كنت قد أشرت في زاوية الاسبوع الماضي الى ان الحجم الهائل للسوق الاعلانية عبر الشبكة العنكبوتية ومردودها الكبير عبر اكثر الطرق اقتصادية وأعلاها فاعلية مقارنة بالطرق الاعلانية التقليدية يلعبان دوراً كبيراً في ان تعمد الشركات المعلنة الى تقديم مختلف انواع الدعم، خصوصاً المادي لأية تقنيات جديدة تفرض وصول الاعلان الى مستخدمي الانترنت بمختلف مشاربهم. في هذا السياق لابد من التعريج على حلقة جديدة في فصول الصراع المستمر الذي يدور بين شركات تريد فرض الاعلانات وأخرى تستفيد مادياً عبر تقديم برامج منع ظهور الاعلانات، ويتمثل ذلك في برنامج adkey الذي تم تصميمه بحيث يكون قادراً على التعرف على مستخدمي الانترنت الذين يستعملون برامج منع ظهور الاعلانات ومن ثم يمنعهم من الدخول إلى الموقع الذي يرغبون في زيارته، أي انه يتم معاقبتهم لعدم تركهم الإعلان يظهر على الشاشة بحرمانهم من الوصول الى الموقع وبالتالي فإنه مامن خيار امام متصفح الانترنت غير ان يسمح للاعلان بالتربع على شاشته متى ما اراد الاستمتاع بصفحته المفضلة!
لماذا هذا الاصرار على فرض الاعلانات والتأكد من انه يتم قراءتها من قبل اكبر عدد ممكن من مستخدمي الانترنت؟ الجواب يتمثل في الكثير من التقارير التي توضح ان عدد الاشرطة الاعلانية التي يتم النقر عليها والاطلاع على محتواها لايتعدى 1% من مجموع الاشرطة التي يتم ارسالها الى الانترنت، والتركيز على الاشرطة الاعلانية له مغزاه إذ إنها تمثل مانسبته 60% من مختلف انواع اعلانات الانترنت، الا ان هذه الشركات تدرك ان نسبة النقر على الاشرطة الاعلانية في تناقص واضح اضافة الى انه على الرغم من الايجابيات المتوافرة عبر هذه الاشرطة كجذب انتباه من يتصفح الانترنت وسهولة التحكم في محتواها وتصميمها، الا ان هناك العديد من السلبيات وأولها التسبب في انزعاج المتصفح، كما ان العديد من الوسائل المستخدمة في تصميم اعلانات الانترنت وطريقة تقديمها هي نفسها المستعملة في الاعلانات التقليدية.
وفوق ذلك كله فإن حجم الاشرطة الاعلانية يفرض قيوداً معينة على من يقومون بتصميمها إذ إنه يتعين عليهم الاخذ في اعتبارهم ضرورة ملء الشريط بالكثير من الارقام والحقائق والصور وهو ما يجيء كنوع من التقييد المُربك لهم.
كل ما سبق من العوامل فرض نوعاً جديداً من التفكير المستقبلي للكيفية التي يجب من خلالها ادراج الاعلانات، أياً كان شكلها، ضمن إطار الشبكة العنكبوتية، ذلك أن الاعلانات ستظل شريان حياة اساسياً للإنترنت إذ إن هذه الاعلانات توفر المال الذي يدفع تكاليف تصميم الصفحات وتطويرها، وما لم يتم ايجاد مصدر مستمر لمثل هذا المال فإنه سيتعين على متصفحي الإنترنت دفع التكلفة إن لم يكونوا قادرين على غض الطرف عن ازعاج الحملات الاعلانية.
هنا يبرز اسم شركة (Amazon.com) كواحدة من اوائل الشركات التي حاولت تبني فكرة جديدة في التسويق الاعلاني تتمثل فيما يُعرف ب(Affiliate Marketing) وهي تقنية تسمح لمختلف اصحاب المواقع ومديريها بأن يضعوا الاعلانات التي يرغبون بها في اي مكان ومن دون تدخل الشركات الاعلانية. والفكرة تستند إلى اساس الدفع لأصحاب المواقع التي عبرها قام زبون او مجموعة من الزبائن بزيارة موقع الشركة والابتياع منها، اي انه يتم مكافأة صاحب الموقع لأنه كان السبب في تعريف الزبائن بشركة ما عندما قام بالإعلان عنها عبر موقعه، وهكذا فإن موقع Amazon.com يسمح لأي صاحب موقع أن يقدم إعلاناً عن اي من محتويات متجر «Amazon» وتتم مكافأته حالما يقوم شخص ما بزيارة ذلك الموقع حتى ولو لم يقم بابتياع اي شيء.هذه التقنية الجديدة تأتي على اشكال عديدة وأنواع مختلفة ولا تقتصر على بيع منتج ما بل وتقدم الكثير من المعلومات عنه والمقالات التي تم نشرها بهذا الخصوص، وهي تقنية تقدّم خيارات واسعة امام صاحب الموقع تحديداً، كما انها تقنية تتمتع بدرجة عالية من السهولة وبساطة التحكم في كيفية إدارة الاعلانات وطريقة تقديمها.
|