي التي ستوقف تدهور المواقف العربية التي ترفض الدخول في دائرة المشاركة الفعالة وستنهي الابتعاد العربي المتزايد عن الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني، وستبقى الاجتماعات والمؤتمرات القادمة دون اي جدوى تذكر إذا لم تأخذ بتلك الإجراءات.
عبدالكريم العفنان دمشق الجزيرة
|
|
|
|
|