فيما أشرت في الاسبوع الماضي إلى أن البعض يرى أن السطح البيني الحالي المستخدم في اوساط الحاسوب والمعروف ب«مجاز سطح المكتب» ربما كان في بداية طريق اندثاره، لا بد من أشير ايضاً إلى أن هناك فريقاً يرى استحالة حدوث هذا الشيء على الاقل على المدى القريب لأن مثل هذا السطح أصبح جزءاً لا يتجزأ من ثقافتنا الحاسوبية والدراسات المختلفة تثبت ايضاً أنه ما من أحد يستخدم الجهاز الحاسوبي إلا وهو قادر على فتح الملفات وازالتها ومعرفة الكيفية التي تعمل من خلالها، كما أنهم يرون، والجميع يتفق على هذا الشيء، أن فكرة «مجاز سطح المكتب» كانت واحدة من ألمع الافكار في عالم الحاسوب وتطبيقها بشكل عملي على ارض الواقع قدم الكثير من الفائدة في مختلف المجالات، إلا أن مثل هذه الحقيقة لم تمنع البعض من محاولة الإتيان بما هو جديد ومن هذا الجديد مبدأ «SCOPEWARE» الذي يقوم بوضع الملفات على هيئة بطاقات على الشاشة بحيث تكون اقرب البطاقات إلى النظر أحدثها من حيث تاريخ العمل معها وفي الركن العلوي الايمن من كل بطاقة توجد ايقونة معينة تدل على نوع الملف. كما أن البطاقة تحتوي على اسم الملف اضافة إلى ما يشبه الصندوق الصغير والذي يجعلك قادرا على الحصول على فكرة مبسطة عن محتوى الملف.
ولكن السؤال الأهم الذي يحاول صاحب هذه الفكرة الاجابة عليه هو عما إذا كان في مقدور مثل هذا المبدأ مزاحمة السطح البيني المستعمل حالياً؟ في هذا الصدد يؤكد «ديفيد» على أن البرنامج تم طرحه وتقديمه كأداة تساعد في تنظيم وتصنيف الملفات والمعلومات لا كبديل لبرنامج «النوافذ» والوصول إليه يتم عن طريق المتصفح. وهو بذلك يتجنب الوقوع في اخطاء من سبقوه من قبل ممن اعتقدوا أن في مقدورهم اقناع مستخدمي الحاسب التحول إلى افكار جديدة كلياً تعتمد على التخلص مما ألفه هؤلاء الاشخاص لفترة طويلة من الزمن.
في هذا السياق، تقدم شركة Insight فكرة جديدة وفي اذهان من قام بتطويرها عرضها كخدمة تجارية تستهدف تلك الشركات التي لا مانع لديها في ان تدفع بعض المال مقابل الاستفادة من هذه الفكرة والتي يمكن لها أن تحل محل فكرة سطح المكتب الحالية ذلك ان الفكرة الجديدة و التي تم تسميتها Star Tree قابلة للاستخدام من قبل افراد شركة واحدة لعرض المعلومات على شاشات الحاسوب ومعالجتها. ولعل ما تتميز به هذه التقنية هو انها تتخذ صوراً عديدة وتعتمد على مبدأ الاستفادة من المساحة المكانية لا الوقت كأسلوب عرض لمختلف الملفات.
خذ مثلاً كيفية عرض مواقع الشبكة العنكبوتية إذ ان تقنية Star Tree تعرض الموقع الذي يقوم الشخص بزيارته وكأنه ايقونة لوحدها مع وجود ما يشبه الخطوط الاشعاعية التي تخرج بكل اتجاه من تلك الايقونة، وكل خط اشعاعي من هذه الخطوط يمثل موقعاً من المواقع المرتبطة بالموقع الرئيسي، بل إن هذه التقنية تجعلك قادراً على أن تطّلع على المواقع المرتبطة بالمواقع المتصلة بالموقع الرئيسي الذي تتم زيارته حتى أربعة مستويات من العلاقات في وقت واحد معا. ومتى ما رغب زائر الموقع في ان يجد مجموعة معينة من المواقع المرتبطة فإن كل ما عليه هو أن يقوم بتدوير الكرة الارضية الموجودة أمامه على الشاشة عبر تحريك الفارة وهو ما يجعل من هذه الفكرة امراً محبباً من الناحية الشكلية في كيفية ترتيب المعلومات المتوافرة على الشاشة واستكشاف العلاقات التي تربط بين مختلف الملفات التي تم تخزينها على القرص الصلب الخاص بالجهاز الحاسوبي.
ومع أن الفكرة التي تقوم عليها هذه التقنية تبدو جذابة فإن كثيراً من المعوقات تقف في طريقها وفي وجه انتشارها بشكل يعترف معه اصحاب هذه الفكرة أن اقصى طموحاتهم أن تتبنى شركة «مايكروسوفت» هذه التقنية وتدرجها ضمن برنامج «النوافذ» الشهير كطريق مضمون للانتشار، وهم لا يشعرون ابداً بالخجل في أن يكشفوا عن انهم يحلمون بمكالمة هاتفية من شركة «مايكروسوفت» تطلب فيها معلومات اكثر عن «Star Tree»، ذلك أن «مايكروسوفت» نفسها صاحبة اهتمام ملحوظ بأية افكار جديدة من شأنها أن تتغلب على تلك المشاكل المصاحبة لاستخدام «مجاز سطح المكتب» الحالية، بل إن هذا العملاق التقني كان واحداً من اوائل الذين قاموا بادخال اشكال تنظيمية جديدة بشكل دائم رغم أن ذلك يتسبب في خسائر كثيرة، غير أن محاولاتها حتى الآن مكتوب لها أن تفشل دوماً فهناك «بوب» الذي تم تقديمه عام «1995» والذي قام على اساس استعمال ما يشبه غرفة المعيشة المزودة بمرشد تقني يشبه شخصيات افلام الكارتون لمساعدة مستخدمي جهاز الحاسوب على التجول داخل انظمة ذلك الجهاز، ولكن هذه الفكرة سرعان ما اصابها الفشل الذريع، غير أنها تجربة حاولت شركة «مايكروسوفت» جاهدة أن تستفيد من اخطائها وهو ما يتمثل في استمرار وجود المساعد التقني المسمى «clippy» والذي يحاول تقديم العون في تطبيقات مختلفة كما أنه يمثل بالنسبة للباحثين في شركة مايكروسوفت اللبنات الاولى في مشروع «السطح البيني الذكي» الذي يقوم على اساس أن جهاز الحاسوب يتمتع بالقدرة على تحسس ما يحتاجه مستخدم الجهاز ويقدم له الحل، أو بمعنى آخر «سطح بيني» متغير على اساس ما يحاول مستخدم الجهاز الحاسوبي القيام به بشكل اشبه ما يكون بالمساعد الشخصي الذي يدوّن الكثير من الملاحظات عن طريقة عمل مديره.
هذا التركيز على عنصر الذكاء في الاسطح البينية المستقبلية ليس إلا جزءاً من محاولات أعم وأشمل هدفها تصميمات جديدة ومرنة تخدم احتياجات القابعين خلف شاشات الحاسوب ومن تلك المحاولات الاستفادة من تقنية التصميمات أو الرسومات ثلاثية الأبعاد والتي ستكون محور الحديث في الجزء الثالث من هذه السلسلة.
|